الوطن

بوتفليقة يقيم الحجة على المعارضة ويوافق على أهم مطلبها

وافق على إدراج آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات ضمن مشروع الدستور

 

  • القوى السياسية بين مرحب ومنتقد ومتحفظ على "تنازلات" الرئيس!

 
وافق رئيس الجمهورية على أهم مطلب للمعارضة والمتمثل في آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات وبهذا يكون الرئيس بوتفليقة قد أنهى الجدال حول الموضوع من الناحية الشكلية في ظل رفض مسبق للمعارضة التي تعتبر الأمر مجرد موضوع لإلهاء الشعب فيما تتحدث أخرى عن ضغوطات خارجية استجابت لها الجزائر.
يشكل مشروع دسترة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات في شكله الذي لم يتضح بعد للعلن وإنما كانت مجرد خطوط عريضة أعلن عنها الرئيس في رسالته بمناسبة الذكرة الـ 61 لاسترجاع السيادة الوطنية ولمح الرئيس إلى أن هذه الآلية ستمكن من إعطاء دور نشط من بينها إخطار المجلس الدستوري ضمانات هامة لإضفاء الشرعية على المؤسسات وإرساء مناخ سياسي هادئ.
 وبالتالي فإن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يسعى كما جاء في رسالته "استكمال" الإصلاحات السياسية والحوكمة" بهدف التوصل إلى ممارسة ديمقراطية "هادئة في كل المجالات" من خلال ضمانات دستورية للطعن وممارسات جديدة من شأنها إرساء الثقة الضرورية في المسار الانتخابي.
 كما أن الضمانات الجديدة التي يقترحها مشروع المراجعة يهدف إلى "تعزيز احترام حقوق وحريات المواطنين وكذا استقلالية العدالة" وفي آخر المطاف "ضمان الشفافية" في "كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية للحياة الوطنية".
 ومن شأن الدستور المراجع المتضمن ممارسات وحقوق جديدة المساهمة في تمكين ديمقراطية هادئة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد خدمة لشعبنا الذي يعد مصدرا وحيدا للديمقراطية والشرعية والحكم الأوحد صاحب السيادة في التناوب على السلطة".
 وحتى وإن أدرج مشروع مراجعة الدستور في إطار استكمال سياسته "للتجديد الوطني" التي تمت مباشرتها منذ 16 سنة فإن الرئيس بوتفليقة اعتبر هذه المدة قد سمحت بإنضاج هذا المشروع باعتبار أن "الخيارات الكبرى والإنجازات العظمى في تاريخ الحضارات والشعوب, كانت على الدوام نتيجة منطقية لتصميم وإرادة قويتين, ولحدس صادق مع التاريخ, وإيمان لا يتزحزح بالقدرات الذاتية, وبالرصيد القيمي لتلك الأمم".
 وبهذا يكون رئيس الجمهورية قد أقام الحجة على أحزاب المعارضة ولبى أهم مطلب رفعته من خلال أرضية مزفران، ولو أن المطلعون على الشأن السياسي يؤكدون أن هذه الآلية لن تكون على مقاس الأحزاب المنضوية تحت لواء تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي من ناحية تنفيذها وضمان الشفافية مما يجعلها تحدد تفاصيل هذه الآلية التي ستتضح خلال عرض مشروع التعديل الدستوري عما قريب.
 وحول أهداف الرئيس من خلال الإعلان عن إنشاء هذه الهيئة ترجح أحزاب المعارضة أن يكون تبني السلطة للمطلب، استجابة لضغوط دولية لم يحددها، كما قللت من أهميتها على شفافية أي اقتراع، خصوصا ما دامت لا تتوفر على سلطات قضائية وقدرة على إقصاء مرشحين من الانتخابات. وتعتبر أن دسترة الآلية “لا تغير من وضعها ما دامت سلطة التصديق على الدستور بيد برلمان مزور، لم يكن وليد الإرادة الشعبية".

القوى السياسية بين مرحب ومنتقد ومتحفظ على "تنازلات" الرئيس!

إلى ذلك كانت ردود القوى السياسية متباينة حول ما جاء في محتوى رسالة الرئيس خاصة ما تعلق بإقرار لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، ففي وقت رحبت فيه التشكيلة السياسية للأغلبية المنتخبة على لسان أمينها العام عمار سعداني بما جاء في رسالة الرئيس حول الدستور المقبل للبلاد، رأى رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري بأن هذه الخطوة بعيدة عما وصفها بـ"مطالبنا كحركة مجتمع السلم" ورفض المتحدث الخوض في الموضوع من وجهة نظر شركائه السياسيين سواء في هيئة التشاور أو التنسيقية ولكنه حاول أن يقدم حزبه كضحية للمواعيد الانتخابية، ولكنه ثمن بالمقابل القبول الإيجابي للرئيس مع مطالب المعارضة.
وقال عبد الرزاق مقري " نعتبر أن الإشارة إلى هذه القضية يدل على أن مطالب المعارضة قد وصلت لرئيس الجمهورية، غير أن هذا المطلب بعيد عن مطالبنا كحركة مجتمع السلم، حيث أن المشكل المتعلق بالانتخابات لا يتمثل في رقابة الانتخابات فقط. لقد شهدنا انتخابات يعلن عن نتائجها وطنيا قبل أن يتم الفصل في نتائجها محليا"، وأضاف يقول: " مشكل الانتخابات يرتبط بقضايا تنظيمية، يتعلق بتنظيم الانتخابات من الأول إلى الآخر ومنه ما يتعلق بالكتلة الناخبة الغير معروفة بدقة إلى الآن، يتعلق بوجود أعداد من الناخبين تنتخب عدة مرات في عدة صناديق، تتعلق بالخلية الإلكترونية على مستوى وزارة الداخلية وبعض المراكز الأمنية، تتعلق بالخلايا الإلكترونية والإدارية على مستوى مقرات الولايات، على مستوى الصناديق الخاصة، على مستوى التصويت الجماعي للأسلاك المشتركة لصالح جهات محددة. القضية قضية تنظيمية ولذلك مطلبنا هو هيئة مستقلة دائمة تتكفل بتنظيم الانتخابات من الأول للآخر ومنها رقابة الانتخابات".
أما الأمين العام للحزب العتيد عمار سعداني فقد قال بأنه "على الأحزاب أن تتفق على تشكيلة ودور اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات" التي تحدث عنها الرئيس بوتفليقة في رسالته، وذكر بأن حزبه مع "وجود شخصيات مستقلة وممثلي الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني في تشكيلة اللجنة"، مشيرا إلى أنه يتعين أن تبقى أبواب هذه اللجنة مفتوحة إلى كل من يهمه الأمر.
 ونوه نفس المسؤول بما جاء في رسالة رئيس الجمهورية فيما يتعلق بتوسيع دور المعارضة البرلمانية في إخطار المجلس الدستوري بشأن مختلف القوانين التي يوافق عليها البرلمان، مشيرا إلى أن السيد بوتفليقة قد "التزم بتعهداته لبناء دولة مدنية".
ومن جهته يرى الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديموقراطي الصديق شهاب أن رئيس الجمهورية قد منح للمعارضة والأغلبية "كل الضمانات" لكل واحد منها في موقعه للتجند في خدمة الجزائر، وأشار ذات المسؤول أن إحداث آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات يعتبر مكسبا ثمينا للديمقراطية في الجزائر، موضحا بأن كيفية تشكيلتها "خاضعة للنقاش والإثراء من طرف الجميع"، واعتبر أن مضمون الرسالة هو التزام من الرئيس "للمضي قدما في بناء جزائر مستقرة وبناء مؤسسات قوية تخدم الدمقراطية" مما سيساهم في ربح معركة التنمية.
بدوره أكد العضو القيادي في حزب جيل جديد إسماعيل سعيداني أن قرار الرئيس بوتفليقة الخاص بإحداث لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات يعتبر "مكسبا" سيساهم في تجسيد الدمقراطية وإجراء انتخابات "شفافة ونزيهة ترجع الكلمة فيها للشعب".
 في حين عبر رئيس حزب جبهة الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام عن اعتقاده بأن رسالة رئيس الجهورية هي "رسالة مطمئنة" لكنها تحتاج إلى "تجسيد ميداني" من خلال إجراءات وممارسات، وبخصوص إحداث لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات يرى المتحدث أن نجاحها يتطلب وجود "إرادة سياسية من السلطة للذهاب إلى انتخابات حرة ونزيهة"، مشددا على أهمية "استقلالية هذه اللجنة عن الإدارة وعن الأحزاب السياسية".
أمال. ط/ إكرام. س


 

من نفس القسم الوطن