الوطن
معركة الإسلام السياسي مع الجهاديين أصيلة وليست بالنيابة
الباحث المغربي في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور محمد ضريف
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 أوت 2012
أكد الباحث المغربي في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور محمد ضريف أن الحرب التي تخوضها حكومات دول الربيع العربي في تونس ومصر ضد التيارات السلفية الجهادية المتطرفة، هي تعبير عن تناقضات أصيلة بين جماعات الإسلام السياسي المنتسبة لجماعة الإخوان المسلمين وبين التيارات السلفية ومثيلاتها من أتباع تنظيم "القاعدة".
ورأى ضريف في تصريحات خاصة لـ "قدس برس" أن الحديث عن الإسلاميين بالمطلق ليس دقيقا، وقال: "تاريخيا عندما نتحدث عن الإسلاميين بالجمع فهذا غير دقيق، فهناك تناقضات عميقة وجوهرية بين مكوناته، كما أن التيار السلفي نفسه لم يكن منسجما، فنحن نميز في التيار السلفي بين السلفيين التقليديين الذين ينبذون العنف مع معارضتهم للنمط السياسي الغربي، واتجاه سلفي آخر يسمى بالجهادي يدعو إلى العنف ويكفر الأنظمة القائمة التي يعتبرها طاغوتية، لذلك فالحديث عن تيار إسلامي بشكل عام ليس دقيقا لأنه لا يساعدنا على فهم حقيقة الإسلام السياسي المعاصر".
وأكد ضريف أن التناقض القائم بين جماعات الإسلام السياسي المنتسبة للإخوان المسلمين والتيارات السلفية الجهادية أعمق بكثير وأكثر تعقيدا من التناقضات بين جماعات الإسلام السياسي وباقي التيارات الليبرالية والوطنية والديمقراطية، وقال: "علينا أن نتذكر دوما أن موقف السلفيين الجهاديين من الإسلام السياسي المنتسب للإخوان المسلمين كان موقفًا عدائيًا منذ وقت مبكر، فالسلفيون اتهموا الإخوان المسلمين في كثير من الأحيان بالعمالة للأنظمة والغرب، والجميع يتذكر أن أيمن الظواهري كان قد أصدر كتابا في نهاية الثمانينيات بعنوان الحصاد المر اتهم فيه الاخوان بالابتعاد عن الإسلام، والجميع يذكر مواقف أيمن الظواهري من مشاركة "حماس" في الانتخابات، وموقفه من حركة النهضة في تونس".
وأضاف: "لذلك فالتناقضات بين التيارات السلفية الجهادية وجماعات الإسلام السياسية ليست طارئة وإنما هي خلافات قديمة، حتى جماعات الإسلام السياسي نفسها كثيرا ما أصدرت بيانات نددت فيها بسلوك الجماعات السلفية الجهادية".
وأشار ضريف إلى أن الحديث كذلك عن سلفيين بالمطلق أيضًا غير دقيق، وقال: "طبعا لا ننسى المراجعات التي أقدم عليها السلفيون في مصر وليبيا، وتوجه بعض الجماعات السلفية إلى العمل السياسي مثل حزب النور وحزب الأصالة وحزب البناء والتنمية، لكن كل ذلك لا يجب أن ينسينا وجود التيار السلفي الجهادي الذي يرفض العمل الديمقراطي ويؤمن بالجهاد، ولذلك فالحديث عن أن صعود المد السلفي هو محاولة للتأثير على وصول الإسلام السياسي للحكم، فهذا أمر خاطئ، وربما يمكن التقريب بين الإسلاميين وخصومهم من العلمانيين لكن يصعب التقريب بين الإسلام السياسي والجماعات السلفية".
وربط ضريف بين تنامي التيارات السلفية وظاهرة انتشار السلاح، في ظل التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة في ظل ثورات الربيع العربي، وقال: "القول بأن إسرائيل أو جهات غربية تسعى لإثارة الفتنة بين الإسلاميين والسلفيين غير صائب، ولا يأخذ بعين الاعتبار تناقضات الجسم الديني وهي تناقضات قديمة ومعروفة".
على صعيد آخر؛ أكد ضريف أن الإسلام السياسي الآن يقف جنبا إلى جنب مع الغرب للحرب على السلفيين، وقال: "علينا أن نستحضر بعض الثوابت التي أدت إلى وصول العالم العربي إلى مرحلة ربيع الاحتجاجات، الكل يعلم أن الغرب كان يراهن على جماعات الإسلام السياسي، وعندما بدأ عام 2001 عقب أحداث سبتمبر في الحرب على الإرهاب راهن على الإسلام الليبرالي، وبحث عن نخبة تحظى بشرعية شعبية وقادرة على حماية مصالح الغرب في المنطقة وضمان استمرار الاعتراف بإسرائيل، هذه الأهداف هي التي يسعى الغرب إليها، وقد تم قبولها من طرف جماعات الإسلام السياسي".
وأضاف: "إن الإسلاميين الذين كانوا يرفضون التطبيع مع إسرائيل وبنوا كثيرا من شرعيتهم على هذا المبدأ وانتقدوا الحكومات السابقة بالتطبيع مع إسرائيل، هؤلاء هم من سيضفون الشرعية على إسرائيل، وهناك مؤشرات بهذا الاتجاه من خلال رسالة مرسي لبيريز واستضافة العدالة والتنمية في المغرب لمسؤول إسرائيلي في مؤتمره، ويمكن القول إن الغرب الآن وجد حليفا له هو الإسلام السياسي، كما أن هذه الجماعات نفسها تدرك أنها مستهدفة أصلا من التيارات السلفية، ولذلك هناك التقاء موضوعي بينها وبين الغرب في المعركة ضد التطرف السلفي"، وأضاف: "كما أن القول بأن إسرائيل هي من يقف خلف تنامي الخلاف بين الإسلام السياسي وجماعات القاعدة يجب أن يتوارى إلى حين التوفر على أدلة تثبتها"، على حد تعبيره.
مروان. أ