الثقافي

"السعداء جدا" الجزائري في أيام بيروت السينمائية اليوم

يقدم تساؤلات جيل حطمته العشرية السوداء

يشارك الفيلم الجزائري “السعداء جدا” في “أيام بيروت السينمائية” -المهرجان المختصّ بالأفلام العربية المستقلّة-الذي ينطلق اليوم ويستمر حتى 25 مارس الجاري، إلى جانب كل من: “على كفّ عفريت” للتونسية كوثر بن هنيّة، و«بانوبتيك” للّبنانية رنا عيد، و«واجب” للفلسطينية آن ـ ماري جاسر وغيرها.

يلتزم “السُعداء جدا” بوحدة الزمان والمكان: ساعات قليلة في نهارٍ حافل بأحداث وحكايات وانكشافات، في الجزائر العاصمة. خراب “العشرية السوداء” (26 ديسبمر1991 ـ 8 فيفري 2002) في البلد ماثلٌ في يوميات الناس وذاكرتهم، رغم مرور أعوام على انتهائها (2008). لكن النهاية لم تُحقِّق المطلوب، لأن الجرح غير مندمل، والذاكرة مغلقة على أسئلة محتاجة إلى إجابات، والعلاقات متوترة، والنزاع بين الأجيال (الأهل والأبناء تحديدا) ساخن، وإنْ يبقى غليانه مبطّنًا، وانكشافه ملعونًا.

الساعات القليلة كافية، دراميا وبصريا، لكشف ذواتٍ مضطربة وقلقة. يُمكن اعتبار الفيلم -في جانبٍ منه-قراءة لنزاعٍ حاصل بين جيلين، بعد النهاية الملتبسة والمعلّقة لحرب دامية، بين سلطة قامعة وجهاديين مسلّحين. بعض الجيل الجديد منجذب إلى الدين، كشخصية رضا (آدام بيسا)، صديق فهيم (أمين لنصاري)، لكن القلق باد في السؤال عن مصير هذا البعض في علاقته بالتشدد. بعض آخر في الجيل نفسه راغب في هجرة (فهيم نفسه، وإنْ بتردد، لشدّة ارتباكه وضياعه)، أو في حرية وعيشٍ متفلـّتين من قيد متزمت، كفريال (لينا خضري)، لكن القلق باد في كيفية بلوغ حالة كهذه في بلد، نزيفه مستمر.

الجيل الأقدم، المتمثّل بالوالدين تحديدًا ـ سمير (سامي بوعجيلة) وآمال (ناديا قاسي) ـ ومعارف لهما، يحاول خروجا آمنا من خراب عميق. بعضه الأول مصاب بفقدان قاس (مقتل زوجة وابنة)، وبعضه الثاني عاجز عن الخروج من أسر خانق له جراء توهانه بين ماض وحاضر مرتبكين. وبعضه الثالث يلملم جرحا، أو ربما يتوهم ذلك، فإذا بجرح آخر يُفتَح.

3 أفلام روائية طويلة أخرى تغوص في أعماق الاجتماع والأفراد والذاكرة والتاريخ والجغرافيا. مع كوثر بن هنيّة، تخترق مريم محرّمات متَوَارَثة من حقبة التشدّد السياسي والأمني في تونس ما قبل “ثورة الياسمين”، كي تقول حقًّا لها في عدالة وعيش وسلام. مع آن ماري جاسر، يتعرى الأب والابن معا، في استعادتهما أحوالا ماضية عن عائلة وبيئة وعلاقة معقّدة مع محتل، في محاولة سينمائية جميلة لسرد مقتطفات من يوميات مدينة (الناصرة)، بما فيها من سلوك تربوي واجتماعي وثقافة عيش وحياة. ومع صوفيا جامة، يظهر التشريح بصريا بلغة سلسة، تنبثق من وجعٍ ورغبة في خلاصٍ.

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي