الوطن

الحكومة تزيح ملف اللاجئين الأفارقة من الواجهة!

بعد ربط الملف فيما مضى بالأمن والسيادة الوطنية

هل تحاشت الحكومة ضغوطات المنظمات الحقوقية بتحاشيها الحديث عن الملف؟ 

 

خف الحديث، هذه الأيام، على مستوى الحكومة، عن ملف اللاجئين الأفارقة الذي أحدث جدلا منذ أشهر، فبعد تقنين تواجدهم يبدو أن الحكومة قررت غض الطرف عن الآلاف من اللاجئين الباقين بالتراب الوطني، تجنبا للانتقادات والاتهامات التي طالتها من منظمات حقوقية دولية بشأن الملف، وباعتبار أن هذا الأخير لم يعد يمثل تهديدا للأمن العام بعدما قلت قضايا الاعتداءات والسرقات التي كان يتورط فيها اللاجئون.

والملاحظ هذه الأيام أن حكومة أويحيى تتحاشى بشكل كبير فتح ملف اللاجئين مجددا، بعدما أحدثت تصريحات بعض المسؤولين في الحكومة وحتى عدد من المسؤولين السياسيين ورؤساء الأحزاب جدلا بسبب انقسام الرؤى حول الملف وتغيير موقف الجزائر بشكل واضح من تواجد اللاجئين الأفارقة والحديث عن مهاجرين سريين بدل لاجئين، وما تلاه بعد ذلك من رفض عبرت عنه الجزائر لما أسمته المزايدات الصادرة عن منظمات حقوقية دولية، تتهم الجزائر بأنها ضد المواثيق الدولية فيما يخص تسييرها لملف اللاجئين الأفارقة.

 

تقنين لتواجد الأفارقة في الأشهر الأخيرة 

 

لكن صمت الحكومة حاليا عن ملف اللاجئين الأفارقة لا يعني أنها سمحت بتوسع اللاجئين الأفارقة أكثر في الفترة الأخيرة، بل بالعكس فإن تواجد الأفارقة قد تم تقنينه، حيث عرفت الأشهر الماضية عمليات ترحيل طالت أزيد من 20 ألف رعية نيجيري. وجاءت هذه العمليات بطلب من السلطات النيجيرية، التي تعمل بالتنسيق مع الحكومة الجزائرية، بهدف إيقاف نزوح المهاجرين غير الشرعيين، والقضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر، في حين تم ترحيل الآلاف من الأفارقة من جنسيات أخرى بناء على مفاوضات كانت قد بدأتها الحكومة الجزائرية مع 7 دول إفريقية ينتمي إليها أكثر من 95 بالمائة من المهاجرين السريين والنازحين، وهذه الدول هي مالي والنيجر وبوركينافاسو والبينين وتشاد والكاميرون وغينيا.

 

هل تحاشت الحكومة ضغوطات المنظمات الحقوقية بتحاشيها الحديث عن الملف؟

 

لكن بالمقابل يقول مراقبون للملف أن صمت الحكومة عن ملف اللاجئين لا يتعلق فقط بتقنين تواجد هؤلاء والتخلص من هاجس التهديد الأمني بالنسبة لهم، وإنما يتعلق بضغوطات تعرضت لها الجزائر من منظمات حقوقية دولية، خاصة عقب التغير المفاجئ في موقف الجزائر من ملف اللاجئين وربطه بالسيادة الوطنية، بعدما كان ملفا له أبعاد إنسانية. وقد انتقدت العديد من التقارير الدولية لمنظمات حقوقية هذا التغيير، كما اعتبرت الجدل الذي حصل في الأشهر الأخيرة حول طرد أو ترك اللاجئين في الجزائر أمرا مخجلا ولا يتوافق مع المواثيق الدولية، منها تقرير لمنظمة العفو الدولية التي طالبت الجزائر آنذاك بتسيير أحسن لملف اللاجئين، معتبرة أن الحملة التي قادها بعض الأشخاص لطرد اللاجئين الأفارقة من الجزائر عنصرية ومؤسفة ومخجلة، في حين تحدث تقارير لمنظمات حقوقية محلية عن أوضاع تقترب من العبودية يعيشها اللاجئون الأفارقة، وهو ربما ما لم ترد الحكومة تعقيده أكثر بالنبش في الملف، لتترك هذا الأخير جنبا، طالما أنه بات لا يشكل تهديدا للأمن العام، بعدما قلت قضايا السرقة والاعتداءات التي كان يتورط فيها رعايا إفريقيون.

 

التخلي عن مساعي ترسيم تواجد الأفارقة في الجزائر

 

لكن ورغم أن الحكومة تتحاشى حاليا الخوض من ملف اللاجئين الأفارقة، من جديد وقد غضت الطرف عن آلاف المتواجدين الذين ما زالوا ينشطون في التسول وفي أشغال مشاريع البناء، إلا أن المساعي التي كانت تعمل عليها في إطار ترسيم تواجد اللاجئين الأفارقة، كاستحداث بطاقية وطنية لهم وتمكينهم من العمل بوثائق معترف بها، يبدو أنها قد تخلت عنها، فلا وزارة الداخلية فتحت مرة أخرى قضية البطاقية الوطنية للاجئين، ولا وزارة العمل أعادت الحديث عن تشغيل اللاجئين بطرقة قانونية، ما يعني أن الملف أُريد أن يبقى تسييره بنفس الطريقة القديمة مع إزاحته عن الواجهة تجنبا لصداع رأس قد يأتي الحكومة من المنظمات الحقوقية التي لطالما كانت وما زالت تستفز الجزائر بتقاريرها.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن