الوطن
الجزائريون تتعطل مصالحهم، يمرضون ويموتون عبر وسائل النقل؟!
كل وسائل النقل باتت توفر خدمة رديئة والوصاية مطالبة بالتدخل لتحسين الوضع
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 جانفي 2018
لطالما كان النقل في الجزائر من بين أقل القطاعات أمنا وأكثرها تعذيبا للجزائريين، فمعاناة هؤلاء لم تعد تقتصر على وسيلة نقل واحدة، بل شملت كل وسائل النقل التي باتت توفر خدمات سيئة وتتسبب لمستعمليها في تعطيل مصالحهم كأقل الأضرار، إن قارناها بالأمراض والموت الذي بات أيضا يلاحق الجزائريين عبر وسائل النقل.
وقد أعاد حادث سعيدة الأخير، والذي خلف ضحايا بالجملة، النقاش حول واقع النقل في الجزائر ومعاناة مستعملي النقل مع كل وسائل النقل الموجودة حاليا. فأغلب وسائل النقل باتت توفر خدمة رديئة وتتسبب في تعطيل مصالح الجزائريين، كما أن هناك من وسائل النقل التي باتت تحكمها الإضرابات والاضطرابات، ليبقى حق الزبون مهضوما، في حين أن أخطر ما يعانيه الجزائريون مع وسائل النقل هي الحوادث التي باتت تهدد حياته.
• النقل الجماعي... سوء الخدمة من ورائكم والموت من أمامكم
ولعل من بين أكثر وسائل النقل التي أصبحت تمثل فوبيا للجزائريين، خاصة في الفترة الأخيرة، هي النقل الجماعي الخاص. فرغم أن الأسعار في الفترة الأخيرة ارتفعت على مستوى حافلات النقل الخاص، إلا أن الخدمة لا تزال جد رديئة، فالجزائريون يدفعون ضعف ما كانوا يدفعونه سابقا من أجل التنقل في أسوأ الظروف وعلى متن حافلات مهترئة لا تتماشى والمقاييس، ويضطرون للانتظار لساعات في محطات النقل حتى تمتلئ الحافلات عن آخرها من أجل الإقلاع، وكل هذا يتسبب في تعطيل مصالحهم، لكن الأكثر خطورة هي الحوادث التي باتت تتسبب فيها حافلات النقل الجماعي، والتي أصبحت تودي بحياة الآلاف سنويا بسبب تجاوزات يتورط فيها سائقو هذه الحافلات.
فأكثر من مرة يتم نشر فيديوهات وصور توثق هذه التجاوزات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليبقى الردع الذي تمارسه الأجهزة الأمنية غير كاف لوقف مجازر الطرقات التي تتسبب فيها وسائل النقل الجماعي، والتي ترهن حياة مستعمليها وتشكل خطرا حقيقيا في الطرقات.
• تأخيرات، اضطرابات والزبون آخر هم مسؤولي "SNTF"
ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة للنقل بالسكة الحديدية، حيث يشتكي زبائن شركة النقل بالسكة الحديدة من خدمة رديئة وإضرابات وتأخيرات تعمق من معاناة المسافرين، بالإضافة إلى وضع القطارات في حد ذاتها والاكتظاظ الذي دائما ما تعرفه، كما أن النقل بالقطار أيضا لا يعد آمنا في الجزائر، فدائما ما يتم تسجيل حوادث تتسبب فيها القطارات، كما تعرف السكك الحديدة على طولها وفي عدة مواقع من حين لآخر عمليات تخريب واسعة للأسلاك الكهربائية، ما يتسبب في تعطيل وتأخيرات في مواعيد سير القطارات، ليبقى المسافر والزبون آخر اهتمامات مسؤولي الشركة، حيث لا يتم إعلام المسافرين بالتأخر ولا أسبابه ولا توقيت عودة سير القطارات، كما أن الإضرابات المتكررة وغير المبرمجة تزيد الطين بلة.
• الميترو والترامواي... خدمة مقبولة بأسعار غير معقولة
أما بالنسبة للنقل عبر الوسائل الحديثة "الميترو والترامواي"، فإن غلاء أسعار التذاكر يعد أهم انشغالات زبائن الشركتين. فالتنقل بين محطتين يكلف ما بين 40 و50 دج، وهو سعر مرتفع مقارنة بالقدرة الشرائية للجزائريين الذين يطالبون بسلم أسعار جديد يراعي المسافة بين كل محطة وأخرى، لتبقى هاتان الوسيلتان رغم غلاء التذاكر الوسائل الأكثر أمنا، حيث لم يتم تسجيل حوادث خطيرة للميترو أو الترامواي لغاية الآن.
• النقل الجوي... احتكار يعذّب الجزائريين والبديل غير متوفر
وإن ذهبنا للنقل الجوي فإن الخدمة التي توفرها الشركة المحتكرة للمجال، وهي الخطوط الجوية الجزائرية، تعد من بين أردأ الخدمات في النقل، فلطالما عانى الجزائريون من تأخر الرحلات دون سابق إنذار ومن المعاملة السيئة التي يلقونها من عمال الخطوط الجوية، بالإضافة إلى غلاء التذاكر وسوء الخدمات على مستوى الطائرات.
كل هذا يضاف لسلسلة من الإضرابات المفاجئة سجلت في الفترة الأخيرة، وتسببت في تذمر زبائن الجوية الجزائرية الذين يشتكون من خدمة سيئة ومن هضم حقوقهم في التعويضات في حال تسجيل الإضرابات والتأخيرات، ما يجعل النقل الجوي في الجزائر والذي يعد قطاعا محتكرا تغيب فيه المنافسة دائما ما يعاني الانتقادات.
• النقل البحري... تجربة فاشلة داخليا وسوء خدمة خارجيا
نفس الواقع يعيشه النقل البحري في الجزائر، والذي سجل في الفترة الأخيرة جهودا لتطويره، خاصة النقل البحري الداخلي، إلا أن الخطوط التي تم استحداثها لم تلق إقبالا كبيرا من طرف المسافرين، بسبب سوء الخدمة، حيث تحولت البواخر التي تم تأجيرها بالملايير لأشبه بحافلات إيتوزا في صورة الاكتظاظ والفوضى، ما جعل مخطط النقل البحري الداخلي يفشل من أساسه، بينما يشتكي زبائن مؤسسة النقل البحري الخارجي من غلاء التذاكر، حيث دائما ما تشتكي الجالية الجزائرية من ارتفاع كبير لتذاكر النقل البحري بالإضافة إلى قلة الخطوط.
س. زموش