الوطن
أكثر من نصف الجزائريين يعيشون على "الكريدي" ؟!
ارتفاع الأسعار بات يشكل ضغطا إضافيا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 18 ديسمبر 2017
• رزيق: 80 بالمائة من أجرة الجزائري تذهب للغذاء فقط
بات حال الأسواق، هذه الأيام، يشكل ضغطا إضافيا على الأسر، فالأجرة التي كانت تسد احتياجات العائلة في وقت سابق أصبحت اليوم لا تكفي لإتمام الشهر بسبب الأسعار الملتهبة، وهو ما يدفع بالعديد من الجزائريين للجوء إلى الدين أو الكريدي في صورة تمثل مزيدا من الضغط.
لم تتمكن أغلب الأسر محدودة الدخل من مسايرة وتيرة ارتفاع الأسعار التي شملت كل المنتجات والخدمات، فالفارق بين الأجور ومستوى المعيشة بلغ مستويات جد مرتفعة، ما جعل الجزائريين يلجأون نحو حل وحيد وهو الاستدانة، حيث عادت دفاتر الكريدي بالمحلات خلال الأشهر الأخيرة بقوة، وبات المواطن يأكل ويشرب بالدين إلى حين استلام المرتب الذي يضع جزءا كبير منه في تسديد هذا الدين ويعود إلى نقطة الصفر، وهو ما يثبت وجود هوة سحيقة بين معدل الدخل الحقيقي للأسر الجزائرية، والذي يتراوح بين 20 ألفا إلى 35 ألف دينار جزائري، والحد الأدنى المطلوب لتكاليف العيش في ظل هذا الوضع، والذي حصره خبراء بين 5 ملايين و6 ملايين سنتيم للعائلة المتكونة من أربعة أفراد، ما يفسر لجوء كثير من الأسر إلى الاستدانة لتغطية العجز عن الوفاء بالاحتياجات الأساسية.
وما زاد من الضغط على ميزانية الجزائريين وجعلهم يلجأون إلى الدين هي نسب الارتفاع القياسية التي سجلتها أسعار كل المواد الأساسية بالجزائر، في الفترة الأخيرة. فظاهرة الزيادات سجلت وتيرة تسارع قوية جدا خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب قانون المالية والفوضى التي تعرفها الأسواق والمضاربة التي تحدث في ظل غياب الرقابة، بالإضافة إلى انهيار أسعار العملة الوطنية ونظام رخص الاستيراد الذي خلق ندرة في العديد من المنتجات، وهو ما جعل نسبة بعض الزيادات في أسعار المواد الأساسية تفوق الـ 50 بالمائة.
وليس فقط المواد الاستهلاكية التي ارتفعت، فحتى الخدمات كان لها نصيب من الارتفاع، منها الخدمات الطبية وخدمات النقل وأسعار الأدوية وتسعيرة الكشوفات الطبية والأشعة الطبية غير قابلة للتعويض، وقفز معدل الميزانية المخصصة لزيارة واحدة للطبيب من 2500 دج إلى 4000 دج كل ثلاثي، بالإضافة إلى 5000 دج كمعدل شهري لأجرة النقل، وأكثر من مليون ونصف مليون سنتيم كمصاريف فاتورة الماء والكهرباء، دون الحديث عن العائلات التي تعيش في سكنات كراء، وهي المصاريف التي باتت الأجرة الشهرية لا تغطيها، ما يضطر أرباب الأسر للاستدانة.
• رزيق: 80 بالمائة من أجرة الجزائري تذهب للغذاء فقط
وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، أمس، في تصريح لـ"الرائد"، أن أكثر من نصف الجزائريين باتوا يعيشون على "الكريدي"، مشيرا أن هذه الظاهرة تعد الحل الوحيد بالنسبة للعديد من العائلات من أجل مواجهة المصاريف التي تضاعفت بشكل كبير خلال الثلاثة أشهر الأخيرة.
وقال رزيق أنه بعملية حسابية بسيطة يتضح أن أجرة الجزائري التي تتراوح بين 18 ألف دينار و35 ألف دينار لا يمكنها أن تصمد أكثر من 15 يوما بالنسبة للعائلات التي تتكون من أربعة أفراد، في حين تقل المدة بالنسبة للعائلات التي يزيد أفرادها عن هذا العدد، مشيرا أن انحصار مداخيل البعض فقط في الأجرة الشهرية يجعلهم مجبرين على الاستدانة.
وأضاف رزيق أن هناك فارقا كبيرا بين ما يتقاضاه الجزائريون وبين ما ينفقونه، مؤكدا أن أكثر من 80 بالمائة من أجرة الجزائري تذهب لتغطية مصاريف الغذاء فقط، لتبقى المصاريف الأخرى المتعلقة بخدمات النقل والعلاج تمثل ضغطا على المواطنين. لكن بالمقابل لم يخف الخبير الاقتصادي أن السلوك الاستهلاكي دائما ما يلعب دورا كبيرا في التعامل مع المصاريف، مشيرا أن هناك العديد من العائلات لم تتأقلم بعد والوضع الاستثنائي الذي تعيشه الجزائر، ولا تزال تنفق بنفس الوتيرة رغم ارتفاع الأسعار، ما يجعلها عرضة أكثر من غيرها للضغط، معتبرا أنه من الضروري على الجزائريين التعود على سلوك استهلاكي عقلاني بعيدا عن التبذير.