الثقافي
"الإسلام في التاريخ العالمي": إرث يخصّ البشرية كلها
على الرفّ
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 جانفي 2018
يكفي الرجوع إلى كتابات ومقالات المؤرخ الأميركي مارشال جي.آس. هودكسون (1922-1986)، للوقوف على حجم مساهمة الحضارة الإسلاميّة، إلى جانب حضارات أخرى، في صناعة التاريخ العالمي بداية من القرن السابع إلى ما بعد القرن السادس عشر ميلادي.
فمنذ أن وضع هودكسون "مغامرة الإسلام"، عام 1973، اعتبر الكتابُ مرجعاً ليس فقط للباحثين الأجانب بل وللدارسين العرب، وقد أصدرت دار "ملتقى الطرق" المغربية مؤخراً مجموعة من المقالات المختارة التي ترجمها المؤرخ والمحقق عبد السلام الشدادي تحت عنوان "الإسلام في التاريخ العالمي"، وهي المقالات نفسها التي ترجمها الشدادي إلى الفرنسية وصدرت عن "أكت سود" عام 1998.
يبدو أن خيار الشدادي -وهو أحد أبرز محققي ابن خلدون- في أن ينتقي مقالات بعينها لهودكسون هو ضخامة عمل الأخير، الذي قدّم ثلاثة مجلدات في دراسة علمية لأثر الإسلام في الثقافة العالمية، تضمّنت بيانات وخرائط وجداول تتبّع وتفسّر التطوّر التاريخي للحضارة الإسلامية منذ ولادة النبي محمد وحتى منتصف القرن العشرين.
فقد فصّل هودكسون مجلداته ليتناول كل منها حقبة بعينها، فنجد المجلد الأول تحت عنوان "العصر الكلاسيكي للإسلام" وفيه يتحدّث عن الفترة التي سبقت ظهور النبي محمد ثم التحديات التي واجهته، وينتقل إلى الحديث عن الحضارة الإسلامية في فترة الخلافة.
أما المجلد الثاني، فجاء بعنوان "توسع الإسلام في العصور الوسطى"، وفيه يستكشف ويدرس الكاتب تأسيس حضارة إسلامية عالمية، ويضمّن الكتاب مقارنة ومقاربة بين أنماط الثقافة في العالم الإسلامي والغرب في ذلك العصر.
ينتقل هودكسون في المجلد الثالث الذي عنونه "إمبراطورية السلاح والأزمنة الحديثة"، وفيه يتناول الازدهار الثاني للإسلام كما يسمّيه في عهد الصفوية والتيمورية والعثمانية. وفي هذا الجزء الختامي يفرد مساحة أكبر لتحليل الإرث الإسلامي وانتشاره في العالم وتأثيره على العالم كما نعرفه اليوم.
يرى الشدادي أن هذا الكتاب هو "الوحيد الذي يتطرق بكيفية معمقة إلى موضوع دور الإسلام في التاريخ العالمي، بمعنى أنه يمثل إحدى الحالات النادرة في الكتابات التاريخية حول الإسلام في الغرب، التي تتوخى الموضوعية والنزاهة بصفة تكاد تكون كاملة"، والمقالات التي جمعها وترجمها الشدادي، تطرح مسائل بالغة الأهمية مثل مسألة المقارنة بين النماذج الثقافية في الإسلام والغرب، ومسألة الحداثة والإرث الإسلامي، وتفتح آفاقاً مثيرة للجدل في فهم الواقع الإسلامي ودراسته.
الوكالات