الثقافي

صدر قديماً: "الإسلام وأصول الحكم" لعلي عبد الرازق

على الرفّ

 

ظاهر كتاب "الإسلام وأصول الحُكم" بحثٌ تاريخي، أنجزه القاضي علي عبد الرازق (1888-1966)، بعد أن أتاحت له وظيفته، في المحاكم الشرعية المصرية، الاطلاعَ على سير العدالة ومصادر قوانينها. فخَلُص إلى أن القضاء الإسلامي ما هو إلا مؤسسة بشرية، لا قَداسة فيها. ثم قاده استنتاجُه إلى التحقّق من مدى دينية الأساس الذي قام عليه القضاء، وهو نظام الخلافة، فغاص في الأدبيات السلطانية، وكُتب السيرة ودواوين الفقه وعلم الكلام والحِسبة.

توصَّل عبد الرازق إلى إعادة بناء المراحل التاريخية لتشكّل الخلافة وامتدادها طيلة ثلاثة عشر قرناً، ملاحظاً أنَّ هذا النظام الذي رسم كيفيات الحكم وإدارة الدولة، طيلة العهود الأموية والعباسية والعثمانية، لا أصلَ دينيَّ له، لا في القرآن ولا في الأحاديث القطعيَّة.

وبالاعتماد على هذين المصدريْن، وقد استعادهما مناقشةً وتأويلاً، بَيَّن عبد الرازق أنَّ ما أضفى صفة القداسة على الخِلافة إنما هو تنظير الفقهاء اللاحق، ومبالغات كُتَّاب السلطان، وقد سعى بعضهم إلى الحفاظ على امتيازاته، ونقل بعضهم الآخر التمثلات الساسانية الفارسية التي كانت تحيط الملوك بهالة أسطورية.علي عبد الرازق 

وللبرهنة على هذه الأطروحة الجَريئة، رغم تعقّد أدلتها، قَسَّم المفكّر المصري كتابَه، وهو في مائة صفحة، إلى ثلاثة أبوابٍ كبرى: اهتمَّ في الجزء الأول منه بعلاقة الخلافة بالإسلام نصوصاً (قرابة الأربعين صفحة)، واعتنى في الثاني بشكل الحكومة في الإسلام (40 صفحة أخرى)، وخصّص الباب الأخير لدراسة الخلافة والحكومة في التاريخ، أي كما مورست في الواقع الزمني (20 صفحة الأخيرة).

أثبت عبد الرازق غياب أي دليل على قدسية تنظيم الدولة في الإسلام، مبيّناً أنَّ الله قد ترك الحرية للمسلمين في إقامة الهيكل الذي يختارون، شريطة أن تتحقق المقاصد الكليَّة كالعدل والحرية، فَغرس بذلك أولى بذور العلمانية التي تُخرج الدين من حقل الشأن السياسي، وتجعل السلطة رهاناً دنيوياً بالأساس، لا يخضع سوى لسلطان العقل وإن تاهَ بَين متاهات الجمهوريات والمَلكيَّات.

الوكالات

 

من نفس القسم الثقافي