الثقافي

الجيلالي بن عبد الحليم نجح بفضل إيمانه بسحر المسرح

قليل من كان يؤمن بمشرع مهرجان مسرح الهواة، الغالي العاقب:

اعتبر الغالي العاقب، في حديثه عن الذكرى 50 لتأسيس مهرجان مسرح الهواة ،أن مؤسسه الجيلالي بن عبد الحليم كان صاحب رؤية مستقبلية و إستشرافية ثاقبة على إعتبار أنه كان يؤمن بمفعول و سحر الثقافة على الوعي الجمعي للمجتمع و قد ساعده في ذلك نزاهته و روح المسؤولية لديه حيث ظل الرجل زاهدا عن المغريات و المصالح الضيقة بالرغم المكانة المحترمة التي حظي بها في أوساط كبار المسؤولين لقد ظل شغله الشاغل مسألة إستمرار المهرجان كفضاء للإشعاع الثقافي في الجزائر.

قال الغالي العاقب الذي ترأس  إدارة مهرجان مسرح الهواة من سنة 1972 إلى غاية سنة 1974 و هي  فترة  إنتقالية حساسة في تاريخ أعرق تظاهرة ثقافية في الجزائر و الوطني العربي  حيث تزامنت هذه المرحلة مع إعادة هيكلة تنظيم الكشافة الإسلامية من تنظيم خاضع لنظام الاتحاديات يتوفر على قدر من حرية الممارسة و النشاط  إلى تنظيم جماهيري تحت وصاية حزب جبهة التحرير الوطني ،أن فئة قليلة كانت تؤمن بنجاح مشروع المرحوم الجيلالي بن عبد الحليم في تأسيس مهرجان للفن الدرامي في الجزائر على خلفية الضبابية التي كانت سائدة في تلك المرحلة مباشرة بعد أحداث 19 جوان 1965 التي صعدت بالرئيس الراحل هواري بومدين إلى سدة الحكم  خلفا للرئيس أحمد بن بلة ناهيك عن غياب صريح في مجال  التشريعات و القوانين المنظمة للنشاطات الثقافية في جزائر بعد الإستقلال في هذه الظروف إنطلقت أول دورة للمهرجان بفضل إحتضان مجموعة من الرجال لمشروع الجيلالي بن عبد الحليم المتمثلة في عمداء الكشافة الإسلامية من فوج الفلاح الذي كان يضم في صفوفه أعضاء  فرقة مسرحية كان قد أسسها بن عبد الحليم في سنة 1945 حيث تزامنت الدورة الأولى  المهرجان سنة 1967 مع تظاهرة إقتصادية و تجارية من تنظيم نقابة المبادرة السياحية حيث وفرت هذه التظاهرة الرعاية و الدعم للمنظمين من عناصر الكشافة الإسلامية الذين كان لهم دور بارز إلى جانب سكان المدينة الذين إحتضنوا التظاهرة خاصة التجار الذين لم يبخلوا بالدعم المادي الأمر الذي ضمن  إستمرارية المهرجان في أولى خطواته بما ضمن للمهرجان الطابع الوطني بداية من الطبعة الثانية سنة 1968 من خلال مشاركة فرق قسنطينة و وهران و الجزائر العاصمة و سيدي بلعباس و سعيدة و برج منايل و سطيف حيث انضم لأسرة  المهرجان إعلاميين و جامعيين و ممثلين محترفين بفضل المساهمة القيمة للمسرح الوطني الجزائري في عهد المرحوم مصطفى كاتب إلى جانب المسرح الجهوي لمدينة وهران مع ولد عبد الرحمن كاكي و عبد القادر علولة من خلال توفير التجهيزات و المعدات في مجال الصوت و الإضاءة .و في خضم الحديث عن مسيرة مهرجان مسرح الهواة.

وتطرق الغالي العاقب في حديث مع "نوافذ ثقافية"، إلى أبرز المحطات التي ميزت المهرجان و التي لا يمكن فصلها عن التحولات الكبرى التي شهدتها البلاد خاصة في عهد النظام الاشتراكي الذي تبنته السلطة في الجزائر حيث أصبح مهرجان مسرح الهواة عبارة عن منبر للتعبير الحر و التعددية الفكرية في ظل فكر الحزب الواحد، و بالرغم من محاولة بعض القياديين في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني فرض الرقابة على النصوص المسرحية إلى أن المهرجان ظل يحافظ على إستقلاليته من كل تبعية بفضل الحركية الثقافية و التيارات الفكرية  التي برزت لدى الفرق المسرحية من مختلف مناطق الوطن حيث كانت تعرض المسرحيات على مستوى القرى الإشتراكية و في المصانع و المستثمرات الفلاحية كما  كان للمهرجان رجال في السلطة آنذاك يدعمونه على غرار أحمد طالب الإبراهيمي و عبد الله إلى جانب نائب مسؤول المنظمات الجماهيرية في تلك الفترة السيد قادة أحمد .لقد ظل المهرجان الوطني لمسرح الهواة على مدار سنوات طويلة ،مدرسة في التكوين على أكثر من صعيد تخرج منها العديد من الممثلين و المخرجين و الإعلاميين و منهم حتى من تقلد مناصب المسؤولية في هرم السلطة .و تأسف الغالي العاقب الذي تابع مسيرة المهرجان، عن فترة طغى فيها الطابع البيروقراطي على التظاهرة في مجال التنظيم خاصة في فترة  الثمانينيات من القرن الماضي إلى تم تدارك الوضع مباشرة بعد صدور قانون الجمعيات سنة 1990 حيث تم إنشاء الجمعية الثقافية للمهرجان الوطني لمسرح الهواة في فترة عصيبة من تاريخ الجزائر تزامنت مع صعود التيار الإسلامي إلى المشهد السياسي و ما تليه من أحداث عنف و تخريب حيث إستمر المهرجان في مسيرته رغم كل الصعاب.

هذا و قد نوه العاقب بدور الفنان جمال بن صابر رفقة المحافظ الحالي للمهرجان محمد نواري في إعطاء نفس حديد للمهرجان من خلال الإنفتاح على الخارج حيث تم تنظيم دورة أورومتوسطية و أخرى دولية و إنتعشت في هذه الفترة الورشات التكوينية و الملتقيات الفكرية.

ف. س/الوكالات

 

من نفس القسم الثقافي