الوطن
"خلل" في الحوار يرجع الجزائر إلى عهد "عد غدا... نحن في إضراب"
الاحتجاجات تنتقل من قطاع لآخر والمواطن هو الضحية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 22 جانفي 2018
• سعدي: الإضراب في الجزائر كالعدوى والحكومة بيدها الحل
في وقت يؤكد المسؤولون عن الوزارات الوصية فتحهم لأبواب الحوار، تصر النقابات على الاحتجاج، ما يكشف عن وجود خلل في هذا الحوار المتبنى، جعل الجبهة الاجتماعية تعيش الغليان والاضطراب في العديد من القطاعات مع بداية 2018، وهو ما يستدعي، حسب الخبراء، نوعا آخر من الحوار يكون أكثر مسؤولية وأكثر هدوءا وليس مجرد وعود وتسويف.
عادت الاحتجاجات، هذه الأيام، بقوة لتشل أغلب القطاعات. فبقطاع التربية تنوي نقابة كنابست الدخول في إضراب مفتوح بداية من تاريخ 30 جانفي 2018 إلى غاية تحقيق المطالب المودعة لدى وزارة التربية الوطنية، وبقطاع الصحة قرر الأطباء المقيمون، اليوم، تنظيم مسيرة تضم آلاف الأطباء بمستشفى مصطفي باشا بالعاصمة، كما تحضر النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية للعودة إلى الإضراب، في الأيام المقبلة، لتلتحق بركب إضراب الأطباء المقيمين وعمال شبه الطبي، وتهديد النفسانيين بإعلانهم الإضراب في الأيام المقبلة، وبقطاع الطاقة أيضا نظم عمال سونلغاز منذ يومين وقفة احتجاجية جاءت متزامنة مع مسيرة متقاعدي ومعطوبي الجيش، وكذا الوقفة الاحتجاجية لنقابة السناباب في عدد من الولايات، كما شل أمس مضيفو الطيران الخدمة بالجوية الجزائرية، في وقت يواصل مكتتبو عدل الاحتجاج عبر عدد من الولايات على تأخر تسليم وإنجاز سكناتهم.
وتُظهر حالة الاحتقان الموجودة في العديد من القطاعات، وحتى تلك التي يحرص مسؤولوها على تنظيم اجتماعات دورية مع النقابات، على غرار قطاع التربية، وجود خلل في الحوار بين المسؤولين وممثلي الطبقة العمالية، وهو ما جعل الأوضاع تنفلت هذه الفترة وتعود النقابات إلى سابق عهدها مع الإضرابات والاحتجاجات، تحت قناعة أن الحكومة لا تفهم أي لغة سوى لغة الاحتجاج، ويكون المواطن هو الضحية بدفعه ثمن هذه الإضرابات من وقته وعلى حساب أعماله ومشاغله.
• سعدي: الإضراب في الجزائر كالعدوى والحكومة بيدها الحل
وفي هذا الصدد، أكد الأستاذ في علم الاجتماع، الهادي سعدي، أمس، لـ"الرائد"، أن وضع الجبهة الاجتماعية، هذه الأيام، تشير إلى حالة احتقان كبيرة بين النقابات والوزارات الوصية، حيث قال سعدي أن النقابات ممثلة للعمال ترى أنها "صبرت" على الحكومة إن صح التعبير وأجلت مطالبها وقت الأزمة، إلا أن تدهور الأوضاع أكثر فيما يخص القدرة الشرائية والحريات النقابية والأوضاع المهنية جعلها تعود إلى الاحتجاج، كونه بنظرها هو الحل، خاصة أن أغلب النقابات كانت لها تجارب مع الحكومة قبلا، تؤكد أن الاحتجاج هو الذي يأتي بنتيجة وليس اللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية، يضيف سعدي الذي قال أن الحكومة من جهتها ترى أن الوضع الراهن لا يمكنه تحمل مزيد من المطالب الاجتماعية أو العمالية، ما جعل حوارها مع هذه النقابات يقتصر على الوعود التي لا تتحقق إلا على المدى المتوسط والبعيد، وهو ما جعل الحوار، إن وجد، بين النقابات والوزارات الوصية دون فائدة.
وفي السياق ذاته، قال سعدي أن الحل بيد الحكومة التي عليها تبني لهجة جديدة في الحوار وعدم الاكتفاء بالوعود فقط، وإنما تقديم ضمانات لهذه النقابات من أجل الاستجابة لمطالبهم، حتى إن كانت الاستجابة ليست آنية، معتبرا أن ما تعرفه الجبهة الاجتماعية من احتقان قد يتطور أكثر، خاصة أن الإضراب بدأ ينتشر كالعدوى بين النقابات التي كانت تنتظر شرارة انطلاقه فقط، مؤكدا أن أغلب القطاعات فيها مطالب عالقة، وإن لم تتمكن الحكومة من السيطرة على الوضع الحالي فإن الوضع سيتفاقم أكثر ويشمل قطاعات أخرى غير التي تعرف إضرابا في هذه الفترة.
س. زموش