الوطن

انضمام تونس للتحالف الدولي لمحاربة داعش تهديد مستقبلي لحدود الجزائر

برغم مبرراتها بكون التعاون مجرد تبادل المعلومات الاستخباراتية



برغم إعلانها دخول الحرب على داعش من بوابة التحالف الدولي الذي تقودها الولايات المتحدة، إلا أن تونس ارتأت أن تبرر انضمامها للحرب بالاقتصار على تبادل المعلومات الاستخباراتية التي تساعد في محاربة الإرهاب في تونس، وهو مبرر يحمل أكثر من دلالة، وأولها أن التهديد الإرهابي في تونس يستلزم مساعدة التحالف الدولي للقضاء على فلول التنظيمات المسلحة المنتمية لما يعرف حاليا بالدولة الإسلامية في العراق والشام، وقد يعني تحالفها مع المجموعة الدولية التي تقودها القوات الأمريكية هو دخول التحالف إلى تونس من بوابة محاربة داعش على حدودها مع الجزائر وليبيا، مما يشكل بنحو غير مباشر تدخلا في الشأن الداخلي لتونس وتهديدا للجزائر عبر حدودها، وهو ما ترفضه الجزائر وترافع من أجله أمميا، فهل تكون تونس بوابة للتدخل الأجنبي في شمال إفريقيا؟
لم تعلن الجزائر بعد عن موقفها بخصوص مبادرة تونس للانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش، لكن موقفها المعروف والذي أعلنت عنه في أكثر من مناسبة، يؤكد أنها ترفض أي تواجد لقوات أجنبية عسكرية على حدودها، ومكمن ذلك يرجع لسياستها الخارجية المبنية على رفض الحلول العسكرية للصراعات الداخلية في الدول، بينما تدعم أي نوع لمكافحة الإرهاب عن طريق التعاون الأمني والاستخباراتي، مثلما هو حاصل بين تونس والجزائر، وسبق أن وقعت الدولتان اتفاقيات للتعاون في هذا المجال، وأسفرت عن إجهاض العديد من العمليات الإرهابية التي كانت تهدد تونس والجزائر معا. وفي قراءة سريعة لما صرح به رئيس الوزراء التونسي حبيب الصيد، الذي قال بأن انضمام تونس إلى هذه المجموعة (التحالف) التي تكونت لمحاربة داعش والتطرف العنيف، سيكون " أساساً في تبادل المعلومات، التي تهم تونس، خاصة ونحن في حرب ضد الإرهاب"، وربما تحتاج تونس لمعلومات تفيدها بأسماء إرهابيين في داعش قد يتسللون إلى داخل التراب التونسي ينفّذون عمليات إرهابية مثلما هدد التنظيم بذلك مرارا، ويتضح أن تونس إما أن تكون قد تعرضت لضغوطات من الخارج وإما أن تكون الحاجة لمواجهة تهديد داعش من حدودها الشرقية مع ليبيا هي التي أملت عليها هذا القرار المفاجئ بالنسبة لبلد مثل الجزائر، فالتحالف الدولي الملاحق لداعش عبر سوريا والعراق، يكون قد وجد في انضمام تونس بوابة للتدخل العسكري في ليبيا كونها ولاية تابعة للتنظيم المتواجد في سيرت ودرنة وبعض المدن الأخرى القريبة من العاصمة طرابلس، ومهما كان مبرر تونس من انضمامها للتحالف، سيكون التدخل العسكري الأجنبي مفروضا عليها أن هي تعرضت لهجمات من جانب داعش، وقد تضطر تونس للعودة للدستور في مادته 77 كي تقرر المساهمة عسكريا في التحالف، مع أنها أقل خبرة في مجال مكافحة الإرهاب مقارنة بجارتها الجزائر، وسواء أرسلت تونس قوات إلى الخارج لقتال الإرهابيين في سوريا والعراق، أم لا، فإن تورطها في التحالف قد يسبب لها المزيد من المتاعب التي سبق وأن حذرت الجزائر منها في كثير من المناسبات الدولية، خاصة وأن أي عملية عسكرية في تونس أو ليبيا قد تعني تهديدا لأمن حدودها مع جارتيها، لذلك تفضل الجزائر التنسيق الأمني بين دول الجوار لمحاربة الإرهاب ودعم تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا قبل أي حديث عن أي عملية عسكرية خارج إطار الشرعية الأممية، ويظهر أن تونس التي فضلت تقديم مبررات بأن تحالفها مجرد تحالف استخباراتي، أرسلت رسائل ضمنية لجارتها الجزائر بأن تواجد القوات الدولية على أراضيها أمر غير مطروح، برغم احتمال حدوث ذلك أن تغيرت المعطيات وأهداف التحالف خاصة أن تقرر محاربة داعش في ليبيا وعلى الحدود مع تونس.
إلياس تركي

من نفس القسم الوطن