الوطن

الجزائريون على موعد مع أزمة تموين بالبنزين

بعد توقف مصافي أوروبية وأمريكية عن الإنتاج وارتفاع سعره دوليا إلى 20 دولار للطن

 


تسببت طلبيات تقدمت بها الجزائر لاقتناء كمية ضخمة من البنزين تحسبا للنقص المسجل بالسوق الوطني والمتوقع على المدى القريب في أزمة بالأسواق الدولية.

وكشفت وسائل إعلام أمريكية أمس عن قلة المعروض من مادة البنزين خلال الشهر الجاري سبتمبر بحسب التوقعات، مرجعة ذلك جزئيا إلى توقف 80 في المئة من الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية الإعصار الذي ضرب منطقة الشمال، كما يرجع جزئيا إلى شراء الجزائر كميات كبيرة من البنزين دون أن تعطي أرقاما محددة عن ذلك، وأيضا حسبما أعلن أحد المتداولين في البحر الأبيض المتوسط، مضيفا أن موسم صيانة المصافي في المنطقة تبدأ في سبتمبر، مع أعمال في أوروبا وروسيا في المتوقع ما سيحد من توفر المنتجات.

كما أن أسعار النفتا أو البنزين ارتفعت قبل تشديد العرض في سبتمبر مع زيادة الطلب من شركات البتروكيماويات، والمنافس البروبان كمادة وسيطة يبقى الخيار أكثر تكلفة لتكسير الأسعار.

ارتفاع الاستهلاك يحدث طوارئ بالسوق الدولي

وكانت الحكومة أعلنت شهر ماي عن مناقصة دولية لاقتناء 180ألف طن من الوقود وتوزيعه عبر السوق الجزائرية خلال شهر ماي الماضي لتفادي أي ندرة في ظل تنامي نسبة استهلاك الزيوت الطاقوية من طرف المواطنين، وهو ما يتطلب طبقا لذات المصادر توفير مخزون كاف لتغطية الطلب المتزايد. ومن المرجح ان ترتفع اسعاره أكثر، حيث قدر سعر الطن الواحد من الوقود 15 دولارا خلال شهر ماي عبر الأسواق العالمية، بعدما كان يراوح 11 دولارا واليوم وصل إلى 20 دولار نتيجة توقف مصاف بإيطاليا ومصفاة إسبانيا، وهو ما أدى إلى خفض الإنتاج إلى النصف على مستوى أسواق منطقة البحر الأبيض المتوسط وبات يهدد بأزمة حادة بهذه البلدان. واستوردت الجزائر 226 ألف و598 طن من وقود الديازل العام الماضي بنسبة انخفاض تعادل 291 ألفا و617 طن خلال سنة 2010.

وأظهرت بيانات حديثة للجمارك أن روسيا كانت أكبر موردي الديازل للجزائر خلال سنة 2011، حيث قامت هذه الأخيرة بتصدير 117 ألف و67 طنا، تلتها ليتوانيا بما يصل إلى 68 ألف و67 طنا. كما تعتبر الجزائر مصدرا كبيرا للنفط والغاز، إلا أنها تفتقر للطاقة التكريرية الكافية مما يضطرها لاستيراد نسبة كبيرة من الوقود اللازم للسوق المحلي.

ومن المرجح أن تكون واردات المنتجات المكررة على غرار المازوت والبنزين أعلى خلال سنة 2012، لاسيما أن الجزائر باشرت عملية شراء واسعة منذ بداية السنة الجارية وحتى الآن لاستقدام شحنات كبيرة من وقود الديازل والبنزين، وهذا بهدف تغطية النقص الناجم عن انقطاع التيار الكهربائي في مصافيها وتحديدا في مصفاة سكيكدة.

بلد نفطي يستورد "المشتقات النفطية"

وتلقى الجزائريون بكثير من الاستغراب كونهم في بلد نفطي ينام على مخزون يقدر بملايير المكعبات من البترول أن تتحول بلادهم إلى مستورد للبنزين والمشتقات النفطية بعدما كشف مؤخرا المدير العام لمجموعة "سوناطراك"، عبدالحميد زرقين، أن واردات الجزائر من الوقود سجلت ارتفاعًا قياسيًا بلغ 2.3 مليون طن سنة 2011، مشيراً إلى أن الجزائر ستواصل استيراد الوقود حتى العام 2016.

