الثقافي
عبد الناصر خلاف: السوداوية انعكاس مباشر للراهن العربي
لا يقتصر الأمر على واقع المسرح الجزائري وحده
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 جانفي 2018
يتابع الناقد المسرحي عبد الناصر خلاف الحركة المسرحية في الجزائر منذ أكثر من عشرين سنة، ويرى أنها أصبحت تميل كثيرا إلى السوداوية، وأوضح خلاف في حوار مع "العربي الجديد" قائلا: "هذا التوصيف لا يمس المسرح في الجزائر فقط، بل يمتد عبر جغرافية الوطن العربي. سبق لي أن شاركت منذ شهر كعضو لجنة التحكيم بمهرجان الأردن المسرحي في دورته الـ24، وكنت أيضا ضيف شرف مهرجان أيام قرطاج المسرحية في دورتها الـ 19 ولاحظت نفس التوجه".
عبد الناصر خلاف أشار إلى "يمكن الحديث عن السوداوية من خلال الطرح الموضوعاتي، وهو انعكاس مباشر للراهن العربي الذي يشهد تراجيديات لا تقل سوداوية. وهكذا نجد أن مسرح العبث كان خيار الكثير من المخرجين، رغم أنه خيار صعب جدا. أما على مستوى العتمة، فإن الأحداث تدور داخل فضاءات معتمة، حيث يكون استعمال خافت للإضاءة، والبقع الضوئية، والابتعاد عن توظيف الإضاءة الكاملة، وهذا راجع إلى الاشتغال على المواقف التراجيدية، ورضوخ بعض المخرجين أحيانا لسلطة السينوغرافي الذي يذهب بالعرض إلى الاشتغال على الجماليات والتفاصيل الصغيرة والتصوير السينمائي، على حساب فكرة الإخراج والمسرحية بشكل عام".
وفي رده عن سؤال يتعلق بظاهرة الاقتباس التي أصبحت تغلب على الركح الجزائري خلال السنوات الأخيرة، قال خلاف: "هناك مغالطة كبيرة في هذا الطرح وللأسف تورط فيه الكثير. إن ما يسمى بالاقتباس في المسرح الجزائري كان في الأصل ترجمة، إعداد، جزأرة، تكييف لأنه كان يتم من نص مسرحي إلى نص مسرحي، وباستعمال مشروعية هذا المصطلح "الاقتباس" تمت ممارسات مشينة، وهي عبارة عن سرقات علمية موصوفة، أو تلاص ولا أحد تحدث في الموضوع، لأن النصوص المسرحية التي أنجزت للمسرح لم تنشر ويعرفها فقط من اشتغل عليها.
أما الاقتباس فهو تحويل جنس أدبي (قصة، رواية، قصيدة) إلى المسرح. سؤالي المطروح كم من نص عالمي اقتبس للمسرح في الجزائر منذ الاستقلال؟ قد تفاجأ إذا قلت لك إن ما اقتبس لم يتعد عشرة نصوص. إن أهم النصوص الجزائرية التي اقتبست كانت لواسيني- وطار- كاتب ياسين- مولود معمري- رشيد ميمون. أما النصوص المسرحية المأخوذة من "الريبرتوار" العالمي التي قدمت للمسرح باسم الاقتباس فتلك حكاية أخرى.
إن المسرح في العالم يرتكز على نصوص محلية وأخرى عالمية ولا داعي لإثارة هذه المسألة".
وفي رده على سؤال حول إن كان المسرح الجزائري خلال السنوات الأخيرة قد ضاع في مشكلة النص، بالأخص بعد رحيل المسرحيين الكبار، فهل تعتقد أن الظاهرة ما تزال مستمرة، أم أن الجيل الجديد استطاع أن يقدم نصوصا في المستوى، قال: " ارتكزت الكتابة المسرحية في الجزائر، كما قلت في مرات عدة، على الممارسين الذين جاؤوا من داخل الممارسة المسرحية. وقد أثير مشكل ندرة النصوص المسرحية منذ السبعينيات، حيث تساءل الكثير لماذا لا يكتب الأدباء للمسرح. وهو نقاش أثاره بعض رؤساء الأقسام الثقافية في الجرائد، وكان أغلبهم كتابا. إلا أن الإشكال أن هؤلاء لا يدخلون المسرح، إنما مع بعض الاستثناءات. هذا الاستثناء جاء مع الفقيد محمد بن قطاف خلال إدارته لمحافظة المهرجان الوطني للمسرح المحترف منذ الطبعة الأولى، حيث وضع استراتيجية تقريب المسرح من الأدباء. كان يقترح كل مرة أديبا كي يكون رئيس لجنة التحكيم، أو رئيس الملتقى العلمي، وهو من حاول عن طريق صدى الأقلام أن يشجع الأدباء لدخول عالم الكتابة المسرحية. وقد اقترحت عليه - للتاريخ - فكرة الشعر في ضيافة المسرح وقبلها واستمر الصديق الأديب بوكبة في تطويرها، وفي إعطائها مساحة أكبر في الكثير من دورات المهرجان. هذه النوافذ المشرعة جعلت الأدباء أكثر اقترابا من المسرحيين وحدث التواصل. هذا التواصل أثمر خاصة مع الجيل الجديد من الكتاب الذي وجد في فضاء المسرح مكانه الطبيعي، ولم يعد غريبا عنه لكن بصراحة إن من يكتب للمسرح من الداخل تكون نصوصه أقوى وأعمق، لأنه يعرف الخلطة السرية التي تجعل من العرض المسرحي ساحرا.
مريم. ع