الثقافي

قصبة الجزائر: الوضع القانوني للأملاك الخاصة، معضلة حقيقية

اجراءات مبسطة ووكالة وحيدة

يشكل الوضع القانوني للأملاك العقارية الخاصة المؤهلة للاستفادة من اعادة التهيئة و الذي يشار إليه كأحد العوائق الرئيسية التي تحول دون تطبيق مخطط حماية قصبة الجزائر معضلة حقيقية حيث تعيق صعوبة تحديد اصحاب هذه الاملاك اعادة تهيئتها جاعلة بذلك مجمل البرامج المصممة لإعادة احياء المدينة القديمة غير قابلة للتنفيذ، حسب ما يجمع الخبراء على تأكيده.

وتنص احكام مخطط الحماية أنه يتعين على الشاغلين الراغبين في الاستفادة من احدى صيغ اعادة التهيئة (ترميم, بيع أو تبادل) تقديم عقد ملكية أو عقد فريضة  (وثيقة تحدد الورثة) مرفوق بوكالة موقعة من طرف جميع الورثة مع تعيين محاور  واحد من بينهمي أمام السلطات العمومية.

و بما أن الأمر يتعلق بحي "عبوري" بامتياز فإن هذه الشروط قليلا ما تستوفى  لدى سكنة القصبة الذين يشغلون في اغلب الاحيان سكنات منذ ثلاثة أو اربعة اجيال  بدون عقد ملكية أو بدون القيام بتسوية الملك الموروث, حسب ما عاينه الخبراء  المكلفون بالملف.

في هذا السياق, أوضح عبد الحق الذي يسكن بمنزل عتيق بحي القصبة و الذي يرغب  في الحفاظ على هذا "الملك العائلي", قائلا "تشغل عائلتي هذا المنزل منذ سنة  1910 و هي السنة التي استأجره فيها جدي من مالك لا نعرف هويته و الذي لم يظهر  منذ ازيد من 50 سنة".

و تظهر هذه الحالة المشابهة للعديد من الحالات الأخرى الوضع القانوني المعقد  للمنازل التي لازال يسكنها المواطنون على مستوى هذا المركز التاريخي و التي  "يتشارك" ملكيته عدة أشخاص قد يصل عددهم في بعض الأحيان إلى ما يقارب المائة,  و الذين يثيرون جميعا صفة الوريث و لكن بدون ان يتمكنوا من تقديم الملف  الاداري المطلوب.

و حسب ارقام الديوان الوطني لتسيير و استغلال الممتلكات الثقافية المكلف بملف  القصبة من سنة 2012 إلى 2017, فحوالي "30% من سكنة القصبة هم اليوم مستأجرون"  و "حوالي النصف من هؤلاء المستأجرين يرغبون في البقاء" بالقصبة.

نفس الأمر يطبق على حوال 400 قطعة ارضية بقت شاغرة بعد انهيار المنازل و التي  يبقى اغلب ملاكها إلى تاريخ اليوم مجهلون أو لا يتوفرون على الوثائق الضرورية  في ما يخص الأشخاص الذين يثيرون ملكيتهم لها.

و يضاف إلى هذا حالة البنايات التي هي في حاجة إلى الترميم و التي تبقى رهينة  نزاعات قضائية بين الورثة تعيق اي تدخل من اجل اعادة تهيئتها.

كما تأتي لتضاف إلى هذه المعضلة الادارية حالة ما يقارب مائة ملكية بين سكنات  و اراضي شاغرة هي أملاك وقف وهبها الخواص إلى مساجد و زوايا تسيرها ادارة  الشؤون الدينية, جزء منها مسكون أو يتم استغلاله بموجب عقد ايجار رمزي يسري  لمدة ثلاث سنوات، و طبقا للقانون الجزائري يمكن لشاغلي ملك القيام ب "اجراء لاسترجاعه" في حالة  عدم ظهور صاحبه لمدة 30 سنة شريطة أن يتمكن اخر ساكن له من تبرير شغله للملك  خلال هذا الأجل, حسب ما اوضحه قانونيون لوأج.

من جهته أوضح مدير الديوان الوطني لتسيير و استغلال الممتلكات الثقافية, عبد  الوهاب زغار, أن مخطط الحماية ينص على "استرجاع البنايات التي لم يظهر ملاكها  و على اعادة اسكان شاغليها", مشيرا أن السكان الراغبين في الحفاظ على الملك في  حين انهم لا يتوفرون على الوثائق الضرورية "غير معنيون بالأحكام الحالية"  للمخطط.

و كان خبراء لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) قد  اشاروا عقب ملتقى دولي حول الحفاظ و اعادة احياء قصبة الجزائر, نظم شهر يناير  الفارط, إلى "صعوبة النظام العقاري" الذي يجعل التدخلات العمومية "صعبة" نظرا  للملفات الادارية المطلوبة.

و للتمكن من الخروج من هذه الوضعية المعقدة,  أوصى خبراء اليونسكو ب "تخفيف  الاجراءات الادارية" المرتبطة بترميم البناية و استحداث "وكالة وحيدة متعددة  التخصصات" تحظى ب "سلطة قرار فعلية" لتسيير ملف قصبة الجزائر و التقليل من بطء  الاجراءات الادارية التي تعيق اعادة تهيئة القصبة.

و تم استحداث عدة وكالات لتسيير هذا الملف بدأ بلجنة دراسة و تطوير و تنظيم  مدينة الجزائر نهاية الستينات مرورا بالديوان الوطني لتسيير و استغلال  الممتلكات الثقافية, و الوكالة الوطنية للمجالات المحمية, واخيرا مديرية  التجهيز لولاية الجزائر.

كما ابرز خبراء الوكالة الأممية الذين عملوا على اعادة تهيئة عدة مراكز  تاريخية لمدن عبر العالم "نقص في تطبيق النظام القانوني المتواجد", داعيين  السلطات العمومية إلى اثراء المخطط الدائم لحماية قصبة الجزائر بهدف "بعثه".

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي