الثقافي
راشدي: السينما الجزائرية نجحت في أوروبا وأميركا اللاتينية وأخفقت في الوطن العربي
قال بأن الأعمال المشتركة مدخل السينما الجزائرية للانطلاق
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 18 مارس 2018
حاول المخرج أحمد راشدي صاحب التجربة السينمائية التي تخطت الخمسين عاما، أن يقدم رؤية تقييمية لمستقبل الفن السابع في الجزائر، ضمن حوار أجرته معه مجلة "العرب"، أكد فيه أن العطاء والوصول إلى الآخر لا تقف أمامهما عوائق اللغة، أو بالأحرى اللهجة، بعد تزايد الاتهامات الموجهة إلى السينما الجزائرية وصعوبة انطلاقها خارج الحدود، وكثيرا ما يحتفي صناع السينما بتجربة راشدي، لأنه لا يزال مصرّا على عبور الفن الجزائري إلى المشاهد العربي.
أكد أحمد راشدي أن السينما في بلاده نجحت في تحقيق جماهيرية لها في أوروبا وأمريكا اللاتينية، لكنها أخفقت كثيرا في محيط الوطن العربي.
وقال إن هناك محاولات كثيرة من قبل صناع السينما لتجاوز حاجز اللهجة وتحدثوا عن إمكانية توصيل رسائل أفلامهم باللغة التي تريدها الدول الأخرى، لكنهم لم يتمكنوا من النجاح بشكل جيد، لافتا إلى أن الوصول إلى نتيجة في هذا الشأن، يأتي من رحم تقديم أعمال مشتركة بين الدول العربية، لأنه من الممكن توظيف فنانين وقضايا تهم المنطقة.
ورأى راشدي أن تجربته في فيلم "طاحونة السيد فابر" نموذجية، لأنه تجاوز فيها مشكلة اللهجة وقدّم خلالها فنانين، مثل المصري الراحل عبد المنعم مدبولي والفنان عزت العلايلي، وهو ما يفتح سوقا كبيرا ومجالا للتعاون والاستفادة من الطاقات العربية الموجودة.
وأشار إلى عدم وجود ما يسمّى بمصطلح "السينما العربية" بحق، بل توجد فقط تصنيفات للأفلام بحسب دولها، مثل القول بفيلم عراقي وسوري ومصري، مرجعا أزمة السينما في الدول العربية إلى التمويل بشكل رئيسي.
ورغم كثرة القضايا المعاصرة التي تناقشها السينما الجزائرية ومشاركتها في العديد من المهرجانات الدولية، إلاّ أنها لا تزال بعيدة عن المشهد السينمائي العربي، لأن إشكالية اللهجة تمثل عائقا أحبط محاولات وصولها إلى المشاهد العربي. لكن المخرج الجزائري أحمد راشدي نجح نسبيا في تجاوز هذه المسألة لامتلاكه وصفة مختلفة عن غيره من مخرجي بلده، ما جعله يحتفظ بمكانة خاصة في وجدان المواطن العربي الذي أقبل على أفلامه.
وعن حال السينما الجزائرية، قال "تدعم الحكومة الجزائرية السينما وأفلامها بصورة مادية، لكن لا يزال الحضور محصورا في الداخل، ولا بد من وجود إرادة كبيرة كي نتخطى الأزمة".
ونوّه أحمد راشدي إلى أن أوروبا قامت بحل أزمة التوزيع وسط طغيان الفيلم الأمريكي على المشهد، وأصدر الاتحاد الأوروبي ما يسمى بـ "الاستثناء الثقافي" الذي ألزم كل تلفزيونات أوروبا بتخصيص 40 بالمائة من عروضها لدعم السينما الأوروبية، وهو ما أدى إلى زيادة إنتاج السينما الفرنسية مثلا من 35 فيلما في العام إلى 200 فيلم، وأصبح السوق واسعا.
وأضاف "نحن لدينا كعرب ما يزيد عن ألف قناة، وطالبنا بأن يخصصوا 1 بالمائة منها للأفلام العربية، وهذا يكفي لازدهار السينما العربية بشكل عام، ويضاعف الإنتاج ليصل إلى 500 فيلم بدلا من 150 فقط الآن على مستوى الدول العربية، وهي طريقة تُثمر توفير فرص أعظم لتشغيل الإنتاج ولوازمه والفنانين، وبالفعل تمّت مخاطبة جامعة الدول العربية في هذا الشأن لإصدار قرار مشابه للقرار الأوروبي، لكن لم نتلق ردا عمليا".
وعلى مدار رحلة راشدي السينمائية قدّم عددا من الأفلام التي تؤرخ لهذا الحدث، مثل "مسيرة شعب"، "فجر المعذبون"، "تحيا الجزائر"، و"انتهت الحرب" و"كريم بلقاسمي"، وحول هذه القضية يقول "أنا مهتم بالذكرى"، وهكذا يفسر اهتمامه بالثورة في أعماله، مضيفا "هناك ما يقرب من خمسة أو ستة أجيال تمّ محوها من الذاكرة، وحاول الاستعمار الفرنسي مسح كل الجوانب التي تدل على هويتنا وثقافتنا العربية، كمنع اللغة حتى أصبحنا نتحدث الفرنسية".
وأوضح "واجبي الربط بين الأجيال، خصوصا تلك التي حرّرت الجزائر، فلا بد أن يعرف الشباب معنى التضحية وليس معنى الاستقلال، ويكون لدينا حس مقاوم حتى نزيح كل محاولات مسح الهوية".
وطالب راشدي بضرورة أن يكون الفنان حرا، لأن السينما عكس ما يقال ليست مهمتها كتابة التاريخ، بل هي تقليد الواقع، ولا بد أن يكون المجال مفتوحا للخروج بنوعيات مختلفة من الأفلام العاطفية والسياسية وغيرها، وهو ما يبني المجتمع ويجعله متناسقا.
وأثمرت الأعوام الأخيرة في السينما الجزائرية الكثير من التجارب النسائية الناجحة، ووصل بعضها إلى مرتبة متوازية مع مخرجين رجال، ووصف راشدي حركة المخرجات الجزائريات بأنها عملية جيدة، وتمنح فرصة أكبر للاهتمام بقضايا المرأة، وتعبّر عن نوايا حسنة قد تصعد بالمرأة إلى جميع جوانب العمل السينمائي، وتتصدّر المرأة المشهد أمام وخلف الكاميرا من خلال العمل كمديرة صوت وإنتاج وتصوير.
وفي رده على سؤال عما تحتاجه صناعة الفيلم المرشح للأوسكار من مواصفات معينة، وهل يخطط صانعه لذلك خلال عمله عليه، بصفته منتج الفيلم العربي الوحيد الحاصل على جائزة أوسكار عن فيلم "زِد" عام 1969؟، وفي معرض رده قال: "ليس بالضرورة أن يكون ذلك في خطة عمل المخرج، لكن لا بد أن تكون هناك أصالة في هوية العمل الذي يقدّمه، ويعبّر عن قضايا محلية وإنسانية بصيغة مقبولة وقابلة للمنافسة مع غيرها من الأفلام، وأحيانا يكون أوسكار الجمهور أكبر من معنى الجائزة ذاتها، وهو ما يهمني أنا كمخرج عربي وأشعر بالفخر حين يثني أي شخص على أعمالي".
مريم. ع