الوطن

غلاء الأسواق لم يوقف التبذير عند الجزائريين

العديد منهم لم يتأقلموا مع وضع الأسواق الحالي وما زالوا يستهلكون بنفس العقلية

حريز: التبذير أكبر إرهاق للقدرة الشرائية

 

لم يؤثر الغلاء الذي أصاب الأسواق منذ بداية السنة وطال جميع المنتجات، في السلوكيات الاستهلاكية للجزائريين، حيث لا تزال مظاهر التبذير موجودة ولا يزال السلوك الاستهلاكي لأغلب المواطنين يتسم باللهفة، خاصة عند المناسبات أو عند الأزمات التي تصيب الأسواق، وهو ما يعمق عادة من هذه الأزمات ويخلق ندرة في العديد من المواد.

لم يتمكن العديد من الجزائريين من التأقلم مع وضع الأسواق الحالي، والذي يتميز بغلاء مس جميع المنتجات وندرة طالت المواد المستوردة، حيث لا يزال الجزائريون غير قادرين على التوفيق بين ميزانياتهم وبين ما يستهلكونه، بسبب عدم تحليهم بثقافة استهلاكية إيجابية. فرغم الغلاء الذي مس كل المنتجات، لا يزال التبذير موجودا ولا يزال الجزائريون يلقون في القمامة نصف ما يقتنونه من الأسواق، ولم تتمكن دعوات جمعيات حماية المستهلك والحملات التحسيسية لوزارة التجارة ومديرياتها، والتي تقام بين الفترة والأخرى، في بناء سلوك متوازن عند معظم الجزائريين الذين ما زالوا يسيرون بعقلية البحبوحة المالية، رغم أن هناك عددا منهم من أصبح مرغما على ترشيد نفقاته وتجنب كل ما هو غير ضروري، إلا أن السواد الأعظم من المواطنين ما زالوا يسيرون بنفس العقلية الاستهلاكية، ويظهر ذلك عادة في المناسبات الدينية وحتى عند الأزمات. 

فأزمة الحليب مثلا عادة ما تظهر لهفة زائدة عند المواطنين إلى درجة تم تحميل سلوك اللهفة هذا مسؤولية الندرة في أكياس الحليب المدعم، فكل مواطن يقتني من 3 إلى خمسة أكياس يوميا رغم أن استهلاكه اليومي قد لا يتجاوز الكيس الواحد. من جانب آخر، تظهر مظاهر التبذير عند الجزائريين والسلوك الاستهلاكي السلبي في مادة الخبز أيضا، حيث لا يزال الجزائريون يرمون أطنانا من الخبز يوميا. 

فحسب إحصائيات لمؤسسة نات كوم لتسيير النفايات، فإن الجزائريين يرمون أكثر من مليوني خبزة يوميا عبر الوطن، وهو ما يمثل استنزافا للخزينة العمومية التي تدعم هذه المادة وكذا استنزافا للموارد المالية للأسرة الواحدة. 

وتتخوف جمعيات حماية المستهلك من تزايد حجم التبذير خلال شهر رمضان الذي يفصلنا عنه أقل من شهرين، حيث تتضاعف مظاهر التبذير عادة في هذا الشهر ويصل تبذير الخبز على سبيل المثال إلى حدود قصوى، حيث يبذر الجزائريون حوالي 6 ملايين خبزة يوميا ترمى في المزابل. وعليه فقد بدأت الجمعيات الناشطة في هذا المجال في حملات تحسيسية منذ الآن من أجل توعية المواطن بضرورة التحلي بسلوك استهلاكي إيجابي، خاصة وأن التبذير مع الغلاء الموجود حاليا في الأسواق قد يساهمان في إضعاف القدرة الشرائية للجزائريين أكثر.

 

حريز: التبذير أكبر إرهاق للقدرة الشرائية

 

وفي هذا الصدد، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك، زكي حريز، لـ"الرائد"، أمس، أن السلوك الاستهلاكي للجزائريين تحسن في السنتين الأخيرتين نوعا ما، مقارنة مع السنوات الماضية، غير أن ذلك لا يعني أن مظاهر التبذير اختفت، حيث أكد حريز أنه رغم غلاء الأسعار لا يزال الجزائريون يبذرون نصف المنتجات التي يقتنونها من الأسواق. وقال حريز أن التبذير عادة ما يطال بشكل أساسي المواد المدعمة من حليب وخبز، مشيرا أن هذه الظاهرة تتضاعف وتصل إلى مستويات قصوى خلال المناسبات الدينية، من أهمها شهر رمضان وخلال فصل الصيف أيضا، باعتبار أن هذا الفصل يساهم في التلف السريع للعديد من المواد، وبالتالي رميها. 

وقال ذات المتحدث أن استمرار مظاهر التبذير عند الجزائريين يمثل إرهاقا لقدرتهم الشرائية التي تراجعت بأكثر من 30 بالمائة منذ بداية السنة، مشيرا أن وزارة التجارة والجمعيات النشطة في مجال حماية المستهلك أمامها مسؤولية كبيرة من أجل التحسيس بمخاطر وأضرار التبذير، سواء بالنسبة للفرد أو للاقتصاد الوطني، في حين اعتبر حريز أن جمعيته ستدشن منذ الآن حملة تحسيسية لتقليل التبذير في شهر رمضان، خاصة تبذير الخبز، معتبرا أنه خلال الشهر الكريم تتضاعف مظاهر التبذير، وهو ما لا يتماشى مع قيم الشهر ولا مع وضعية العديد من الأسر الجزائرية.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن