الوطن

سياسيون يراهنون على دعم الرئيس أو تدخل الجيش

بعد التغييرات الحاصلة والتخبط في هرم السلطة


أخيرا خرج حمروش مرة أخرى وهذه المرة وجد نفسه أمام اسم ناقص ممن حمّلهم مسؤولية حلحلة الواقع وأزمة البلاد وأعاد أطروحة أن الجيش هو من يملك الحل والقدرة على تحريك المشهد وتدارك الوضع، حمروش يدرك جيدا أنه ليس البديل الأفضل عند من تبقى في إدارة الشأن الجزائري ويدرك أيضا أنه أمام استحقاقات كبرى لترتيب الواقع بشكل نهائي، ومواقفه اليوم لا يمكنها أن تساهم في أي تغيير حقيقي، فالدستور لازالت الصورة غامضة لأحزاب المولاة قبل المعارضة حول الشكل الذي يمكن أن يعتمده الرئيس في تعديله، وظهر ذلك بوضوح في تصريحات أويحيى وسعداني اللذين حرصا على تأكيد الدعم دون حتى الاطلاع على النسخة النهائية ولا حتى الطريقة التي ستتم به، وخاصة أن البيان الأخير أشار إلى أن التعديل هو عبارة عن إصلاح شامل مما يفرض ضرورة التوجه إلى الاستفتاء الشعبي بحكم شمولية الإصلاح كما جاء في البيان.
أحزاب الموالاة المطالبة بتمدين النظام السياسي لا تملك لا الشجاعة ولا الجرأة حتى في مخالفة الرئيس ليس في الرأي وإنما لا ترغب حتى التشويش عليه في المسعى مما يفقدها المصداقية في مطلب التمدين الذي من أهم معانيه وأدواته الاعتماد على المبادرة وتحريك المؤسسات الشعبية في تحقيق الرؤى والأفكار، واستمرار عجز هذه الأحزاب" الكبرى" عن تقديم أي مبادرة جادة في اقتراح مشاريع صدعت الرأي العام بأنها تطالب بها في حين لا تحرك وسائلها المدنية في بلورتها على أرض الواقع، بل أن هذه الأحزاب استبدلت الإيعاز والتحريك من مؤسسات إلى أشخاص وهذا في حد ذاته انحدار إلى ما قبل نقطة الصفر.
المشهد السياسي في الجزائر الآن تحت إشراف الرئيس ويشاركه في التأييد وليس الرأي قيادة الأركان كما تدعمه دون أي دور إلا الدعم والمساندة للمنظمات والأحزاب التي سيحاول سعداني جمعها في مبادرته رغم تحفظات أويحيى ولكنه في النهاية سوف لن يقاوم كثيرا لأن الرئاسة أصبحت لا ترغب في التعامل مع الكل الذي لا يملك إلا البحث عن الرضا والقبول لدى الرئيس ومحيطه.
أحزاب المعارضة بدورها لم تلتق منذ فترة وتكون قد تلقت الرسائل الأخيرة بدءا بإقالة الفريق توفيق ووصولا إلى سجن الجنرال بن حديد والتراشق مع ربراب وطريقة التعامل مع مزراق، أن السلطة الحالية لا ترغب كثيرا في التوافق وأن الخريطة المعدة قد تفرض عليها أدوار على غرار نموذج السيسي ولكن بأسلوب وطريقة جزائرية في القمع والتعامل مع المخالفين، كما تنظر إلى تراجع رؤساء الحكومات السابقين المشاركين معهم في المبادرات كنوع من وجود ضبابية أكثر وعدم وضوح الرؤية لهم ولمن يساعدهم من داخل النظام، وهذا في حد ذاته أثّر على وتيرة تحرك المعارضة، كما أنها لم تسع إلى الخيارات الشعبية رغم محاولة الأرسيدي الأخيرة والتي تعد فاشلة بالنظر إلى المكان المختار والمضمون المستعمل في تعبئة الشعب، في الوقت الذي لازالت في أسلوبها التقليدي كاستعمال الإدارة وغيرها من الوسائل غير المدنية.
الغائب الأكبر عن المشهد السياسي هو التيار الإسلامي ولو ظرفيا في المرحلة الراهنة فبين أنصار الفيس المنقسمين ومدرسة الشيخ نحناح مازالت تئن من كثرة الخلافات والانقسامات، كما أن محاولات الشيخ جاب الله غير قادرة على توحيد ما انكسر من قبل، ورغم وجود مساع جادة في التقليل من مساحات الاختلاف هنا وهناك إضافة إلى الوعي المتنامي بحجم التحديات والمشاريع الغربية المعروضة في المنطقة والتي تستهدف إقصاء وتحجيم دور الإسلاميين، إلا أن هناك عملا ولو بطيئا لتحقيق رؤية ومقاربة مشتركة بين مختلف أطراف وأحزاب وقوى والتنظيمات الإسلامية من أجل بلورة مشروع وطني حقيقي بمرجعتيه الإسلامية، يستند على أرضية الدعم الشعبي التي لم تنقطع بل لها توسع كبير وامتدادات مستفيدة من واقع الأمة ونجاحات البعض وعرقلة القوى المعادية للإسلام والإسلاميين عموما



سليمان شنين

من نفس القسم الوطن