الوطن

جزائريون يبحثون عن العلاج، النجاح والثروة عن طريق "الطاقة"؟!

عبر مراكز التنمية البشرية التي تشهد إقبالا وانتشارا واسعا السنوات الأخيرة

دورات تدريبية بالملايين وتنافس محموم بين مراكز التنمية وعيادات الطب النفسي

مراكز تنمية بشرية بالأحياء الشعبية والزبائن... شباب مدمن وحراڤة

 

لم يعد الإقبال على مراكز التنمية البشرية التي انتشرت في الجزائر السنوات الأخيرة مقتصرا على فئة المثقفين أو خريجي الجامعات فقط، فالانتشار الواسع لهذه المراكز جعلها قبلة لمواطنين عاديين تسببت لهم الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية في اضطرابات نفسية، ويبحثون عن النجاح والاستقرار من خلال العلاج بالطاقة، غير أن المشكل هو غياب الإطار القانوني الذي يسير هذه المراكز، ما جعل أغلبها تبيع "الوهم" للجزائريين وتمارس الاحتيال تحت مسمى "العلاج بالطاقة الحيوية".

 

مراكز تنمية بشرية بالأحياء الشعبية والزبائن... شباب مدمن وحراڤة

 

وقد شدّت دورات التنمية البشرية، التي تقترحها مراكز باتت منتشرة حتى داخل الأحياء الشعبية، انتباه الجزائريين من مختلف الشرائح، حيث أكد عدد من مسيري هذه المراكز في العاصمة، لـ"الرائد"، أن زبائنهم من مختلف الشرائح والأعمار، ويأتيهم عادة مرضى نفسيون يعانون من ضغوطات اجتماعية واقتصادية وشباب أقدموا على الانتحار وآخرون حاولوا الحرڤة أكثر من مرة.

 وتقدم هذه المراكز، حسب مسيريها، دورات تدريبية وندوات تساعد على مواجهة الواقع، من خلال إعادة النظر في حياة كل فرد وترتيب أولوياته، بالإضافة إلى برامج لفهم الذات والتخطيط للمستقبل. كما تقدم هذه المراكز دورات للتدريب الأسري ودورات عن الزواج وعن تربية الأبناء وبرامج لزيادة الذكاء. 

بالمقابل، تعرض هذه الدورات برامج علاجية لمختلف الإضرابات النفسية وحتى العضوية، حيث يكون العلاج بالطاقة الحيوية، والذي يبدو غريبا، لكونه لا يشتمل على عقاقير أو أدوية، ويعتمد أساسا على برمجة نفسية وعصبية، من خلال معرفة الطاقة الإيجابية والسلبية في نفس كل فرد. 

والغريب أن مدربي التنمية البشرية ومعالجي الطاقة، سواء في الجزائر أو باقي البلدان العربية، يتكلمون عن حلول ناجعة لكل الأمراض، بما فيها الأمراض التي استعصى الطب الحديث في علاجها، وهو ما جعل البعض ينتقد عمل هذه المراكز ويصفها أنها تبيع "الوهم".

 

دورات تدريبية بالملايين وتنافس محموم بين مراكز التنمية وعيادات الطب النفسي

 

من جانب آخر، فإن الأسعار التي تضعها هذه المراكز التنموية تعد خيالية، حيث تكلف دورة تدريبية لا تتجاوز مدتها اليوميين مبلغا في حدود الثلاثة ملايين سنتيم، وهناك دورات مطولة تصل فيها الأسعار إلى عشرة ملايين سنتيم، في حين ترتفع الأسعار إذا تعلق الأمر بالجلسات العلاجية. 

فجلسة علاجية واحدة بالطاقة أو الوخز بالإبر لا تتعدى الساعة والنصف تكلف في حدود الـ6 آلاف دينار جزائري، وهو ثلاثة أضعاف ما يتقاضاه الأطباء النفسيون في كل جلسة، وهو ما خلق حربا خفية ومنافسة غير شرعية بين عيادات الطب النفسي ومراكز التنمية البشرية في الجزائر، خاصة وأن هذه الأخيرة تنشط دون إطار قانوني وتعمل بسجل تجاري دون اعتماد لا من وزارة التعليم العالي ولا من وزارة الصحة، والوثيقة الوحيدة التي تعمل بها هي من وزارة التجارة، وهو ما جعل الأطباء النفسانيين وعلماء النفس والاجتماع يعتبرون التكوينات والتخصصات والجلسات العلاجية التي تقدمها هذه المراكز مجرد "تجارة" تدر المال على أصحابها، واحتيالا مقننا يتعرض له زبائن هذه المراكز، خاصة أن المدربين في هذه المراكز ليس لهم أي علاقة بعلم النفس وليس لهم أي شهادات من الجامعة، وإنما تلقوا هم بدورهم تكوينا في التنمية البشرية ويقومون باستنساخ ما تعلموه خلال هذه التكوينات ويلقنونها لمتدربين جدد.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن