الوطن

ملف إلغاء الدعم... القنبلة الموقوتة؟!

الحكومة تخاطر بالسلم الاجتماعي وتخوف من الإجراءات التي ستعتمد

غياب بنك معلومات يحدد عدد العائلات الهشة سيساعد في توجيه الدعم لغير مستحقيه

 

باتت نية الحكومة في رفع الدعم الاجتماعي واضحة بعد التصريحات الأخيرة لعدد من المسؤولين في حكومة أويحيى، ليكون الملف بمثابة أكبر تحد أمام الجهاز التنفيذي في الفترة المقبل، خاصة وأن الدعم بشكله الحالي كان ولا يزال مفتاح ضمان للسلم الاجتماعي، ما يجعل أي إجراءات غير مناسبة لرفع هذا الدعم مخاطرة حقيقية تأتي في توقيت حساس من الأزمة قد تؤثر على المشهد الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي.

وفي ظل حديث أكثر من مسؤول في حكومة أويحيى، في الفترة الأخيرة، عن قرب الفصل في ملف رفع الدعم وتوجيهه، والذي يوجد على طاولة الحكومة، كثر النقاش حول الموضوع من طرف الخبراء الاقتصاديين، وحتى ممثلي النقابات وعموم المواطنين الذين أبدوا تخوفهم من أي إجراءات قد لا تصب في مصلحة الطبقة المحتاجة للدعم.

وباعتبار الملف حساسا ويمس معظم الجزائريين، فإن الضغط على الحكومة المطالبة حاليا بإجراءات مناسبة لمعالجة هذا الملف يتضاعف، خاصة وأن الدعم يمثل مفتاح السلم الاجتماعي في كل القطاعات.

وفي السياق ذاته، يتخوف العديد من الخبراء من فشل الحكومة في وضع إجراءات دعم تحفظ حق الطبقة الفقيرة والمتوسطة من هذا الأخير، والأهم من ذلك تحفظ كرامة المواطن، خاصة وأن تجارب الحكومات المتعاقبة والمسؤولين المحليين في الدعم الموجه تعد وصمة عار، وخير مثال على ذلك قفة رمضان.

فرغم أن هذه المساعدة التي تدخل في إطار الدعم المباشر للعائلات الفقيرة تمس شريحة محدودة من مستحقي الدعم وفي فترة لا تتعدى الشهر، إلا أن العملية دائما ما تشهد فضائح بالجملة تتعلق بتوجيه هذه المساعدة لغير مستحقيها، وكذا نوع المساعدات في حد ذاتها، والتي جعلت من المواطن يُذّل من أجل قفة تحتوي على منتجات فاسدة ومنتهية الصلاحية، وهو ما جعل الجزائري وكأنه لاجئ في بلده. 

من جانب آخر، ورغم أن أغلب الخبراء سبق وطالبوا بإلغاء الدعم بشكله الحالي وتوجيهه للفئات المستحقة، بما أن هذا الأخير بات يشكل عبئا على الخزينة العمومية وعلى الاقتصاد الوطني، إلا أن فتح الملف هذه الأيام دون سابق إجراءات تحضر لبدء اعتماد الدعم الموجه، على غرار إحصائيات تشمل كل الفئات المحتاجة للدعم ضمن بطاقية وطنية مضبوط، وكذا رقم تعريفي وطني موحد يتضمن معلومات مدنية واقتصادية لكل مواطن، وحتى إحصائيات حقيقية لسيولة المداخيل الأسرية في الجزائر، جعل العديد من المراقبين يتساءلون عمن يقف وراء تحريك هذا الملف في هذا التوقيت بالذات، وفي ظل هذه الظروف الاجتماعية المتدهورة، خاصة وأن رفع الدعم كان أيضا مطلبا لرجال الأعمال في أكثر من مناسبة. من جانب آخر، فإن غياب المعلومة الرسمية وتضارب الأخبار حول الإجراءات التي ستعتمد لتوجيه الدعم مستقبلا، إن كانت عبارة عن منح أو صكوك أو ما إلى ذلك، وكذا عدم الكشف عن المعاير التي ستعتمدها الحكومة في توجيه هذا الدعم وتصنيف من هو الفقير حقيقة ممن هو ميسور الحال في الجزائر، عبر شبكة من المعطيات الممتدة من وزارة إلى أخرى، يزيد من التوتر بالنسبة للطبقة المتوسطة والفقيرة والتي زادت الضغوط المالية لديها منذ بداية 2018، والزيادات التي عرفتها أسعار أغلب المنتجات والخدمات. 

هذا، وبالإضافة للتحدي الموجود أمام الحكومة لتمرير هذا الملف والفصل فيه في ظروف مناسبة، في ظل التوتر الاجتماعي الموجود بسبب تدهور القدرة الشرائية وضغط الأزمة الاقتصادية التي لا تزال قائمة، فإن نواب الشعب أمامهم مسؤولية تاريخية من أجل الضغط على الحكومة لإيجاد إجراءات مناسبة لرفع وتوجيه هذا الدعم بشكل منصف لكل الجزائريين، وعدم تكرار أخطاء التجارب السابقة في الدعم الموجه والفضائح، ليبقى التخوف قائما بشأن ردة فعل الجبهة الاجتماعية من الملف ككل، عندما يتم الكشف عن تفاصيله ومراحل تطبيق هذا الدعم الموجه، خاصة وأن هذه الأخيرة تشهد توترا كبيرا منذ بداية السنة، بسبب ملفات اقتصادية واجتماعية، حيث بات ملف القدرة الشرائية من بين أولويات أغلب النقابات، ليكون ملف الدعم في التوقيت الحالي بمثابة مؤشر توتر إضافي يجب على الحكومة معالجته بحكمة وبإجراءات مناسبة تخدم المواطن وكذا الاقتصاد الوطني.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن