الوطن
الحكومة تتخلى عن الصيرفة الإسلامية؟!
بعد تجاهل خدماتها في قانون المالية، مصادر تتحدث عن تجميد العمل بها في البنوك
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 مارس 2018
• رزيق: لا يمكن أن ينمو قطاع الصيرفة الإسلامية في بيئة تقليدية ودون إطار قانوني
• سليمان ناصر: الحكومة أظهرت عدم جدية في تعاملها مع الملف
يبدو أن الحكومة بدأت تتخلى تدريجيا عن فكرة التوجه نحو الخدمات البنكية الإسلامية، والتي اعتبرتها فيما مضى الحل السحري لاستقطاب الأموال المتداولة خارج الأطر الرسمية. فبعد تجاهل التوجه نحو هكذا خدمات في قانون المالية 2018، تحدثت العديد من المصادر، في الأيام الأخير، عن قرار بنك الجزائر تجميد جميع الخدمات المصرفية الإسلامية في البنوك العمومية، قبل أن تنطلق حتى، وهو ما أثار التساؤلات لدى الخبراء الاقتصاديين الذين اعتبروا أن القرار كان منتظرا بسبب غياب إطار قانوني ينظم هذه الخدمات.
وقد بهتت رغبة الحكومة مؤخرا في التوجه نحو الخدمات الإسلامية في البنوك، رغم أن الوزير الأول، أحمد أويحيى، كان قد أكد ضرورة الذهاب نحو المالية الإسلامية، وذلك لتنويع مصادر تمويل الخزينة العمومية بعيدا عن برميل النفط، مشيرا أنه لا توجد أي عقدة لتبني الخدمات المالية الإسلامية، إلا أن هذه الرغبة لم تدعم بإجراءات ولا آليات قانونية، فحتى البنوك التي أطلقت بعض الخدمات المالية الإسلامية بقيت تعتمد في تسيير هذا النوع من المعاملات على تكييفات إجرائية من طرف بنك الجزائر، في ظل غياب التوصيف القانوني للصيرفة الإسلامية، ما أدى إلى تنظيم عملها وفق النظام التقليدي، وهو ما جعل بنك الجزائر يتدخل، حسب العديد من المصادر الإعلامية، مؤخرا، ويعطي قرارا بتجميد جميع خدمات الصيرفة الإسلامية في البنوك التي أطلقت هذه الخدمات والتي تستعد لذلك، بسبب غياب أطر قانونية تنظم هذه المعاملات البنكية.
ورغم أن الخبر لم يتم تأكيده رسميا من طرف بنك الجزائر، إلا أن الخبراء اعتبروا أن ذلك كان متوقعا، مشيرين أن الحكومة تجاهلت خدمات الصيرفة الإسلامية في قانون المالية، بعدما أسقطت وصف سندات إسلامية في المادة 89 والتي ترخص لوزير المالية إصدار سندات سيادية (أي حكومية) متوسطة وطويلة الأجل، من أجل تمويل المنشآت والتجهيزات العمومية، ليأتي قرار بنك الجزائر هذا ويؤكد تراجع نية الحكومة في التوجه نحو الخدمات المصرفية الإسلامية، خاصة أن هذه الأخيرة لم تعمل على توفير إطار قانوني يمكنه أن يسير هذه الخدمات.
• رزيق: يستحيل أن ينمو قطاع الصيرفة الإسلامية في بيئة عمل تقليدية ودون إطار قانوني
وفي هذا الصدد، اعتبر الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، في تصريح لـ"الرائد"، أن خصوصيات الصيرفة الإسلامية مقبولة واقعا في العديد من البنوك وهي موجودة، لكن غير منصوص عليها قانونا، مؤكدا أن تطوير هذا النوع من الخدمات يتطلب إطارا تنظيميا خاصا بها، معتبرا أن قرار بنك الجزائر جاء من هذا المبدأ، مشيرا أن القوانين الحالية في الجزائر لا تمنع المعاملات البنكية الإسلامية لكنها لا تميز بينها وبين المعاملات التقليدية، وهو ما جعل بنك الجزائر يتدخل، فهذا النوع من المعاملات يتم حاليا عن طريق تكييفات إجرائية من طرف بنك الجزائر، معتبرا غياب التوصيف القانوني للصيرفة الإسلامية أدى إلى تنظيم عملها وفق النظام التقليدي، وهيمنة المقاربة الائتمانية على المقاربة الاستثمارية، مع عدم تحقيق الهدف الأساسي لهذا النظام، وهو التسهيل المالي للمعاملات الاقتصادية الحقيقية.
وأضاف رزيق أنه يستحيل أن ينمو قطاع الصيرفة الإسلامية في بيئة عمل تقليدية، مشيرا أن الخبراء طالبوا في العديد من المرات بإيجاد الإطار القانوني والتنظيمي لخدمات الصرفية الإسلامية قبل الحديث عن أي مساع للإطلاق هذه الخدمات، لكن الحكومة ومدراء البنوك أصروا على إيهام الجزائريين بالتوجه نحو المعاملات الإسلامية، معتبرا أنه لا وجود لصيرفة إسلامية في الجزائر دون تعديل قوانين الصرف والنقد والتجارة والضرائب بما يسمح باستيعاب هذا النوع الجديد من الخدمات البنكية
• سليمان ناصر: الحكومة منذ البداية أظهرت عدم جدية في تعاملها مع الملف
من جهته، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور سليمان ناصر، أن المصرفية الإسلامية تعمل في الجزائر منذ بداية التسعينيات في تحديات مع قانون المصرفية التقليدية، حيث قال الدكتور ناصر: "الحكومة منذ البداية أظهرت عدم جدية عندما تحدثت عن الشبابيك الإسلامية دون أن توفر الإطار القانوني لظهور خدمات بنكية إسلامية"، كما انتقد الدكتور ناصر حصر الفائدة من إطلاق الصيرفة الإسلامية في استقطاب الأموال المتداولة خارج البنوك، مشيرا أن الوسيلة التي تعد الصيرفة الإسلامية كبيرة وتفوق في حجمها وفائدتها الهدف الذي وضعت لها، وهي استقطاب الأموال خارج البنوك، مشيرا أن الإجراءات والآليات التي اعتمدتها بعض البنوك في إطلاقها لخدمات بنكية إسلامية لا تكفي لتطبيق التعامل بالصكوك الإسلامية، باعتبار أن هذه الأداة يلزمها قانون خاص وكامل ومستقل لينظمها، على غرار ما حدث في العديد من البلدان العربية والإسلامية.
س. زموش