الوطن

الحكومة تواجه الأزمة بالندوات والملتقيات الشكلية !!

رغم الوضع المالي الصعب الذي يتطلب ترشيد للنفقات على أكثر من مستوى

لالماس: الملتقيات أصبحت مصدر "نهب" للميزانيات بطريقة قانونية

رزيق: الندوات تستهلك أموالا في كل محطاتها دون أن تقدم شيء

 

رغم صعوبة الوضع المالي حاليا إلا أن العديد من القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية لا تزال تصرف الملايير على تنظيم الملتقيات والندوات والدورات التكوينية دون ان تكون لهذه الأخيرة أي فائدة او جدوى اقتصادية سوى الترويج الإعلامي وهو ما أعتبره خبراء نزيف للأموال، و"نهب" للميزانيات تحت غطاء قانوني.

لم تتمكن الحكومة طيلة 2017 من التحكم في قطاعات وزارية صرفت الملايير على ندوات وملتقيات علمية ودورات تكوينية بالداخل والخارج دون أي فائدة اقتصادية فرغم الوضع المالي الصعب والذي يتطلب ترشيد للنفقات على أكثر من مستوي إلا ان بعض القطاعات على راسها قطاع التربية والصحة والثقافة التعليم العالي وكذا قطاع الطاقة واصلوا في تنظيم محاضرات وملتقيات شكلت مصدرا لنزيف الأموال، خاصة وأن هذه الملتقيات عادة ما تكون عبارة عن صفقات تتم تحت الطاولة لصالح وكالات اتصال تبزنس لتحضير  ألاف المطويات التي تطبع سنويا وتوجه للرمي دون ان يستفاد منها في شيء دون احتساب الملايير التي تصرف في حجز الفنادق التي عادة ما تحتضن التظاهرات والملتقيات ومبيت المدعوين أو المشاركين وكذا مصاريف الإطعام التي تتجاوز حدود المعقول في صفقات لا يكشف عنها للعلن، ليخرج المنظمون والحضور وحتى المدعوون في آخر المطاف صفر الأيادي.

وتنوي الحكومة من خلال مشروع قانون المالية 2018 إخضاع الاعتمادات المتعلقة بهذه الندوات والملتقيات بداية من السنة المقبلة لقواعد جد صارمة، حيث سيتم مستقلا منع تنظيم الملتقيات والندوات وبرامج المنح إلى الخارج ومنح التكوين، تفاديا لأية مصاريف إضافية تخل بمبدأ "التقشف" وتسقيف الميزانية الملزمة لكل قطاع وزاري. وكانت وزارة المالية قد أمرت الآمرين بالصرف وضع نصب أعينهم لدى تحضير مشاريع ميزانيتهم ضرورة تقليص التكفل بالمدعوين والمساهمين والوفود الأجنبية التي تزور البلاد في إطار التبادلات الثنائية أو بمناسبة التظاهرات المختلفة، وجعل التكفل بهؤلاء من مهام سفاراتهم وتمثيلياتهم الدبلوماسية، وسبق للحكومة أن درست مقترح تحويل مصاريف ضيوف الجزائر من مختلف المستويات على عاتق الدولة الضيفة، وذلك عملا بالمبدأ الدبلوماسي الذي ينص على التعامل بالمثل، فغالبية دول العالم لا تتكفل بمصاريف إقامة وفود الدول التي تزورها، كما سيتم مستقبلا منح الأولوية للبنى التحتية القطاعية والبنى المخصصة لتنظيم الندوات والأيام الدراسية والاجتماعات الموسعة لدى تنظيم ملتقيات أو ندوات، والتخلي عن منح التكوين بالخارج والداخل إلا عند كمية محددة والتي تفرضها الاحتياجات الضرورية لترقية الموارد البشرية.

 

كمال رزيق: الملتقيات تستهلك أموالا في كل محطاتها دون أن تقدم شيء

 

وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي كمال رزيق لـ"الرائد" على ضرورة مواصلة اعتماد الصرامة، في التخصيصات المالية والنفقات العمومية، مشيرا أن تكلفة تنظيم المؤتمرات والندوات والملتقيات والأيام الدراسية تتباين من هيئة لأخرى ومن إدارة لأخرى، ولا تخضع لمعايير أو مقاييس مضبوطة، عدا لسلطة لمسؤول الأول على اعتبار أن مصاريفها تدرج ضمن ميزانية التسيير بصفة إجمالية، وهو ما يجعلها فرصة للنهب من طرف بعض المسؤولين ومصدر كبيرا لاستنزاف ميزانية التسيير ، وقال رزيق أن تنظيم ملتقى أو مؤتمر يستهلك أموالا في كل محطاته بداية من الاستقبال إلى كلفة الحجوزات إلى تكاليف الإقامة بجميع تفاصيلها، وكل هذه المصاريف في مقابل أهداف دعائية وترويج إعلامي فقط، وبيان ختامي وتوصيات لا تخدم لا الاقتصاد الوطني ولا تلك الهيئات المنظمة لهذه التظاهرات موضحا أن هذه المؤتمرات دائما ما تخرج دون أي نتائج، واستغرب رزيق من مواصلة العديد من الهيئات الوزارية في تنظيم هذه التظاهرات مشيرا أن الوضع المالي الحرج يتطلب مزيد من التقشف ليس على المواطن وانما على المسؤول خاصة وان الوضع الحالي لا يحتاج للندوات والملتقيات وانما لقرارات عملية ميدانية وليس لمجرد شعارات.

 

لالماس: بزنسة وصفقات تحت الطاولة في ظل غياب ألية محاسباتية للنفقات المتعلقة بالمؤتمرات

 

من جهته اكد الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس ان الملتقيات والندوات أصبحت هدرا للوقت والأموال كون التوصيات التي عادة ما تخرج بها هذه الأخيرة لا تغني ولا تسمن من جوع قائلا "لم نري أي أزمة حلت عن طريق هذه اللقاءات"، وأضاف لالماس أن هذه المناسبات ورغم الوضع المالي الحرج  لا تزال فرصة للبزنسة والمحاباة في ظل غياب ألية محاسباتية للنفقات المتعلقة بالمؤتمرات وهو ما حولها الى ساحة للمتاجرة بالخدمات المصاحبة لها كالإيواء والإطعام والطباعة والاتصال والنفقات الأخرى"، وزيادة على ذلك أشار  ذات الخبير أن هذه اللقاءات عديمة الجدوى خاصة وان العديد من المؤتمرات التي تنظمها مؤسسات عمومية بشكل خاص تكون بعيدة عن محط اهتمام السلطات ومحدودة الأهداف ولا تخرج عن مربع صرف الميزانية لذلك يضيف لالماس "نري أن غالية المؤتمرات والندوات تنظيم مع نهاية السنة من اجل تبرير صرف الميزانية المتبقية اخر السنة، بالقابل أكد أسماعيل لالماس أنه من الضروري أن أردنا توجيه النقاش والبحث لخدمة الوضع الحالي ربط الإشكاليات التي تقام عليها هذه المؤتمرات بالواقع وتكييف هذه الملتقيات كأدوات عمل على الواقع وليس مجرد كلام وشعارات نظرية.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن