الوطن

علي عية للمضربين: اضمنوا الحد الأدنى وإلا إضراباتكم "حرام"

أصبحت كابوسا تعطل مصالح الجزائريين وتهدد الاقتصاد الوطني بمزيد من التدهور

رشيد بوجمعة: الإضرابات تكبد الخزينة العمومية خسائر بالملايير

النائب عصماني: الإضرابات مؤشر صحي وسنتدخل لتخفيف التوتر

 

لم تتمكن الحكومة من السيطرة على الاحتجاجات والإضرابات التي تشهدها العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع الصحة، لتتحول سلسلة الإضرابات هذه إلى كابوس يعطل حياة الجزائريين ومصالحهم، بغض النظر إن كانت مطالب النقابات شرعية أم لا.

لا تزال الاحتجاجات تخنق العديد من القطاعات على رأسها قطاع الصحة الذي يشهد انسداد حقيقيا، بسبب مواصلة الأطباء المقيمين إضرابهم والتحاق أعوان شبه الطبي بهذا الإضراب، وهو ما جعل المستشفيات عبر الوطن تعيش تعطيلا كبيرا دفع ثمنه آلاف المرضى، كما من المنتظر أن تشهد قطاعات أخرى، على غرار قطاع التربية، عودة قوية للاحتجاجات نهاية الشهر، ما قد يعطل المسار الدراسي بأكمله.

وفي هذا الصدد، يرى الخبراء ونواب البرلمان وحتى الأئمة أن الإضراب هو حق دستوري، غير أنه من الضروري أن يراعي المصلحة العليا. وتحدث هؤلاء في هذه النقطة عن مصلحة المواطن، معتبرين أن هذا الأخير يعاني ومصالحه تعطلت بهذه الإضرابات المتكررة، والتي يجب على الحكومة التدخل لوقفها لأنها بدأت تنتقل كالعدوى من قطاع لآخر، ومع الوضعية المالية للجزائر واستحالة تحقيق كل مطالب النقابات التي ظهرت دفعة واحدة، فإنه من الضروري العمل على خلق حوار فعال يتم من خلاله تهدئة الأوضاع قبل أن تتفاقم أكثر، محملين مسؤولية الوضع للحكومة التي تبقى وحدها المسؤولة عن معالجة هذا التوتر.

 

رشيد بوجمعة: الإضرابات تكبد الخزينة العمومية خسائر بالملايير

 

وعن الموضوع، أكد الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة الجزائر، رشيد بوجمعة، أمس، أن الإضرابات تكبد الخزينة العمومية خسائر بالملايير، معطيا مثالا على ذلك بالإضراب الأخير للمضيفين في الجوية الجزائرية، مشيرا أن الإضراب الذي شهدته الشركة والذي لم يدم سوى ساعات، يكون قد ألحق أضرارا مالية كبيرة بالمؤسسة، ومع تكرار هذه الإضرابات، يشير بوجمعة، تتأثر الكفاءة المالية للعديد من القطاعات، خاصة القطاعات الخدماتية، في ظل وضع راهن غير مستقر ماليا أصلا، ما سيزيد الخسائر في هذه القطاعات.

وقال بوجمعة صحيح أن الإضرابات التي تحدث حاليا هي نتيجة لسياسة اقتصادية فاشلة ومحصلة لزيادة ضغوط الظروف المعيشية وانخفاض الدخل الفردي والقدرة الشرائية للعامل، وهو ما تبرزه مطالب الطبقة العمالية التي ترتكز على الزيادة في الأجور والمنح العائلية، العلاوات، خلق فرص التكوين والترقية، إصدار نصوص قانونية تحمي العمال وتكفل حقوقهم، لكن مواصلة نفس الوتيرة في الاضطرابات ستعقد الوضع أكثر خاصة على المستوى المالي والاقتصادي، لذلك، يضيف بوجمعة أنه على الحكومة التدخل حتى وإن كانت لا تملك ما تقدمة للنقابات كمكاسب جديدة، لكن يمكن للحوار الفعال أن يوقف هذه الاحتجاجات وعلى الأقل يؤجل المطالب إن كانت مشروعة.

 

النائب عصماني: الإضرابات مؤشر صحي وسنتدخل لتخفيف التوتر بين الحكومة والمضربين

 

من جهته، أكد النائب بالبرلمان، لمين عصماني، أن الاحتجاجات التي تشهدها العديد من القطاعات حاليا هي مؤشر صحي، معتبرا أن مطالب النقابات مشروعة وعلى الحكومة التجاوب معها. وأضاف عصماني أن توسع الإضرابات في العديد من القطاعات يدل على الخلل الموجود في الحوار، مشيرا أن نواب البرلمان ستكون لهم في الأيام القليلة القادمة مبادرة من أجل التوسط لدى الحكومة باسم النقابات المضربة من أجل معالجة هذه الملفات العالقة ومحاولة إيجاد حلول لها.

 

النائب سدات: الحكومة من تتحمل مسؤولية الإضرابات ومسؤولية معاناة المواطن بسببها

 

من جهتها، قالت النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية، فطة سدات، أن الإضراب هو حق دستوري لكل مواطن، وما يحصل هذه الأيام من إضرابات في العديد من القطاعات الحساسية دليل على التدهور الحاصل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي، مشيرة أن تعامل الحكومة مع هذه الإضرابات بالقمع يعد مساسا خطيرا بالحريات.

من جهة أخرى وحول المساس بمصالح المواطنين بسبب هذه الإضرابات، قالت سادات أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال تحمل مسؤولية معاناة المواطن مع توفير أدنى الخدمات للمضربين، مشيرة أن الحكومة هي من تحاول إثارة فتنة بين المواطن وبين المضرب بتحميل تعطل مصالح المواطنين لهؤلاء المضربين، حيث قالت سدات أنه حتى المضربون هم مواطنون من حقهم ممارسة حقوقهم الدستورية كاملة ودون أن يتعرضوا لأي ضغط أو قمع، معتبرة أن الحكومة عليها توفير حلول ناجعة من أجل وقف هذه الإضرابات وعدم المماطلة والتسويف.

 

عية للمضربين: اضمنوا الحد الأدنى من الخدمات حتى لا تجعلوا من إضراباتكم "حراما"

 

من جهته، تكلم الشيح وإمام المسجد الكبير، علي عية، عن الإضراب من الناحية الشرعية، معتبرا أن هذا الأخير حق مشروع عبر مختلف الأزمنة، حيث قال عية أنه حتى في عهد الرسول كان هناك أشخاص يطالبون بحقوقهم، غير أن عية أكد على ضرورة أن تتوفر في الإضراب الشرعي شروط من أهمها أن يخدم المصلحة الشخصية والعامة، وليس العكس بأن يخدم مصلحة فئة قليلة على حساب فئة كبيرة، وهو ما يحدث مع إضراب بعض القطاعات في الجزائر، حيث قال عية أن آلاف المرضى تضرروا من إضراب الأطباء، وهو ما لا يجوز لأن القاعدة الفقهية تقول دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة، واستشهد عية هنا بحديث الرسول عليه صلى الله عليه وسلم الذي قال: "لا ضرر ولا ضرار"، موجها رسالة للأطباء وكل الأسلاك التي تنوي الدخول في إضراب بضرورة الحفاظ على مصلحة المواطن، وألا تكون هذه الإضرابات سببا في مفسدة، مشيرا أنه حتى قانونا فإن الإضراب حق شرعي، لكن على المضربين ضمان حد أدنى من الخدمات، وهو المطلوب لأن الإنسانية، يشير عية، تبقى سامية من أي مكاسب اجتماعية أو مادية.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن