الوطن
لن نتخلص من الحلول الظرفية في 2018 ما سيجعل الوضع الاقتصادي أكثر هشاشة!
الخبير الاقتصادي الدكتور سليمان ناصر لـ "الرائد":
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 01 جانفي 2018
• احتياطي الصرف سينزل تحت 80 مليار مع نهاية هذه السنة
• العجز في الخزينة قد يصل إلى حوالي 30 مليار دولار ونسب الضخم لـ 10 بالمائة
عبر الخبير الاقتصادي الدكتور سليمان ناصر عن تشاؤمه من الوضع الاقتصادي في 2018 حيث أكد أن السنة ستكون صعبة على أكثر من صعيد متحدثا عن تدهور لأغلب المؤشرات الاقتصادية بسبب تخبط الحكومة في إجراءات وقرارات دون أي فعالية ما يجعل الأزمة مستمرة في الجزائر.
• بشكل عام بعد سنة كانت صعبة على الجزائر اقتصاديا في 2017 وتدهور للعديد من المؤشرات كيف ترون الأمور في 2018 هل سيكون هناك بعض التحسن تبعا للإجراءات التي اتخذتها الحكومة أم أن الأوضاع ستؤول لما هو أخطر؟
لا أعتقد أنه سيكون هناك تحسن في الأوضاع الاقتصادية خلال سنة 2018، وذلك بسبب أن الحكومة تطلق وعوداً وتوقعات تبدو كبرامج طموحة ومتوسطة المدى ولكن تعاقب الحكومات وتغير المسؤولين خلال فترات قصيرة من جهة، وظهور خطأ تلك التوقعات في أولى مراحلها من جهة أخرى، واعتماد الحكومة على الحلول الظرفية لتحقيق تلك البرامج الموعودة من جهة ثالثة، جعل كل تلك الإجراءات تفشل، بدليل أن الحكومة لجأت إلى التمويل غير التقليدي (أي طبع النقود) لإنهاء سنة 2017 بصعوبة، كل هذا يجعلني أتشاءم من الأوضاع المستقبلية إذا سارت بهذه الوتيرة.
• ربطتم عدم استقرار الأوضاع في 2017 بالتغييرات الكثيرة في الطاقم الحكومي أترون أن الحل يكمن في الالتزام بالقرارات الاقتصادية؟
أكيد وفي نظري فإن استقرار الطاقم الحكومي وعدم تعديله في كل فترة قصيرة أمر مهم حتى تتمكن الحكومة من تنفيذ برامج متوسطة المدى، وأيضاً إرجاع وزارة الاستشراف التي أُلغيت لأسباب غير مفهومة.
• بخصوص بعض المؤشرات الاقتصادية فيما يتعلق باحتياطي الصرف، وأسعار النفط والعجز في الخزينة العمومية ونسب التضخم وسعر العملة الوطنية ماذا تتوقعون؟
كما قلنا سابقاً، فإن غياب وزارة الاستشراف جعل الحكومات المتعاقبة تتخبط في توقع الأرقام، احتياطي الصرف أتوقع أن ينزل تحت 80 مليار مع نهاية السنة الجديدة. وهذا يقودنا إلى الحديث عن النفط والذي أعتقد أنه سيستقر فوق 60 دولار بقليل، لأن أي تحسن في الأسعار ستستغله الولايات المتحدة في إنتاج النفط الصخري وبالتالي زيادة المعروض وتراجع الأسعار من جديد.
وفيما يخص العجز في الخزينة العمومية فهو انعكاس للعجز في الميزانية، والذي سيبلغ 2113.5 مليار دج حسب توقعات قانون المالية لسنة 2018، وبالتالي فإن العجز في الخزينة قد يصل إلى حوالي 30 مليار دولار، لكن لن يكون مكلفاً للحكومة مادامت قد أُعطي لها الضوء الأخضر للجوء إلى طبع النقود ولمدة 5 سنوات ودون تحديد سقف. وهذا بدوره سينعكس سلباً على
(إذا أعلنت الحكومة عن النسب الحقيقية). وهذا يقودنا أيضاً إلى الحديث عن العملة الوطنية والتي ستتواصل الانهيار (سواء في السوق الرسمية أو الموازية) مما سيؤدي إلى تدهور أكبر للقدرة الشرائية للمواطن.
• كل توقعاتكم تشير لاشتداد الأزمة أكثر هذه السنة برأيكم هل سيختلف تعامل الحكومة مع هذا الوضع؟
لا أعتقد أن الحكومة ستغير سياساتها لأنها لا تصغي للخبراء (خاصة المحايدين والمستقلين)، فمثلاً الحكومات المتعاقبة استعملت كل الوسائل لاستقطاب الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية، من التصريح الضريبي الطوعي، إلى القرض السندي، والآن لجأت إلى فتح شبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية خاصة العمومية منها، هذه الفكرة الأخيرة قلنا بأنها ستفشل، ومع ذلك فالحكومة مستمرة في هذه الفكرة، عوض إنشاء المزيد من البنوك الإسلامية المستقلة تماماً مثل بنك البركة الجزائري ومصرف السلام.
• وفيما يخص تسيير بعض القطاعات الهامة على غرار قطاع التجارة والسكن وقطاع الصناعة في ظل المؤشرات والتغييرات التي طرأت مع نهاية السنة الماضية ماذا تتوقعون؟
في قطاع الصناعة فأن مجال تركيب السيارات أكثر ما برز في 2017 وقد تعرض لهزة كبرى مؤخراً، بعد أن قررت الحكومة حصر هذه الصناعة في خمسة متعاملين فقط وهذا منافٍ لقواعد المنافسة واقتصاد السوق، ويخلق حالة احتكار جديدة لهذه القطاع من طرف أقلية، سوف تفرض منطقها في الأسعار، من جانب أخر وفي قطاع التجارة فأن أكثر قرار سيؤثر في 2018 وهو قرار منع الاستيراد والذي سيؤدي ، إلى عدة سلبيات، أهمها خلق ندرة في السوق بالنسبة لكثير من السلع لم نستطع بعد توفيرها محلياً وبنفس الجودة، وبالتالي التهاب الأسعار والإضرار أكبر بالقدرة الشرائية للمواطن. هذا بالإضافة إلى أن هذا المنع سوف يخلق تعقيدات كثيرة للجزائر أمام المنظمة العالمية للتجارة، أما بالنسبة لقطاع السكن فقد خصصت له الحكومة مبلغ 396.1 مليار دج في قانون المالية 2018، بعد أن كان المبلغ يساوي 305 مليار دج في السنة الحالية.
مما يبين حرص الدولة على الاستمرار في سياسة الدعم الاجتماعي، وأعتقد أن تقليص هذا الدعم الذي تسعى إليه الحكومة يجب أن يبدأ من هذا القطاع، فالجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي يمنح السكن مجاناً (السكن الاجتماعي) إضافة إلى دعم الصيغ الأخرى بشكل كبير.