موضحا أن نسبة استيراد مادة الديزل بلغت 1.3 مليون طن من إجمالي استهلاك سنوي بلغ 8.9 ملون طن، و380 ألف طن من البنزين بجميع أنواعه في نفس السنة من إجمالي استهلاك بلغ ثلاثة ملايين طن، بزيادة سنوية قدرت بـ77 بالمائة بالنسبة للديزل و242 بالمائة بالنسبة للبنزين. 

مضيفا أن "ارتفاع العجز يعود أيضا إلى ارتفاع ظاهرة التهريب نحو تونس والمغرب". وأشار إلى تخصيص أربعة مليارات دولار لإعادة تأهيل مصانع التكرير الثلاثة التي تتوفر عليها الشركة في كل من سكيكدة والجزائر العاصمة وأرزيو بولاية وهران، لرفع طاقتها التكريرية الحالية من 22 مليون طن سنوياً إلى 27 مليون طن من مختلف المواد المكررة سنوياً بداية من سنة 2012". واستطرد قائلا: إن "سوناطراك ستعمل على توسيع المصافي الموجودة والشروع في بناء مصانع تكرير جديدة خلال الفترة التي تمتد إلى غاية 2016، في إطار خطتها الاستثمارية الخماسية التي تبلغ قيمتها الإجمالية 68 مليار دولار، منها 15.8 مليار دولار خلال السنة الجارية بهدف تعزيز قدراته الخاصة بإنتاج ونقل المحروقات"، كما قال. وبلغت الزيادة السنوية لاستهلاك المواد المكررة حوالي عشرة في المائة سنويا منذ 2002، قبل أن تشتد حدة الأزمة نهاية ديسمبر ومطلع يناير الماضي، مما دفع بمجموعة "سوناطراك" إلى اللجوء بصورة عاجلة إلى السوق الدولية من أجل الحصول على شحنة عاجلة من البنزين لسد العجز المتفاقم من المادة في السوق.

وقال زرقين، إن "سوناطراك" لم تكن تتوقع زيادة الطلب على المواد المكررة بهذه الوتيرة، وهي تقوم حاليا بتعديل توقعاتها على الطلب خلال السنوات الخمسة المقبلة لمواجهة الزيادة في الطلب محليا، على حد تعبيره.

سعر لتر البنزين في الجزائر بسعر "كيس حليب"

وينفق الجزائري 11.85 في المئة من مجموع أجره على البترول الخالي من الرصاص وفقا لأرقام وبيانات جمعها الموقع الإلكتروني "ذيس إز موني" المتخصص بالمال أواخر الشهر الماضي، فيما احتل القطري المركز الأول ويأتي السعودي في المركز الثاني ثم الكويتي والبحريني كما ينفق المصري على البترول 4.39% من دخله، وتحتل مصر المرتبة الثانية عالمياً كأرخص الدول من حيث أسعار ليتر البنزين، بينما جاءت إيران عاشراً، وينفق المواطن فيها 6.53% من دخله على البنزين، والليبي 3.32%.

وبالنسبة لأسعار ليتر البنزين فبلغت في إيران 0.33 سنت، والجزائر 0.27 سنت، وتركمانستان 27 سنتاً، وليبيا 24 سنتاً، والبحرين 24 سنتاً، وقطر 19 سنتاً، والسعودية 16 سنتاً، ومصر 14 سنتاً، وفنزويلا 13 سنتاً.

على النقيض من ذلك، وجد التقرير الذي أعده الموقع البريطاني أن النرويجي يدفع أعلى الأسعار لقاء حصوله على البنزين، إذ ينفق 7.4% من أجره على البنزين، ويأتي التركي ثانياً، والهولندي ثالثاً، والإيطالي رابعاً، واليوناني خامساً، والدنماركي سادساً، والبريطاني سابعاً، والسويدي ثامناً، والإريتري تاسعاً، والبلجيكي عاشراً.

جدير بالذكر أن التقرير يقارن أسعار البترول إلى الأجور في كل دولة، ووجد أن أصحاب السيارات في بريطانيا يعانون أحد أكثر التكاليف الباهظة عندما يتعلق الأمر بتعبئة سياراتهم بالبنزين.

محمد أميني

 

 

من نفس القسم الوطن