الوطن
مقاهي الأنترنت... من هنا تبدأ الجرائم الإلكترونية!
تحولت إلى بؤر مجهولة موزعة عبر الوطن يختبئ فيها مجرمون من نوع خاص
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 13 ديسمبر 2017
• بولحبال: 50 بالمائة من مقاهي الأنترنت تنشط بعيدا عن القانون
رغم انخفاض عددها بسبب تقنيات التواصل الحديثة والهواتف الذكية، إلا أن مقاهي الأنترنت في الجزائر لا تزال توفر خاصية فريدة بالنسبة لزبائنها، خاصة للفئات التي تبحث عن الحرية في الإبحار الإلكتروني، سواء من فئة الأطفال أو بالنسبة للمتورطين في الجرائم الإلكترونية وجرائم الابتزاز والتشهير، وحتى ما تعلق بجرائم الإشادة بالإرهاب، ما جعل هذه المقاهي التي ينشط أغلبها بصيغة غير قانونية ولا تخضع لأي رقابة أو نص قانون ينظم عملها، تتحول إلى بؤر للجريمة الإلكترونية في الجزائر.
• قرصنة، ابتزاز ودعم للإرهاب يتم في بؤر مجهولة موزعة عبر الوطن
إلى غاية الآن لا توجد قوانين خاصة تحدد شكل استخدام الأنترنت داخل مقاهي الأنترنت في الجزائر، حيث تعمل أغلب هذه المقاهي بعيدا عن الرقابة، وهناك عدد كبير منها من يعمل حتى دون سجل تجاري، ما يجعل أغلب زبائنها من الراغبين في حرية أكبر وبعيدا عن الرقابة في الإبحار الإلكتروني أكثر من غيرهم، فالبنسبة لفئة الأطفال تعد مقاهي الأنترنت ملاذا لهم من رقابة الأولياء بالبيت، ونفس القاعدة تنطبق على المتورطين في جرائم التشهير والابتزاز عن طريق الأنترنت وحتى قراصنة الأنترنت، حيث من الصعب على مصالح الأمن المختصة في الجريمة الإلكترونية متابعة هؤلاء ومعرفة نطاق اتصالهم بالشبكة العنكبوتية. أما بالنسبة للمتورطين في جرائم الإشادة بالإرهاب، فإن مقاهي الأنترنت هي السبيل الوحيد لتحميل فيديوهات وصور زعماء الإرهاب، والدخول إلى المواقع التي تحرض على الإرهاب.
وحسب تقارير أمنية، فإن مقاهي الأنترنت أصبحت عائقا يحول دون اصطياد المتورطين في الجرائم الإلكترونية، وهي بمثابة بؤر مجهولة موزعة عبر الوطن يختبئ فيها مجرمو الفضاء الافتراضي، حيث تتعثر الملاحقات القضائية والبحوث الأمنية أحيانا، بإشكال تداخل وتقاطع الاختصاصات القضائية، وعدم القدرة على الوصول إلى المعطيات وللأشخاص المتورطين بسبب عدم وجود رقابة بمقاهي الأنترنت وعدم الاحتفاظ ببيانات الزبائن.
وبسبب هذه المعطيات، يرى الخبراء ضرورة إعادة النظر في أطر ممارسة مقاهي الأنترنت لنشاطهم ووضع تشريع قانوني ينظم العمل في المقاهي، لتفادى تأثيراتها السلبية على فئات معينة، خاصة الأطفال، قبل تنام أكبر للجرائم الإلكترونية في الجزائر وأخذها منحنيات خطيرة، والتي يبقى أغلبها دون عقاب. ويطالب المختصون بفرض رقابة أمنية على هذه المقاهي وتحديد السن القانونية اللازمة لدخولها، مع فرض عقوبات صارمة على أصحاب المقاهي الذين لا يلتزمون بالقانون.
• أصحاب مقاهي أنترنت يزجون في السجن والرقابة ستخدم الجميع
وبحسب الخبراء، فإن الرقابة وفرض قوانين تنظم عمل مقاهي الأنترنت سيكون إيجابيا بالنسبة لزبائن المقاهي ولأصحابها، باعتبار أن هناك العديد من القضايا التي زج فيها أصحاب مقاهي الأنترنت في السجن دون أن يكونوا على علاقة بها، على غرار قضايا إشادة بالإرهاب. فالعديد من أصحاب مقاهي الأنترنت وجدوا أنفسهم محل متابعات قضائية أمام المحاكم الجنائية، وقضوا فترات طويلة بالسجون لجرائم لم يرتكبوها ولا تربطهم علاقة بها سوى أن أشخاصا أرسلوا وحمّلوا صورا وفيديوهات تتعلق بالإشادة بالأعمال الإرهابية، فوجدوا أنفسهم متابعين بجناية الإشادة بالأعمال الإرهابية وطبع التسجيلات المشيدة بها.
• بولحبال: أكثر من 50 بالمائة من مقاهي الأنترنت تنشط بعيدا عن القانون وتشجع على الجريمة
وفي هذا الصدد، أكد الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، هشام بولحبال، أمس، أن مسؤولية مراقبة عمل مقاهي الأنترنت تتداخل بين وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال فيما يخص شروط ممارسة هذا النشاط، وحتى فيما يخص المحتوى، وبين وزارة التجارة فيما يخص الوضع القانوني لهذه المحلات، حيث قال بولحبال أن أكثر من 50 بالمائة من هذه الفضاءات هي فضاءات غير شرعية أصلا ولا تملك حتى سجلا تجاريا، ما يضاعف الصعوبات بالنسبة لرجال الأمن إذا تعلق الأمر برقابة على جرائم إلكترونية.
وأضاف بولحبال أن الخبراء طالبوا في العديد من المرات بوضع تشريع صارم بالنسبة لعمل هذه المقاهي، لأن ما هو موجود حاليا يعاني فراغا كبيرا وأغلب مواد دفتر الشروط والمرسوم الخاص بفتح مقاهي أنترنت غير مطبقة، على سبيل المثال منع دخول القصر إلى هذه الأماكن بمفردهم، معتبرا أنه حان الوقت لفرض رقابة حقيقية بالنظر إلى عدد المخالفات والشكاوى المرفوعة سواء من طرف المواطنين أو الهيئات الأمنية التي تعجز في كل مرة عن حل العديد من القضايا المتعلقة بالقرصنة، خاصة إذا تمت بمقهى للأنترنت، مشيرا أنه من الضروري إعادة النظر في دفتر الشروط الذي فرض على أصحاب مقاهي الأنترنت بغرض تنظيم هذا النشاط والأخذ بعين الاعتبار العديد من الاعتبارات الأمنية، بما يخدم الحفاظ على سلامة المواطنين ومراقبة القصر وحتى الشباب.
س. زموش