الوطن
الوطن العربي أمام فكرة جديدة هي النيو كولونيالية
صاحب كتاب "لماذا تأخر الربيع الجزائري" ...الأستاذ في علم الاجتماع الدكتور ناصر جابي للرائد:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 أوت 2012
أكد الأستاذ في علم الاجتماع الدكتور ناصر جابي في حوار مع جريدة "الرائد" أن الوضعية المالية المريحة التي تعيشها الجزائر تبقى حائلا دون حدوث التغيير، من خلال تخدير الشعب بالإصلاحات التي لم تحدث بعد مرور ما يفوق سنة على إطلاقها.
من خلال كتابك الاخير "لماذا تأخر الربيع الجزائري" قلت بأن التغيير في الجزائر مرتبط بزوال البحبوحة المالية، فماذا تقصد بهذا؟
في الجزائر هناك شروط التغيير الهادئ والمرتبط أساسا بالوضعية المالية الجيدة، أي يمكننا التغيير في هدوء على عكس ما يحدث في تونس والمغرب ومصر، فهذه الدول تعيش وضعيات مالية سيئة، بالتالي لا يستطيعون القيام بإصلاحات تكون حائلا دون قيام حراك بالإضافة إلى الضغط الأجنبي الذي مرده أساسا الضعف المالي على عكس الجزائر التي تعيش بحبوحة مالية دون وجود ضغوط، لكن الواقع أثبت العكس، فلا النظام قام بالإصلاحات، مع استمرار الأوضاع على ما هي عليه، إن لم نقل ازدادت سوءا. وهنا يجب وضع الأمور على السكة من خلال إنجاز إصلاحات، وتحسين الأجور والأوضاع المعيشية للمواطن البسيط، وبدل ذلك قامت الدولة بتخدير الشعب والرشوة الاجتماعية مقابل عدم الخوض في السياسة.
تشهد الجزائر فراغا سياسيا رهيبا بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة وتأجيل إنشاء الحكومة مع تزايد حدة التوتر في منطقة الساحل، ألا تظن بأن هذا يؤثر في الوضع الداخلي للبلاد؟
أريد أن أوضح أن الأزمة المالية لا تؤثر على الوضع الداخلي للجزائر، فرغم عدم وجود الحكومة، إلا أن هناك استمرارية في تسيير العلاقات الدولية ولا يوجد فراغ بهذا الخصوص. لكن بشأن الأوضاع الداخلية هناك فراغ لابد من توقفه، فمن المفروض تنشيط الآلة السياسية، وتحضير دستور، وانطلاق البرلمان، فنحن نمر بسنة حافلة بالأحداث السياسية، فالانتخابات المحلية على الأبواب وهناك غياب مبالغ فيه، فالرئيس لم يظهر، تأجيل الحكومة، بالإضافة إلى الجدل السياسي وعدم التفاهم بين الأطراف السياسية.
قلت بأن العرب أمام مصطلح جديد يدعى "النيو كولونيالية" أي على شاكلة الاستعمار الجديد، وهناك أياد أجنبية تدفع الحراك في الوطن العربي، فهل يعني أن الثورات العربية ليست وليدة المجتمعات؟
الحراك العربي ابن المجتمعات العربية، فلا يمكن ان نقول إن مبارك هو ممثل النظام الامريكي في المنطقة، لو كان القرار في يد الفرنسيين، فهل يتركون نظام بن علي يسقط في تونس، هل تظن ان الغرب يقبل صعود الاسلاميين الى السلطة في تونس ممثلة في حركة النهضة ومصر ممثلة في الاخوان المسلمين. نحن تساءلنا لماذا تأخر هذا الحراك، ومن قال إن أياد أجنبية وراء الحراك العربي فهذا تفسير خاطئ، لكن هذا لا يمنع من الإقرار بأن الغرب باق ويدافع عن مصالحه بالمنطقة، والإشكال هو كيف نقوم بإحداث إصلاحات في صالحنا وليس الالتفات إلى الوراء.
ألا تظن بأن التغيير الذي حصل في الوطن العربي أخذ منحنيات أخرى؟
نحن أمام حراك سياسي نوعي ويأخذ أشكالا متعددة، ويأخذ أهدافا نوعية، وتحصل ردة حتى في الثورات الأوربية، فالتاريخ ليس خطا مستقيما، يمكن أن يحدث التغيير بعد سنوات. لابد من الانتظار حتى يمكن إطلاق الحكم وتسيير المخاض. لم يكن أحد يتوقع أن مرسي يصبح رئيسا والأحداث جاءت تباعا بسرعة، ومن كان يتوقع أن يقوم مرسي بإقالة المشير طنطاوي. لذلك يجب أخذ الوقت من أجل إحداث تغيير، فالثورة في حد ذاتها هي التنمية والتشييد.
نشهد أن الخطاب الرسمي الجزائري يتميز بالنرجسية والاعتقاد بأن الجزائر بعيدة عن ما يحدث من حراك في الوطن العربي، فهل تدعم هذا الطرح؟
كل الأنظمة قالت نفس الشيء. فمبارك قال مصر ليست تونس، والقذافي كذلك قال أنا زعيم ولست رئيسا، وصالح ذهب في نفس الاتجاه، لكن الظروف هي التي تقرر.