الوطن
البرتقال بـ 300 دج على بعد كيلومترات قليلة من سهول متيجة؟!
الأسعار تكشف عن تراجع رهيب في الإنتاج بسبب استنزاف الأراضي الفلاحية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 جانفي 2018
• موسوني: إنتاج الحمضيات تقلص بسبب غزو "الإسمنت"!
• صويلح: منع استيراد الفواكه ضاعف الطلب على الحمضيات ورفع أسعارها
تعد أسعار الحمضيات المتداولة هذا الموسم مرتفعة، حيث وصل سعر البرتقال من الأنواع الجيدة إلى 400 دج في بعض المحلات، وهي أسعار مرتفعة تكشف عن تراجع الإنتاج في السهل المتيجي الذي يصنف الأول وطنيا في إنتاج هذه الفواكه، وذلك بسبب استنزاف الأراضي الفلاحية واستغلالها لإنشاء توسعات عمرانية، بالإضافة إلى المضاربة التي تحدث على مستوى حقول الحمضيات، والتي جعلت المنتوج يباع أكثر من 3 مرات قبل أن يصل إلى أسواق الجملة، ما يرفع الأسعار أكثر.
وإن كان ارتفاع أسعار هذه الفواكه في بعض الولايات الداخلية والجنوبية أمرا يمكن تقبله بسبب الإنتاج الضعيف لهذه الولايات من فاكهة الحمضيات، إلا أن الأمر غير المعقول تماما هو وصول سعر البرتقال إلى حدود الـ300 دج في أسواق البليدة وبوفاريك وأسواق العاصمة، التي لا تبعد سوى كيلومترات عن سهول متيجة التي تعد الأولى وطنيا في إنتاج البرتقال والمندرين والليمون.
وبحسب العديد من المواطنين، فإن بلوغ أسعار البرتقال حدود الـ400 دج في بعض الأسواق والمحلات التجارية في العاصمة أمر في غاية الغرابة، ولا يمكن تفسيره إلا بعاملين، أولها تراجع الإنتاج بشكل كبير في سهول المتيجة التي بات يحاصرها الإسمنت من كل جهة، حيث يؤكد العديد من الفلاحين أن مساحات إنتاج الحمضيات تقلصت بشكل كبير، في السنوات الأخيرة، بعدما استعملت هذه الأراضي الفلاحية من أجل التوسع العمراني في بوفاريك والبليدة والشبلي، وصولا إلى بابا علي وسحاولة، في حين أن العامل الثاني الذي جعل أسعار الحمضيات في بلد الحمضيات ملتهبة، هي المضاربة، بحيث يشتهر سهل المتيجة بانتشار المضاربين في حقول الحمضيات الذين يتحكمون في الأسعار، وقبل وصول المنتوج إلى السوق تكون حقول الحمضيات قد تم بيعها أكثر من 03 مرات، وفي كل مرة يزيد سعرها، وبذلك فإن سعر الكيلوغرام الواحد الذي قدره الفلاح لبيع الحمضيات في الحقل، يتضاعف عدة مرات قبل وصول المنتوج إلى سوق الجملة ثم المستهلك، ويكون الخاسر الأكبر هو المستهلك، كما أن الفائدة التي يجنيها الفلاح لا مجال فيها للمقارنة مع ما يجنيه المضارب.
• موسوني: إنتاج الحمضيات تقلص بسبب غزو "الإسمنت"!
وفي هذا الصدد، أكد الخبير الزراعي، أكلي موسوني، أمس، لـ"الرائد"، أن إنتاج الحمضيات في الجزائر تراجع بشكل كبير، في السنوات الأخيرة، بعدما تقلصت المساحات المزروعة في كل من السهل المتيجي وولايات ساحلية أخرى، على غرار سكيكدة التي كانت تنتج أكثر من 300 قنطار في الهكتار الواحد من البرتقال والليمون.
وقال موسوني أن الإسمنت بات يحاصر سهول المتيجة، والتوسع العمراني اكتسح المستثمرات الفلاحية بالمنطقة، ما جعل الإنتاج يتضاءل، بالإضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بنقص دعم الفلاحين، فالعديد من منتجي الحمضيات، يضيف ذات المتحدث، لم يستفيدوا من مختلف أشكال الدعم الذي خصصته الدولة للفلاحين ويعتمدون على إمكانياتهم الخاصة.
من جهة أخرى، تحدث موسوني عن هرم أشجار البرتقال التي أضحت غير قادرة على الإنتاج، مشيرا أن مساحات واسعة من السهل المتيجي يزيد عمر الشجرة فيها عن 40 سنة، ومنها أشجار تعود إلى الحقبة الاستعمارية، وهو ما جعل المردودية تتراجع.
• صويلح: منع استيراد الفواكه ضاعف الطلب على الحمضيات ورفع أسعارها
من جهته، أرجع رئيس اتحاد التجار والحرفيين، صالح صويلح، ارتفاع أسعار الحمضيات هذا الموسم على غرار المواسم السابقة، إلى نقص الإنتاج بسبب المشاكل التي يغرق فيها الفلاحون، مقابل زيادة في الطلب كل موسم من طرف المواطنين، خاصة بعد منع استيراد الفواكه عدا الموز، وقبلها منع استيراد الحمضيات حصرا في مواسمها، وهو ما جعل الطلب يفوق العرض بكثير، وذكر صويلح أن الطلب على المادة كان محدودا في السنوات الماضية مقارنة بالمواسم الحالية، نتيجة استيراد أنواع كثيرة من الفواكه، ما يوفر خيارات عديدة أمام المستهلك، أما حاليا فإن غالبية المحلات أصبحت تعرض الحمضيات بجميع أنواعها، بالإضافة إلى فاكهتين أخريين في أحسن الأحوال، وهو ما يجعل المستهلكين يتجهون نحو الحمضيات، ما خلق طلبا متزايدا وعرضا لا يلبي الاحتياجات. وقال صويلح أنه زيادة على ما ذكر، فإن المضاربة لها دور كبير في ارتفاع الأسعار، مشيرا أن هذه المضاربة في الحمضيات تبدأ من حقول الفلاحين وصولا إلى أسواق الجملة، ما يجعل السعر يتضاعف كل مرة.