الوطن

المستهلك الجزائري... وضعية تتدهور وأدنى حقوقه مهضومة!

حتى حق معرفة الأسعار غير مضمون عند بعضهم في الجزائر

منع الاستيراد يجعل المستهلك الجزائري عرضة للاحتيال

 

لم تشهد وضعية المستهلكين الجزائريين، في السنتين الأخيرتين، سوى مزيد من التدهور، فرغم وجود العديد من الجمعيات التي باتت تطرح انشغالات هؤلاء في كل مناسبة، إلا أن ذلك لم يستطع حماية حتى الحقوق الأولى للمستهلكين، فحتى حق معرفة الأسعار كـ"أضعف الإيمان" غير مضمون للمستهلك الجزائري رغم المراسيم والقوانين.

يتزامن الاحتفال باليوم العالمي لحقوق المستهلك اليوم، والجدل القائم حول تدني القدرة الشرائية للمواطن الجزائري ومدى قدرته على مجابهة الزيادات الكبيرة في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات التي يقابلها غياب أو جهل تام للمستهلك الجزائري بحقوقه الثمانية التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة منذ العام 1985. 

وتحتفل الجزائر كباقي دول العالم باليوم العالمي لحقوق المستهلك اليوم المصادف لـ 15 مارس، بالندوات والحملات التحسيسية، إلا أن المستهلك الجزائري مثل كل سنة لم تتحسن أوضاعه أو ترقى إلى مستوى الدول المتقدمة التي يعد المستهلك عنصرا أساسيا في مجتمعاتها وتوليه اهتماما كبيرا، حيث تضمن له حقوقه الثمانية، وهي حق السلامة، حق الاختيار، حق المعرفة، حق إبداء الرأي، حق التعويض، حق التثقيف وحق الحياة في بيئة صحية وحق إشباع الحاجات الأساسية. ولو سلطنا الضوء على البند الأخير، فإن المستهلك الجزائري يجد صعوبة كبيرة في إشباع حاجاته الأساسية، في ظل الارتفاع الجنوني الذي مس جميع أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات مؤخرا، والذي أثر بشكل سلبي على القدرة الشرائية له.

 

تدهور القدرة الشرائية خطر على المستهلكين

 

وقد شهدت وضعية المستهلكين الجزائريين تدهورا أكبر بسبب الوضع الاقتصادي للجزائر والقرارات والسياسات التي شملت التجارة، والتي صبت في صالح المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين على حساب المستهلكين الذين تدهورت قدرتهم الشرائية بأكثر من 50 بالمائة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وبما أن القدرة الشرائية تدهورت مع بقاء الإنفاق العام في مستويات مرتفعة نظرا لمتطلبات الحياة اليومية، فإن المستهلك الجزائري أصبح يميل أكثر للمنتجات الرخيصة والمقلدة وأحيانا حتى تلك التي تكاد تنتهي مدة صلاحيتها، كما شهدت السنوات الثلاث الأخيرة عودة قوية للأسواق الموازية التي بات أغلب المستهلكين يتجهون لها توفيرا لمواردهم المالية، باعتبار أن الأسعار في هذه الأسواق تعد أقل مقارنة بالأسواق النظامية، لكن خطر المنتجات في هذه الأسواق دائما ما يكون أعلى، حيث يتم تسويق منتجات فاسدة ومقلدة وتباع دون مراعاة أدنى معايير النظافة والسلامة، ليدفع المستهلك في الأخير الثمن من ماله وصحته.

 

المستهلك الجزائري ليس من حقه حتى معرفة أسعار ما يقتنيه من منتجات!

 

من جانب آخر، فإن من بين أقل الحقوق غير المضمونة للمستهلك الجزائري هي الحق في معرفة الأسعار، فرغم التعليمات التي دائما ما تصدرها وزارة التجارة بضرورة تعميم إشهار الأسعار عبر كافة المحلات والمساحات التجارية، إلا أن هذا الحق لا يزال غير مضمون للمستهلك الجزائري الذي لا طالما يصطدم بغياب قصاصات تبين أسعار السلع المعروضة بالمتاجر والمحلات، وذلك ما يؤرقه مرارا، وفي نفس الوقت يتيح الفرصة للتاجر من أجل فرض سعر السلعة على هواه، وعلى الرغم من مخالفة ذلك السلوك للقوانين والأعراف المعمول بها في المعاملات التجارية، إلا أننا نجده مستمرا على مستوى أغلب المتاجر، بحيث يتيه الزبون وسط ذلك الكم الهائل من السلع التي يجهل أسعارها ونجده مجبرا على حملها عشوائيا، وبعدها يتصادف بالمبالغ الخيالية التي فرضت عليه فرضا أثناء دفع ثمن السلعة.

 

منع الاستيراد يجعل المستهلك الجزائري عرضة للاحتيال

 

هذا، وموازاة مع قرار منع استيراد 900 منتج، يشتكي المستهلكون من تدهور بعض المنتجات المحلية والإشهار التضليلي الذي يمارسه منتجو هذه المواد، حيث بات المستهل يتعرض يوميا للاحتيال من طرف المنتجين الذين لا يطابقون منتجاتهم من الداخل مع الصور والإشهارات التي يضعونها على غلاف المنتج. ورغم طرح منظمات حماية المستهلك للقضية أكثر من مرة وتهديدها بعض المنتجين بمتبعات قضائية، إلا أن الحال لا يزال مستمرا، خاصة بعدما وفرت الحكومة حماية غير معلنة لهؤلاء المنتجين بمنع استيراد العديد من المواد، ما جعل المنافسة مع المنتج المستورد الذي يعرف بجودته غائبة.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن