الثقافي
"ثقافة التعايش المشترك" محور ملتقى دولي بالجزائر أفريل القادم
من تنظيم الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 أكتوبر 2017
تنظم الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، يومي 25 و26 أفريل المقبل، مؤتمرها السنوي الذي يحمل هذه المرة شعار «ثقافة التعايش المشترك»، سيكون عمر بوساحة مسؤول الملتقى، في حين يترأس لجنتها العلمية محمد شوقي الزين.
جاء في ديباجة الملتقى الدولي «ثقافة التعايش المشترك»، أنه في وقت قريب، كان هناك أمل كبير في إنهاء الإيديولوجيات واسترجاع الفكر لاستحقاقاته في البحث والمناظرة، لكن فترات هذا الأمل أو الاستبشار كانت قصيرة، سرعان ما عرضته، وعملت على تقويضه إلى حد ما، نظريات التنميط الأحادي، المعمم والمعولم، مثل نهاية «بداية التاريخ» (فوكاياما)، ونظريات الصراع والهجران المتبادل مثل «صدام الحضارات» (هانتنغن)، وزاد بروز الإرهاب في بقاع كثيرة في العالم مع نهاية الألفية الثانية وتعميمه مع بداية الألفية الثالثة، ابتداء من اعتداءات 11 سبتمبر 2011، من تعميق الفجوة بين الأمم والثقافات، وصعود الريبة والاحتراس من الآخر، بالتشكيك في نواياه والابتعاد عن مواطن شغله وتواجده، كذلك انهار الأمل أو الاستبشار، خصوصا في المجال العربي الإسلامي، بالفصل الحاد بين نزعات متصارعة، تخندقت في قلاع الدفاع أو الهجوم، تارة باسم الدين(الحركات الإسلامية عموما) وتارة أخرى باسم العقل (الحركات العلمانية)، بانية بينها جدران عالية من سوء التفاهم والنبذ المتبادل بالإقصاء، بأدوات التنابز أو التخوين أو التفكير أو التهجير.
جاء في الديباجة أيضا، أنه سواء تعلق الأمر بالداخل، في المجال التداولي العربي الإسلامي، والجزائري على وجه الخصوص، أو بالخارج في العلاقة بين الأمم، وعلى وجه التحديد بين العالم الغربي والعالم العربي الإسلامي، فإن الحوار يكاد ينعدم، رغم بعض الإرادات الحسنة دون صيت ذائع وتأثير فاعل، والتعايش يكتنفه الاجتناب والاحتراس من الآخر، جراء التمثلات الملففة والأحكام المسبقة، وبتصوير الغير بنعوت الخطر والآفة. لسنا هنا في نظام «المثول»، كما يمثل الآخر أمتنا بمظهره وفي ظاهريته، لكن في نظام «التمثل» الذي يشوبه الوهم والتخيّل ويضيف صورة مزورة عن الآخر، مرآة مقعرة في تقزيم أدواره أو مرآة محدبة في التعظيم من خطره. أمام هذا التنابذ المتبادل، في الهوية عينها بين أطياف متعددة وطوائف متنوعة، أو بين الهويات من ثقافات أو أديان مختلفة، فإن العيش المشترك أصبح الحاجة الثقافية والضرورة الحضارية في الارتقاء بالإنسان من الإدراك السطحي والمبتذل لذاته ولأغياره، نحو الإدراك العميق والغائر الذي يضرب بجذوره في الفهم الذاتي ويسمو بفرعه نحو التفاهم المتذاوت.
جاء أيضا في البيان، أنه من شأن العيش المشترك أن يبرز أدوات التواصل وأساليب التفاهم بالوقوف على عتبة مشتركة وهي الإنسانية الجامعة، تنطلق منها أبجديات الحوار والمناظرة، صعبة القراءة والفهم من أول وهلة، لكنها غير مستحيلة الترسيخ والإنجاز.
وفي هذا السياق، يطرح الملتقى عدة تساؤلات من بينها: كيف تتمظهر هذه الأدوات والأساليب في التعايش؟ وفق أية مخططات أو أطر في الفكر والفعل؟ تبعا لأي دافع أو همّة؟ من هم، أو كيف يكون دعاة العيش المشترك، حيث سقف المقتضى لديهم هو الإنسانية الجامعة دون استحضار العراك الإيديولوجي أو دواعي التسلط والقهر؟ كيف يمكن التفكير في العيش المشترك من خارج الأطر الصلبة والثابتة للانتماء الحصري والمغلق لهوية أو تراث أو مكانة أو رفعة. كيف يمكن لهذا العيش المشترك أن يكون فلسفة في التواصل الثقافي ويجعل من معجمها مفاتيح للسلم، التسامح والحوار والضيافة؟ بأي معنى ينعطف سؤال «الكينونة في العالم» على سؤال «الكينونة مع الآخر». كيف يحقق التواجد في العالم بوصفه شكلا من أشكال التواجد بصحبة الآخر، في إنسانيته الخالصة دون سند الحمية ووهم الانتصار لمنزل الهوية المحصن بالقلاع والأقنعة؟
هذه جملة من الأسئلة غير الوافية التي تتبنى عليها أرضية السؤال الحاسم والمصيري للعيش المشترك، اليوم أكثر من أي وقت مضى، في سياق متفجر، حيث كثرت النوايا الحسنة دون أفعال جادة تتبعها، وتنامت وسائل التواصل الاجتماعي بالزخم التقني والإلكتروني دون أن يتحقق الاتصال بين البشر على المبادئ العالمية السامية والقيم الإنسانية المثلى، أين الخلل وأين يكمن الحل؟
يضم الملتقى عدة محاور وهي: العيش المشترك؛ فلسفته وفلاسفته. العيش المشترك من النظر إلى ممارسته، العيش المشترك، العولمة والهويات المتأزمة، العيش المشترك بين الأنا والآخر، التربية الوطنية في ظل العيش المشترك، دور الديمقراطية في تحقيق العيش المشترك، العيش المشترك والتفاعل الأخلاقي، العيش المشترك، التواصل الثقافي ومبدأ التسامح، العيش المشترك والثورة المعلوماتية، ونحو تحولات اجتماعية للعيش المشترك.
في المقابل، حدد آخر أجل استلام ملخصات البحوث بالفاتح من ديسمبر المقبل، في حين سيكون الرد بالقبول النهائي للمداخلات يوم 10 مارس من السنة المقبلة، مع العلم أن تاريخ تنظيم الملتقى حدد في 25 و26 أفريل 2018.
مريم. ع