الوطن

خلل في منظومة التكوين المهني وراء نقص اليد العاملة في عدّة قطاعات؟!

رغم حديث الوزارة الوصية عن آلاف الخريجين في كل دورة

سراي: الحكومة مطالبة بتحيين منظومة التكوين في القوانين والتخصصات

بوجمعة: منظومة التكوين متصلة بالاقتصاد اتصالا إداريا فقط

 

دعا، أمس، خبراء اقتصاديون الحكومة إلى تحيين دوري لتخصصات التكوين المهني، حيث أشار هؤلاء أن الوزارة الوصية دائما ما تتحدث عن عدد المتخرجين من التكوين المهني والتمهين كل سنة، في وقت تعاني أغلب القطاعات نقصا في اليد العاملة المؤهلة، وهو ما عرقل الاستثمار الوطني والأجنبي.

واعتبر عدد من الخبراء أن وزارة التكوين المهني والتمهين لم تتمكن، إلى غاية الآن، من جعل التكوين في خدمة الاستثمار والاقتصاد ككل، بدليل الشكاوى التي دائما ما يطلقها المستثمرون المحليون أو الأجانب بشأن قلة اليد العاملة المؤهلة في عدد من القطاعات. فبعض الاستثمارات التي فتحت لها الحكومة المجال للبروز في السنوات الأخيرة، على غرار الاستثمارات المتعلقة بقطاع تركيب السيارات، لم تتمكن من إيجاد العمالة المؤهلة بسبب غياب التكوينات التي تتماشى. وهذه القطاعات، بالإضافة إلى قطاعات أخرى كقطاعات الصناعات الغذائية. 

واقترح الخبراء أن تستغل الحكومة تواجد مستثمرين أجانب في الساحة الاقتصادية يملكون التكنولوجيا ومفاتيح الخبرة في عدد من القطاعات من أجل الاستفادة من تجربتهم في تكوين جيل من اليد العاملة في المجالات التي تعاني نقصا، معتبرين أنه من غير المجدي الحديث عن منظومة تكوينية تخرج الآلاف من المكونين كل دورة دون أن تكون لهذه التكوينات أي فائدة اقتصادية.

 

سراي: على الحكومة تحيين منظومة التكوين سواء تعلق الأمر بالتخصصات أو القوانين

 

وعن الموضوع، قال الخبير الاقتصادي مبارك عبد المالك سراي، في تصريح لـ"الرائد"، أنه رغم الأرقام والإحصائيات المشجعة التي تتحدث عنها وزارة التكوين المهني والتمهين بشأن عدد المتخرجين كل دورة وعدد أولئك الذين وجهوا إلى عالم الشغل، إلا أن شكاوى المستثمرين خاصة في عدد من القطاعات من غياب يد عاملة مؤهلة يكشف وجود خلل في منظومة التكوين المهني، سواء تعلق الأمر بتخصصات أو بقوانين تسيير التكوين المهني. وقال سراي أن الحكومة أغلقت على الخواص مجال التكوين المتخصص، فأغلب المدارس الخاصة التي تضمن تكوينات في عدد من القطاعات هي غير معتمدة من الدولة، والشهادات التي تمنحها غير معترف بها، في حين أن المعاهد التابعة للوزارة لا تزال تعرض تخصصات قديمة وسوق العمل يعرف منها تشبعا كبيرا، مضيفا أن التخصصات الجديدة التي تطرحها المعاهد ومراكز التكوين تبقى غير كافية لتغطية الطلب في القطاعات التي تحتاج لعمالة مؤهلة. وأشار سراي أنه في قطاع تركيب السيارات، على سبيل المثال، فإن الحكومة فتحت المجال للاستثمار في هذا القطاع لأكثر من علامة للسيارات في العالم، غير أن المستثمرين الأجانب اصطدموا بمشكل التكوين أو اليد العاملة المؤهلة، لأنه لم تستبق الحكومة فتح هذا المجال بإدراج تخصص تركيب السيارات في مراكز التكوين وهذا خطأ كبير، مضيفا أن أغلب مصانع تركيب السيارات تسير من الأجانب وما يقوم به العمال الجزائريون شيء بسيط ويكون بإشراف العمال الأجانب الذين يتقاضون أربعة أضعاف ما يتقاضاه الجزائري، بينما كان من الممكن الاستفادة من خبرة وتجربة هؤلاء الأجانب في تكوين جيل من العمال المؤهلين عن طريق اتفاقيات تربط مراكز التكوين بكبرى مصانع السيارات في العالم أو مراكز تكوين عالمية متخصصة. 

وألح سراي على ضرورة أن تعيد الحكومة النظر في منظومة التكوين المهني بطريقة تكون هذه الأخيرة في خدمة الاقتصاد وسوق الشغل، معتبرا أن ذلك يتم من خلال تحيين قائمة التكوينات وتحيين القوانين التي تحكم هذه المنظومة ككل.

 

بوجمعة: منظومة التكوين متصلة بالاقتصاد اتصالا إداريا فقط

 

من جهته، قال الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة الجزائر، رشيد بوجمعة، لـ"الرائد"، أن ربط التكوين المهني بالشبكة الاقتصادية ضرورة قصوى، مشيرا أن منظومة التكوين متصلة بالاقتصاد لكنه اتصال إداري لا يعكس الحاجة الاقتصادية الملحة. وأضاف بوجمعة "إذا أردنا أن يعمل شبابنا في مصانع السيارات والمواد الغذائية والصناعات المختلفة التي تقام هنا وهناك في الجزائر، لابدّ أن ننسق مع المصانع حول الاحتياجات، وأفضل الطرق للتكوين مع توفير قوائم المكونين لأكبر الشركاء الاقتصاديين عموميين وخواص، لأنّ هؤلاء الشركاء يمكنهم أن يوفروا مكونين لليد العاملة". 

وأكد المتحدث أن منظومة التكوين المهني لا تزال تكافح كي تستجيب لتطلعات الحكومة، ما يفرض وضعها في السكة التي ينبغي أن تكون فيها، معتبرا أن التكوين المهني هو نوع من أنواع الاستثمار الرابح الذي ننفق اليوم فيه ميزانية قد تعود علينا عشرة أضعاف إن عرفنا استغلال المنظومة التكوينية لصالح الاقتصاد. 

واقترح بوجمعة أن ترخص الوزارة بما يعرف بالتكوين حسب الطلب حتى لا نقع في فخ تشبع السوق من التكوينات، مضيفا مثلا عندما يكون هناك مستثمر نريد إقناعه بضرورة التواجد في السوق، فإنه من الأحسن أن نقترح عليه تكوين مجموعة من اليد العاملة في المجال الذي يريد العمل فيه مقابل أن يتعهد بتوظيف هذه اليد العاملة.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن