الوطن

حالة طوارئ والدولة تتحول إلى أكثر قساوة

أمام وجود ما يقارب الخمسة آلاف مسجل خطر في فرنسا



عاشت باريس جمعة 13 أكتوبر ليلة رعب غير مسبوقة والذي لم تعرفه أجيال كثيرة، ولم يكن اختيار التاريخ الذي أمضى فيه الرئيس الفرنسي في السنة الماضية القانون الذي تكفل بتعزيز الأحكام المتعلقة بمكافحة الإرهاب والذي لم يمنع ارتكاب خلية مكونة من ثمان شباب على حسب بيان داعش الذي جاء في تسجيل صوتي وجاء فيه: "قام ثمانية إخوة ملتحفين أحزمة ناسفة وبنادق رشاشة باستهداف مواقع منتقية بدقة قلب عاصمة فرنسا".
واضح أن الضحايا من جنسيات مختلفة وحتى الفرنسيين منهم من أصول متنوعة ومن ديانات أيضا مختلفة، داعش اختارت هذه المرة وفي أقل من شهر ضربت فيه بقوة من تركيا قبل 16 يوما إلى مصر مرورا ببيروت ووصولا إلى باريس، مما يثبت أن هناك حربا مع دولة لم تكتف بالاسم فقط بقدر ما أن العلاقة بينها وبين مناصريها ومنتميها تتوسع إلى أكبر عدد من الدول وأن داعش ليست القاعدة ولا التنظيمات الإرهابية المعروفة من قبل.
أثبتت داعش أنها تمتلك شبكات لا يمكن السيطرة عليها وهي موجودة في كل مكان وأن 35 ألف جندي من المجندين في الحرب العالمية المعلنة عليها في سوريا والعراق لم تؤت ثمارها ولم تمنع استمرار الهجمات الإرهابية وفي نقاط متعددة وقارات مختلفة.
كما أن تبني خيار العمليات الانتحارية من داعش يؤشر على خطورة الوضع وعدم التحكم فيه وأنه مهما كانت الإجراءات المتخذة فإنه يصعب استشراف، مثل هكذا حوادث وهو سلاح غير قابل للمراقبة وخاصة أن داعش أصبحت تجند عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن ليس لهم خلفية تدين، بل أن المرشحين لمثل هكذا عمليات دوما ما يختارون من ذوي السوابق في الجريمة ومن الحوادث أي شباب لا يتجاوز العشرينيات.
الجهات الأمنية الفرنسية قالت من قبل أن المسجلين في أرشيفها الأمني والمسجلين بحرف "s " يتجاوز عددهم الخمسة آلاف بمعنى أنهم يهددون الأمن الفرنسي وبدرجات.
الرئيس الفرنسي سارع إلى إعلان حالة الطوارئ وأن فرنسا في حالة حرب مع الإرهاب دون تقديم أي شروحات حول النموذج الذي يمكن أن يعيشه 60 مليون من الفرنسيين، ولا الطريقة التي يمكن أن يحولوا إليها حياتهم وخاصة أمام وجود مجموعات دينية مختلفة وخاصة أن اليمين المتطرف يحرص على استثمار هذه الأحداث وتوظيفها السياسي وتحقيق مكاسب جديدة.
الرئيس الفرنسي تحدث أيضا على قساوة أكثر تمارسها الدولة لازال شكلها غامض ومثير لكثير من المخاوف والتخوفات أمام إعلان حالة الطوارئ التي شرحت بأن لها وظيفة وقائية وأنها توسع من هامش التحقيقات ويسمح للشرطة والأمن من إجراء عمليات البحث والاعتقال دون مراعاة الإجراءات القانونية وحق مصادرة الممتلكات في بعض الأحيان وحضر التجمعات وغيرها من الصلاحيات الواسعة مما سيطرح كثيرا من النقاش حول دولة القانون والحريات والحرب على الإرهاب.
جيوش الخبراء الأمنيين الذين تداولوا على القنوات ومختلف المنابر الإعلامية وخاصة باللغات الأجنبية لم يخفوا العلاقة بين الإسلام والإرهاب ورغم المحاولات المحتشمة في تبرئة الإسلام إلا أن هناك قراءات واضحة في تحميل الدين المسؤولية وإبعاد الدول الغربية من المسؤولية خاصة في دعم الاستبداد وعدم السماح للشعوب من حقوقها في أن تحكم بإرادتها دون وصاية.
سليمان شنين

من نفس القسم الوطن