الوطن
الأجور، الغلاء وتدهور القدرة الشرائية تضاعف من الأمراض النفسية لدى العمال!
على غرار الانهيار العصبي، الوسواس، الهذيان، فقدان الذاكرة وحتى الجنون
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 مارس 2018
• سعدي: أكثر من نصف العمال الجزائريين يحتاجون لمتابعات نفسية
• خياطي: يجب توسيع قائمة الأمراض لدى صندوق الضمان لتتضمن النفسية منها
تكشف بعض الإحصائيات غير الرسمية أن أكثر من 40 بالمائة من الجزائريين يعانون من اضطرابات نفسية، على غرار الاكتئاب والقلق والوسواس، فقد سيطرت العديد من المشاكل مؤخرا على الفرد الجزائري، جعلته يعاني من هذه الأمراض، ليبقى العمال هم الأكثر عرضة، خاصة في عدد من القطاعات، ما يجعل المطالب التي عادة ما ترفعها النقابات بخصوص إعادة فتح ملف طب العمل وتوسيع قائمة الأمراض المهنية في الجزائر مطلبا مشروعا.
وقد تضاعفت، في السنوات الأخيرة، الضغوطات على الجزائري بصفة عامة والعامل بصفة خاصة، فالتدهور الكبير في القدرة الشرائية للعمال وتدني ظروف العمل والمشاكل في عدد من القطاعات المهنية، جعلت العامل عرضة لكثير من الأمراض النفسية، ما جعل الأصوات تتعالى داخل مختلف قطاعات العمل العمومية أو الخاصة، خلال السنوات الأخيرة، بهدف إيلاء أهمية قصوى لطب العمل نظرا لخصوصيته "الشديدة"، إلى جانب الاعتراف بالأمراض المزمنة كالأمراض المهنية "النفسية" مثل الانهيار العصبي والوسواس والتعب والإرهاق والأرق والهذيان وفقدان الذاكرة والجنون. وتتباين الأرقام وتختلف الإحصائيات حول نسب المرض والمرضى بين العمال في مختلف القطاعات، لكنها تشترك في تفشي عدد من الأمراض النفسية في عدد كبير من القطاعات، وهو ما كان وراء مطالبة عدد من النقابات بملف كامل عن طب العمل.
• سعدي: أكثر من نصف العمال الجزائريين يحتاجون لمتابعات نفسية وليس متابعات جسدية
وفي هذا الصدد، أكد الأستاذ في علم الاجتماع، الهادي سعدي، أمس، لـ"الرائد"، أن الضغوطات تضاعفت على العامل الجزائريين في السنتين الأخيرتين بسبب الوضع الاقتصادي وما خلفه من تدهور اجتماعي، مشيرا أن العامل والموظف بشكل عام يعاني ضغوطات نفسية رهيبة أثناء العمل، خاصة مع الروتين اليومي الذي يميزه بسبب عدم استغلاله العطل الأسبوعية على أكمل وجه، وبسبب المرتبات الضعيفة التي يتلقاها العمال في عدد من القطاعات.
وأشار سعدي أن الأمراض الجسدية التي تظهر في الكثير من الحالات عند العمال، يكون منشأها الأصلي أمراض نفسية بامتياز، وفي الغالب تعود إلى ضغوطات يمارسها رب العمل على مستخدميه، محذرا من خطورة المرض النفسي الذي لا يلقي له عامة الناس بالا. وألح سعدي على ضرورة إيلاء أهمية قصوى للجانب النفسي داخل المؤسسات، من خلال العمل على تفعيل المتابعات النفسية للعمال وليس المتابعات الجسدية، مشيرا أن الضغوطات والتراكمات النفسية عند العمال قد تؤدي أحيانا إلى حد الوفاة، ما يستدعي ضرورة التنسيق بين مختلف القطاعات من أجل إعطاء أهمية للصحة النفسية للعامل.
• خياطي: يجب توسيع قائمة الأمراض لدى صندوق الضمان الاجتماعي لتتضمن الأمراض النفسية
من جهته، أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، البروفيسور مصطفى خياطي، أن العديد من القطاعات أهملت الصحة النفسية للعامل، مشيرا أن أكثر من نصف العمال يعانون ضغوطات في مكان عملهم، تضاف للضغوطات الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها الفرد الجزائري، ما يجعل العامل أكثر عرضة للمرض النفسي.
وقال خياطي أن قائمة صندوق الضمان الاجتماعي للأمراض المهنية والمتضمنة 85 مرضا مهنيا، غير كاملة لأنه توجد أمراض أخرى تصيب العمال غير مسجلة في هذه القائمة وعلى رأسها الأمراض النفسية والعصبية، مشيرا أنه من الضروري توسيع هذه القائمة لتتضمن هذه الأمراض التي عادة ما تكون السبب في الأمراض العضوية الأخرى، مشيرا أن آثار الأمراض النفسية والعصبية عند العامل أحيانا لا يتم اكتشافها إلا بعد مرور 20 سنة على الإصابة، لذلك لا يتمكن أغلب المصابين من تأكيد حصولها أثناء فترة العمل، وهو ما يؤثر بدوره على التامين الاجتماعي وحقه في التعويض.
ودعا خياطي في السياق ذاته وزارة الصحة للتنسيق مع وزارة العمل ووضع برنامج وطني للصحة النفسية للعامل، مشيرا أن هذا الأخير بحاجة للرعاية النفسية باعتباره الأكثر عرضة للمشاكل النفسية والعصبية.
س. زموش