الوطن

العسل الطبيعي وزيت الزيتون... منتجات ممنوعة على الجزائريين ؟!

انخفاض الإنتاج وتوجيه جزء كبير منه للتصدير انعكس على الأسعار

تعرف أسعار العسل وزيت الزيتون في هذه الفترة ارتفاعا فاحشا، حيث باتت هذه المنتجات ممنوعة على الجزائريين بسبب أسعارها وتوجيه جزء كبير منها للتصدير، بشكل أصبح لا يلبي احتياجات الجزائريين، وبات جل ما يعرض من هذه المنتجات في الأسواق مغشوشا وسعره لا يتماشى والقدرة الشرائية للمواطنين.

تشهد أسواق العسل وزيت الزيتون في الجزائر، في الآونة الأخيرة، فوضى كبيرة ونقصا فادحا في العرض، ما جعل الأسعار تلتهب وتصل إلى مستويات قياسية، بالموازاة مع مواصلة توجيه المنتجين لهذه المواد جزءا كبيرا من إنتاجهم للتصدير، حيث يفضل هؤلاء تسويق منتجاتهم، خاصة ذات الجودة العالية، في الأسواق الأوروبية على حساب السوق الوطنية التي باتت تغرق في المنتجات رديئة النوعية والمقلدة. من جانب آخر، فإن الظروف المناخية الصعبة والحرائق التي شهدتها عدد من الولايات، الصائفة الماضية، أثرت على إنتاج العسل وزيت الزيتون هذه السنة، الأمر الذي أفرز أسعارا بعيدة عن القدرة الشرائية للجزائريين، حيث بات العسل الطبيعي وزيت الزيوت الحر من المنتجات الممنوعة على المواطنين.

 

أسعار العسل تقارب المليون سنتيم وزيت الزيتون بألف و200 دج!

 

في جولة استطلاعية قادتنا أمس إلى بعض الأسواق الشعبية والمحلات، رصدنا مدى الغلاء الذي تعرفه منتجات زيت الزيتون وكذا العسل الطبيعي ومشتقاته، بالإضافة إلى وجود تخوف كبير لدى المستهلكين من جودة ونوعية هذه المنتجات. فالسعر المرتفع لا يضمن جودة المنتج، بل أنه في كثير من الأحيان ما يقع المواطنون ضحية تحايل من بعض الباعة الذين يعرضون منتجات مغشوشة وبأسعار خيالية. وقد وصل سعر الكيلوغرام من العسل إلى حوالي مليون سنتيم بالنسبة لبعض البائعين الموثوقين أو على مستوى أصحاب مزارع تربية النحل، في حين ينخفض السعر قليلا على مستوى الأسواق، وهو ما يجعل المستهلك يشك في النوعية والجودة.

من جانب آخر، وصلت أسعار بعض مشتقات الخلية إلى حدود غير معقولة خاصة وأنها منتجات طبية بالدرجة الأولى، فسعر ما يعرف بغذاء الملكات وصل إلى حوالي 6 آلاف دينار جزائري للعشرة غرامات، وهو منتج يستعمل في التخفيف من أعراض السرطان وبعض الأمراض الخطيرة، في حين وصل سعر حبوب الطلع لدى منتجي العسل حدود الألف و500 دج لـ 100 غ، وهو أيضا منتج يستخدم في العلاج. من جانبها، عرفت أسعار زيت الزيتون ارتفاعا فاحشا في الأسواق، وتباينت من كل تاجر لآخر. فعلى مستوى المحلات وصلت الأسعار إلى حدود الألف و200 دينار جزائري، في حين بلغت حدود الألف دينار على مستوى المنتجين.

 

صعوبات قلصت من إنتاج العسل والحرائق وراء تراجع محصول الزيتون

 

من جهتهم، أرجع عدد من منتجي العسل ارتفاع الأسعار إلى قلة الإنتاج هذه السنة، بسبب عدد من الصعوبات يواجهها هؤلاء، تتمثل أساسا في ارتفاع أسعار لوازم تربية النحل التي غالبا ما تستورد من الخارج، إلى جانب انتشار مشكلات وأمراض النحل، خصوصا الآفات التي تؤدي إلى ضعف شديد للطوائف وأحيانا تدمير كامل للمناحل.

ويؤكد المربون أنهم يعانون من صعوبة نقل خلاياهم حسب الظروف والمناطق، مطالبين بضرورة التنسيق بين وزارة الفلاحة والتجارة لحماية العسل الوطني، عبر منع إغراق السوق بالعسل المستورد في مواسم الإنتاج، بالإضافة إلى ضرورة تكثيف التوعية من جانب وزارة الفلاحة والتنمية الريفية وإعداد البرامج الإرشادية للمنتجين والمستهلكين، ودراسة موضوع تعويض النحالين عند فقدان خلاياهم بسبب حملات الرش بالمبيدات، والتنسيق مع وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات بشأن تنظيم حملات مكافحة الحشرات، كما يشتكي مربو النحل من هلاك متزايد لمجموعات النحل بشكل لافت للانتباه. ويعود السبب، حسبهم، إلى الاستعمال المفرط للمبيدات المضادة للحشرات والأعشاب الضارة، وبعض الأمراض التي تصيب هذا النوع من الحشرات، الأمر الذي يغرقهم في انشغال دائم جراء التراجع الملحوظ في كميات العسل المنتجة.

أما بالنسبة لمنتجي زيت الزيتون فيؤكدون أن الأسعار المرتفعة هذه السنة راجعة لانخفاض المحاصيل مقارنة بالسنوات الماضية، جراء الحرائق التي أدت لإتلاف مئات الهكتارات من أشجار زيت الزيتون. ويؤكد المنتجون أن موسم الجني الحالي سجل انخفاضا محسوسا في حجم محاصيل الزيتون، خاصة في المناطق الغربية بسبب موجة الحر الشديدة التي شهدتها الجزائر خلال الصائفة الماضية، إضافة إلى موجة الحريق التي مست العديد من الولايات، ما أثر مباشرة على أسعار زيت الزيتون التي ارتفعت تقريبا إلى الضعف، خاصة مع تزايد الطلب عليها في هذه الفترة من السنة.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن