الوطن

ثلاثية بسكرة... حضرت التوصيات وغابت القرارات

تفادت إطلاع المواطن على حقيقة وتداعيات الأزمة الراهنة



•    سراي لـ"الرائد": الثلاثية لم تقدم شيئا.. والاجتماع كان استعراضيا!

لم تأت الثلاثية التي عقدت الأربعاء الفارط ببسكرة بأي نتائج أو قرارات سواء تعلق الأمر بالشق الاقتصادي أو الجبهة الاجتماعية، فكما كان متوقعا شكلت ثلاثية بسكرة اللاحدث وجاءت مخيبة للآمال بعيدة كل البعد عن الواقع الاقتصادي المتدهور الذي تعيشه الجزائر ببسب انخفاض أسعار النفط والواقع الاجتماعي المزري، الذي يتخبط فيه العمال بسبب تدهور قدرتهم الشرائية وانعكاسات الأزمة المالية عليهم بالدرجة الأولى، فقد اكتفت الحكومة والمركزية والنقابية وأرباب العمل خلال هذه الدورة باجتماع شكلي غابت فيه القرارات وحضرت فيه توصيات جديدة قديمة لم تطبق سابقا لتطبق اليوم.
وقد ضربت الثلاثية التي انعقدت ببسكرة، منذ يومين، توصيات الرئيس بوتفليقة الخاصة بإطلاع المواطن بحقيقة الأزمة الراهنة، عرض الحائط، من خلال اكتفاء المشاركين بعرض سطحي للوضع دون تقديم إحصائيات، إلى جانب التخفيف من وطأتها من قبل الوزير الأول، تحت أعين ممثل المكتب الدولي للعمل الذي حضر الثلاثية. وجاءت الثلاثية مخيبة كثيرا للآمال، خاصة وأنها كانت شكلية إلى حد كبير، بقفزها عن تمحيص واقع الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية، عكس ما تطلع إليه بعض المحليين الاقتصاديين الذين وصفوا اللقاء بالهام، في حين ذهب الأغلبية منهم إلى أن لقاء الحكومة مع أرباب العمل والمركزية النقابية لا يمكن المراهنة عليه على خلفية أنه سيبقى مجرد اجتماع، في ظل غياب تفعيل الحلول الواقعية المتعلقة بالاستثمار وإنعاش الإنتاج المحلي والاهتمام أكثر بالقطاعات الحيوية خارج المحروقات ميدانيا، هذا دون الحديث عن موقف الطبقة السياسية ولاسيما المعارضة التي تطعن دائما في كل ما يأتي من طرف السلطة وحكومتها، خاصة وأنها شككت في قدرة المسؤولين الحاليين الذين يسيطر عليهم المال، في إخراج الجزائر من عنق الزجاجة، طالما أن اللوبيات هي المتحكم والمهيمن على مفاصل الدولة بأجهزتها وقطاعاتها، والتي ترهن مستقبل الأجيال القادمة، حسبها دائما. كما لا يمكن إغفال أن الرئيس منذ أيام طالب حكومته ومسؤوليه بعد اعترافه الصريح بالأزمة الراهنة بمصراحة الشعب الجزائري بحقيقة الوضع الحالي، إلا أن ذلك لم يحدث في بسكرة، التي كانت شاهدة على التقاء الأطراف الثلاثة دون الخوض في عمق الأزمة وتداعياتها على البلد والشعب على المدى القريب والمتوسط، فيما أرجع بعض المتتبعين ذلك إلى أن حضور ممثل المكتب الدولي للعمل الذي نوه بالتزام حكومة سلال مع الحركة النقابية وأرباب العمل ووصف بـ"قوي جدا"، حيث أُعجب باجتماع الثلاثية، وهو ما دفع ـ حسبهم ـ بالمشاركين إلى تفادى ذلك أمام حضور أجنبي، ليتكفي الأطراف الثلاثة بالخروج بتوصيات "جديدة قديمة" لم تختلف عن كل ما أعلنت عنه الحكومة سابقا، وهذا كان منتظرا جدا بحسب الخبراء والمحللين والسياسيين، منذ بداية أزمة تهاوي أسعار البترول مطلع هذه السنة.
•    سراي: ثلاثية بسكرة لم تقدم شيئا.. والاجتماع كان استعراضيا

وفي هذا الصدد قال المحلل الاقتصادي عبد المالك سراي في اتصال هاتفي مع "الرائد" أن ما خرج به اجتماع الثلاثية كان متوقعا خاصة فيما تعلق بالجبهة الاجتماعية لأن الاجتماع في حد ذاته جاء في ظرف استثنائي لا يسمح للحكومة بمنح امتيازات للطبقة العمالية أو أية قرارات قد ترهق خزينة الدولة أكثر، مضيفا أن كل المؤشرات التي سبقت الاجتماع كانت توحي أن هذا الأخير لا ينتظر منه الكثير، فقد تعودنا -يضيف سراي- من الحكومة سياسة الترويج قبل أي قرارات، وأن غابت هذه السياسة قبل أي اجتماع يعني أن القرارات كذلك غائبة. من جهة أخرى قال سراي أن الأمر الذي لم يكن متوقعا هو اكتفاء أطراف الثلاثية فيما يخص الشق الاقتصادي بمجرد توصيات أغلبها توصيات قديمة، رغم أن الوضع الراهن كان يتطلب تشريحا دقيقا للوضع والخروج بقرارات شجاعة من شأنها إصلاح الوضع قبل فوات الأوان خاصة فيما تعلق برفع العراقيل البيروقراطية وتشجيع الاستثمار الصناعي والفلاحي من أجل تدارك الوضع، وحسب سراي كان يفترض على أطرف الثلاثية خلال هذا الاجتماع فتح جميع الملفات ذات الصلة بالاقتصاد الوطني من حيث الاستثمار والعقار والدعم والعقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو، منتقدا اكتفاء الحكومة بعرض سطحي للحال الاقتصادي الوطني وتفاصيل يعرفها الصغير قبل الكبير في الجزائر، واصفا تحاشي أطراف الثلاثية في الغوص في عمق الأزمة بالخطأ الفادح الذي جعل اجتماع بسكرة مجرد اجتماع استعراضي لم يقدم الجديد ولم يكن له من جدوى أصلا


أميرة. أ/ س. زموش

من نفس القسم الوطن