الوطن

تصريحات غير مدروسة، قرارات لا تطبق وإجراءات يتم التراجع عنها تشوّش على الاستثمار

حالة اللاستقرار التي تعيشها الحكومة قد تبعث برسائل سلبية للأجانب

باتت سياسة الحكومة مؤخرا والتي تقوم على وضع القرارات والإجراءات ثم التراجع عنها غير مشجعة للاستثمار، فبالإضافة للوضع الاقتصادي المتدهور والشروط البيروقراطية التي توضع في وجه رجال الأعمال الأجانب فان مسلسل وضع القرارات والتراجع عنها من شأنه ان يعطي صورة سلبية أكثر حدة لدي هؤلاء وقد يكون من بين أحد أسباب هروبهم بحثا عن وضع وإجراءات أكثر استقرارا.

تتخبط الحكومة هذه الفترة في قرارات وإجراءات أثبتت فشلها ولم تعطي أي نتائج إيجابية وهو ما جعلها تتراجع عنها بعد مدة قصيرة من التطبيق على غرار نظام رخص الاستيراد وكذا قرار تشجيع الاستثمار في قطاع تركيب السيارات، كما ان هناك من القرارات ما لم تتمكن الحكومة من فرضها رغم انها تعليمات رسمية ومراسيم وزارية كان من المفروض تطبيقها بمجرد صدورها علنا، وهو ما يعتبره الخبراء بمثابة رسائل سلبية تبعث للمستثمرين الأجانب.

فمسلسل وضع القرارات والتراجع عنها وعدم تطبيق قرارات اخري على أرض الواقع من شأنه ان يوحي للراغبين في الاستثمار محليا أن خطوتهم هذه قد تكون مغامرة غير محسوبة النتائج، ويري العديد من الخبراء أن اللأستقرار الذي تعرفه الحكومة وقراراتها قبل الحديث عن وضع الأسواق ومناخ الاستثمار يعد من بين العوامل التي قد تهوي بأرقام وحجم الاستثمار في السنوات الأخيرة معتبرين ان التغييرات الوزارية كل مرة والتعديلات في كبار المسؤولين سواء على مستوى الجهاز التنفيذي وكذا على مستوى كبريات المؤسسات العمومية لا يخدم أيضا مناخ الاستثمار ويعد تشويش على الراغبين في الاستثمار محليا، وهو ما جعل الجزائر تتلقي في العديد من المرات ملاحظات ومطالب لهيات مالية واقتصادية عالمية من أجل حثها على تشجيع مناخ الاستثمار أكثر خاصة وان هذا الأخير تأثر سلبا خلال الأربعة سنوات الأخيرة بسبب ازمة النفط وتخوف المستثمرين الأجانب من وضع الأسواق الجزائرية.

وعلى ذكر الأسواق المحلية فان ما يضاعف التخوف لدي المستثمرين من وضع السوق الجزائرية هو غياب أرقام ومؤشرات رسمية محينه توضع تحت تصرف الراغبين في الاستثمار وتشرّح حالة هذه الأسواق بالمقابل نجد ان هناك بعض التصريحات التي يدلي بها بعض الوزراء غير مسؤولة وتتحدث عن فوضى في الأسواق الجزائرية وعن عدم قدرة حتى للحكومة على ضبط الأمور بها على غرار حديث بعض المسؤولين عن سيطرة المضاربين على أسواق معينة وهو ما يظهر الحكومة عاجزة امام تغول مافيا ومضاربين مقابل مستثمرين محتملين قد يجدون أنفسهم ضحية لهؤلاء.

بالمقابل لا يخفي الخبراء تخوفهم من تأثير فشل بعض الإجراءات الحكومية على مناخ الاستثمار على غرار عدم قدرة قرارات الحكومة على إزاحة العراقيل البيروقراطية في وجه المستثمرين حيث لم تكن لقرارات وزراء الصناعة والفلاحة وتدابير صناديق الاستثمار أي نتائج فورية على المستثمر سواء تعل الامر بالأجنبي أو المحلي حيث لا يزال هؤلاء يتحدثون عن عوائق وإجراءات معقدة.

من جانب اخر يري الخبراء أن الأصوات التي تظهر كل مرة وتتحدث عن تغول رجال الأعمال في الجزائر وتحرك الحكومة وفق ضغوطات هؤلاء تعد أيضا رسائل سلبية تبعث للمستثمرين الأجانب الذين سيرون في الجهاز الذي يسير الاقتصاد مسيس وتتحكم فيه مصالح ضيقة. للإشارة فان مجموع الاستثمارات المحلية والأجنبية في 2017 بلغت حوالي ألف و400 مليار دينار سجلت خلال الفترة ما بين جانفي ونهاية سبتمبر 2017، من تسجيل حوالي 3 ألاف مشروعا خلال الأشهر التسعة الأولى من 2017 مقابل 5 ألاف مشروعا خلال الفترة نفسها من 2016، أي بانخفاض قدره 21 في المائة في عدد المشاريع، ولاتزال اغلب المؤسسات والمنظمات الدولية تنتقد الجزائر فيما يخص ظروف الاستثمار والتي تعقدت اكثر خلال الازمة حيث تتحدث هذه المنظمات عن عدم تسجيل أي تغيير جوهري في مسار الاستثمار، سواء تعلق الأمر بالإجراءات أو الوثائق أو المحيط العام الذي يتسم بالكثير من التعقيد وغياب رد الفعل أو الفساد والرشوة والبيروقراطية، ما يثير تساؤلات حول مدى فعالية إجراءات المصاحبة التي اعتمدتها الحكومة الجزائرية بخصوص تحسين المناخ العام للأعمال والاستثمار.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن