الثقافي
"سقوط الإمبراطورية الأميركية": نهاية الديمقراطية كما كانوا يعرفونها
على الرفّ
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 سبتمبر 2017
في كتابه "سقوط الإمبراطورية الأميركية" الصادر مؤخراً بالفرنسية عن منشورات Grasset، يحاول الصحافي الفرنسي ألكسندر أدلر (1950) المنشغل بقضايا التاريخ والجغرافيا السياسية، المشاركة في السجال المحتدم غربياً منذ ما يقارب السنتين حول مواضيع نهاية الديمقراطية، وصور الدولة الليبرالية الحديثة التي بدأت تتغير، وأزمة ضمور الأيديولوجيا حتى في أوجهها الاقتصادية (النيوليبرالية).
ولا يشكل هذا الكتاب بداية لاهتمام أدلر بهذه المواضيع، إذ بدأها في كتبه: "شَهِدتُ نهايةَ العالم القديم" (2001) وفيه تحليل جيوسياسي لما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، و"الأوديسة الأميركية" (2004) وهو بداية أطروحته حول النهاية الوشيكة للولايات المتحدة كإمبراطورية، و"موعد مع الإسلام" (2005) الذي عالج فيه عودة الإسلام على مسرح الأحداث العالمية.
في البداية يحاول أدلر أن يقوم بوضع أطروحته في سياق نقاش "نهاية الديمقراطية كما كنا نعرفها"، بصعود سياسيين من أمثال دونالد ترامب. وهو هنا يهرب من التفسير الشائع لظاهرة ترامب والشعبويين الآخرين في أوروبا، القائل بأنهم تعبير عن موجات قومية جديدة، بل يرى في المقابل أنهم مآل طبيعي ونتيجة لفشل المؤسسات الحداثية أو إنهاكها. وفي تبريره لهذا الطرح يعود تاريخياً إلى الوراء (بأمثلة تطوّرية على سلّم كرونولوجي) منذ عهد ريتشارد نيكسون.
في فصل لاحق، جاء تحت عنوان "جذور الثورة الأميركية المضادة"، وهو هنا يعني بالثورة "الحلم الأميركي" والتطور الصناعي وأسلوب العيش الذي ابتدعته الولايات المتحدة. هذا الازدهار الاقتصادي "الوهمي" حسب أدلر أصبح غير مسيطر عليه سياسياً وهو ما أدى إلى تركز للسلطة في يد رجال أعمال وشركات كبرى ليست بالضرورة ديمقراطية النزعة، بل إنها عندما رأت تنامي الضعف المؤسساتي في البلاد، استغلت الأمر لصالحها لتقوم بما يشبه الثورة المضادة في رأي أدلر، وهو أمر يبدو أنه توج بانتخاب ترامب أحد أوجهها البارزة.
أحد أهم أسباب الترهل السياسي الأميركي يراه أدلر في غياب معارضة حقيقية في البلاد، وأن كل الأوجه السياسية هي تنويعات على قالب واحد. وبرؤيته الأوروبية التي تبدو غير صحيحة تماماً هنا، يفسر المؤرخ الفرنسي كل هذا بغياب اليسار وضياع بقاياه من فترة المكارثية ولجوئهم إلى وسائل "مقاومة" وهمية في الثقافة والفن حسب تعبيره.
وهو بهذا الطرح الذي يولي اهتماماً كبيراً للتغيرات الداخلية، لكنه يبالغ بالتقليل من شأن التنافس العالمي بين قوى صاعدة كالصين وروسيا، وتأثير ذلك على انحسار الإمبراطورية الأميركية.
الوكالات