الوطن

إعادة بناء الدياراس أحد محاور الإصلاح الشامل

الرئاسة تشيد بدور دياراس وإطاراتها وتؤكد:



أثار بيان رئاسة الجمهورية حول التغييرات التي أجريت ضمن دائرة الاستعلام والأمن استفسارات وتأويلات عند المراقبين بالنظر إلى توقيت البيان وعدم إدراجه في نقاط لقاء مجلس الوزراء الأخير والذي ترأسه رئيس الجمهورية، وبالنظر أيضا إلى طبيعة الرسائل المشفرة التي حملها البيان والجهات المقصودة به في هذه المرحلة التي تتسم بتراشق إعلامي كبير من داخل النظام وبين زمره المختلفة.
ويأتي هذا البيان بعد تنحية الفريق محمد مدين من مهامه وإحالته على التقاعد وتعيين اللواء المتقاعد بشير طرطاق رئيسا للدياراس، وقد جاء في البيان أن التغييرات تدخل في إطار " هيكل تنظيمي تم وضعه منذ ربع قرن" وهي إشارة أن الإصلاحات مشروع قديم قبل وصول الرئيس بوتفليقة إلى الحكم، وهي بداية الفترة التي تولى فيها الفريق توفيق مسؤولية الجهاز وكلف ساعتها بإعادة ترتيب المؤسسة وإعطائها أدوارا أخرى بعد فترة من محاولة تفكيكها وإعطاء أدوار متقدمة لمؤسسات أمنية أخرى منها الشرطة ساعتها. ولم يخف البيان أن هذا الإصلاح كان يهدف إلى "تعزيز قدرة ونجاعة مصالح الاستعلام الجزائرية وتكييفها مع التحولات السياسية الوطنية"، وهي إشارة إلى التحول الذي شهده المجتمع والدولة وخاصة بعد اعتماد التعددية وتجاوز مرحلة التهديدات الأمنية الكبرى داخليا رغم استمراراها على مستوى الإقليم. ورغم أنه في الفترات الأخيرة كانت هناك إشارات كثيرة إلى إصلاحات جذرية وعميقة تشهدها المؤسسة الأمنية وبفواعل داخلية متأثرة بمطالب دولية ترغب في احترافية أكثر وفي إتاحة الفرصة إلى السياسيين من أجل تحمل مسؤولياتهم في التسيير السياسي للبلد مقابل تفرغ المؤسسة الأمنية إلى وظائفها الأساسية مثل ما هو الحال في أغلب الدول النامية والمتقدمة. وتشير كثير من التقارير الغربية وبعض المطلعين على أنه في سياق برنامج الإصلاح الذي تقدم به الرئيس في مختلف القطاعات سواء كانت الإدارة أو العدالة والدبلوماسية طلب أيضا من المؤسسات الأمنية التكييف مع هذه المشاريع الجديدة، ولذلك جاء في البيان أو كأنها رسالة إلى المراقبين الدوليين أن هذا البرنامج في إعادة بناء المؤسسة الأمنية يدخل ضمن "سياق حركة إصلاحات أمنية وسياسية "واسعة" بوشرت في سنة 2011 برفع حالة الطوارئ وتنفيذ عدة قوانين ذات بعد سياسي وهو مسار سيتوج عن قريب بمشروع مراجعة الدستور". وقد أثار تعيين رجل مدني حتى ولو بخلفية عسكرية وأمنية على رأس الدياراس قراءات كثيرة منها أن مشروع إعادة التنظيم قد يعتمد على إبعاد المؤسسة الأمنية كليا من وزارة الدفاع الوطني وعن طابعها العسكري مثل ما هو الحال في تجارب دول صديقة وشقيقة وأثبتت مثل هذه التجارب النجاعة والقدرة على مواجهة كل التحديات المعاصرة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وإبعاد القرار الوطني من الاختراقات التي أصبحت تأخذ منحى وطرقا جديدة يصعب التحكم فيها ومتابعتها بأشكال وأنماط تنظيمية قديمة. البيان وفي فقرته الأخيرة جاء ليطمئن إطارات المؤسسة الأمنية من خلال إقرار تضحياتهم وتفانيهم في خدمة البلاد وجاء فيما نصه في سياق الحديث عن المؤسسة أنها " ساهمت بتفان في الحفاظ على الدولة وتضطلع بمهام ذات مصلحة وطنية كبرى وتتوفر على موارد بشرية ذات كفاءات عالية". وتجدر الإشارة أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض المؤسسة إلى هذا الشكل من تسليط الضوء والاستهداف الإعلامي وحتى السياسي رغم محاولة بعض السياسيين ركوب حملة تمدين النظام شكلا، ولكن على مستوى الميداني تصفية حسابات شخصية وإبعاد بعض رموز المؤسسة من مناصبهم، وقد أثر مثل هذا التوجه كثيرا على هيبة المؤسسة في الشارع العام وركبت أطراف هذا الاتجاه لإعادة أولوياتها في المشهد السياسي العام للبلاد

سليمان شنين.

من نفس القسم الوطن