الوطن
رمضان المحاميات.. سباق ماراطوني بين المحكمة والمطبخ
الالتزامات الوظيفية وأعباء المنزل أنهكتهن
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 13 أوت 2012
يضيق الوقت بالمرأة المحامية بين حضور جلسات المحاكم ولَمـْلَمة الملفات في مكاتبها، فتتسلل الساعات ويحين موعد الإفطار، لتقف مكبلة اليدين، متعبة من يومها المزدحم الطويل.. وبين مشقة الجوع والعطش، والعمل في ظل درجات الحرارة المرتفعة.. تتضاعف الأعباء المنزلية للنساء المحاميات في رمضان، حيث يواصلن العمل ليلا ونهارا من أجل الإعداد للإفطار حتى وقت السحور، ولا تقتصر المعاناة على المرأة المحامية، بل تمتد في الغالب لأفراد أسرتها.
تعمل المحامية كريمة على تحضير وجبة الإفطار ليلاً لليوم التالي، بحيث يكون جاهزاً للتسخين فقط، لكنها ترى أن ذلك أجهدها كثيرا ولذلك عزمت على أن تحصل على إجازة من عملها في شهر رمضان المقبل إنشاء الله، حتى تتفرغ للعبادة ولإعداد الأكلات.
أما سليم، فيتناول طعام الإفطار طوال شهر رمضان عند والدته، بسبب ظروف عمل زوجته عبلة التي تعمل كمحامية، والتي تضطرها إلى الإفطار هي الأخرى رفقة أبنائها عند حماتها، تقول عبلة: "يضيع نهار رمضان بالنسبة لي بين المواصلات والعمل، حيث أخرج من المحكمة متأخرة لأقضي ساعتين في المواصلات، مما يجعلني أدخل منزلي متعبة، لذا وجدت أن الحل المناسب هو الذهاب عند حماتي، رغم أن في ذلك شيئا من الإزعاج". وتقول جميلة "بسبب طبيعة عملي كمحامية، فإن شهر رمضان هو شهر الشجار والعراك، ودائما أشكو من صداع في رأسي، وهذا ما يقلق زوجي، فماذا أفعل، وعملي يستلزم بقائي فترة طويلة خارج المنزل؟ ولهذا لا أجد الوقت اللازم لإعداد الإفطار، وعليه أجهز ما يلزم من وجبات أساسية ليلا".
وعلى نفس المنوال تقول شهرزاد إنها توزع وقتها بين العمل نهارا والبدء في الأعمال المنزلية بعد الإفطار والتي تجبرها على السهر حتى أذان الفجر.
ويقول المحامي عبد الرحمان أن زميلاته المحاميات تواجهن في رمضان مشكل عودتهن متأخرات إلى المنزل وإعداد طعام الإفطار الذي يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين.
أما الأطعمة الجاهزة فهي الملاذ الوحيد للمحامية "حميدة" حيث تقول أدخل إلى المطبخ عندما يتبقى القليل من الوقت على موعد الإفطار، فأنا أصل متأخرة دائما إلى المنزل لأنه لدي الكثير من الزبائن يأتونني إلى المكتب بعد الظهر، لأني أكون منشغلة في المحكمة صباحا، وبحكم طبيعة عملي هذه إضافة إلى زحمة السير الخانقة، لا أجد الوقت الكافي لإعداد الطعام في وقت ضيق جدا مع ارتفاع درجات الحرارة التي نشهدها والتي تتضاعف في المطبخ، ولهذا أنا مضطرة لإحضار وجبات جاهزة من المطاعم، وهي متنوعة ولذيذة".
لكن المحامية حياة لا توافق زميلتها حميدة، لأنها ترى أن الأطعمة الجاهزة لا تلائم روح شهر رمضان، الذي لا يحلو حسب عادات الجزائريين إلا بالروائح الطيبة المنبعثة من المطبخ للوجبات المختلفة مثل الشوربة وطجين اللحم الحلو والبوراك وغيرها، وعليه فإن المحامية حياة تفضل أن تضاعف مجهوداتها حتى لا تحرم أفراد أسرتها من التلذذ من الأكلات التي تحضرها بيديها في مطبخها حتى وإن سهرت كل الليل.
وعلى العكس، تؤكد المحامية دلال أنها تجد متسعا من الوقت لإعداد مائدة رمضان يوميا، كما أنها تخصص وقتا لتلاوة القرآن والعبادة، كما أنها تخرج للعمل صباحا، وتقول إن النهار في فصل الصيف طويل والمسألة هي مسألة تنظيم وإدارة الوقت فقط، لكن الأيام الأكثر صعوبة بالنسبة لها، هي الأيام التى تكون فيها عزومات، فتقول "زوجي مدمن على العزومات في رمضان، وهذا ما ينهكني، لأنني مجبرة على الوقوف في المطبخ لساعات لتحضير الوجبات الإضافية للمعازيم".
بينما تفضل المحامية سارة أن تحصل على العطلة خلال شهر رمضان حتى تتفرغ للعبادة ولتحضير الأطعمة التي يشتهيها أفراد أسرتها، مبينة أن عملها كمحامية ليس له مواعيد" عملي يستوجب تنقلي من محكمة لأخرى ومن مركز شرطة إلى آخر، واستقبال الزبائن في مكتبي مساء، وهذا يتنافى مع طبيعة الشهر الكريم، الذي يستلزم وجودي مع أولادي وزوجي، كما أني أرتاح نفسيا وجسديا من التفكير طول الوقت في التوفيق بين عملي ومنزلي".
نادية. م