الوطن

"العفو الشامل"... الحلقة المفقودة في الملف وسط دعوات لطيه نهائيا

10 سنوات تمر على الاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية

 

 

  • الأطراف المعنيون به يؤكدون لـ"الرائد": ملف المصالحة "مخادعة" ولا بد من حل سياسي عادل!



تمر غدا 10 سنوات على استفتاء الجزائريين على وثيقة السلم والمصالحة الوطنية، التي ورغم الانتقادات التي لاقتها إلا أنها حققت أهم هدف وهو حقن دماء الجزائريين بغض النظر عن ملفات لا تزال عالقة وتنتظر الضوء الأخضر من الرئيس، حيث انتهت خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، التي كان يرأسها مروان عزي، من مهمتها في جوان الماضي، وستسلّم تقريرها اليوم أو غدا، فقد أوضح رئيسها السابق، مروان عزي، أن التقرير الذي يتحدث عن نشاط الخلية من 2006 إلى 2015، سيشمل ثلاثة محاور، يتعلق الأول بالإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية، في إطار المادة 47 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي تنص على أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يتخذ أي تدبير يراه مناسبا من أجل السير الحسن لإجراءات المصالحة، بينما يتعلق الثاني بالفئات التي استفادت من إجراءات المصالحة بالأرقام والإحصائيات، أما المحور الثالث فسيتضمن اقتراحات وتوصيات تتعلق بتوسيع نطاق المستفيدين من المصالحة وكذا تفعيلها ميدانيا، إما باستخدام المادة 47 وإما عن طريق إطار قانوني آخر مستقل.
يتلقى رئيس الجمهورية هذا الأسبوع تقريرا ثقيلا عن ملف المصالحة الوطنية بعد عشرية كاملة على مشروع تمكن بفضله الجزائريون من طي أزمة المأساة الوطنية، في ظل مستجدات طفت على السطح ومطالب بضرورة المرور نحو عفو شامل ومعارضة أطراف أخرى وملفات لم تطو بعد كما لم يطو أيضا ملف الإرهابيين الذي يعتبر الهاجس الأكبر للسلطات الأمنية، التقرير سيتطرق أيضا إلى فئات جديدة لم تستفد من المصالحة الوطنية، منها ملف جنود التعبئة وعددهم ضخم جدا وهي الفئة التي تمت إعادة تجنيدها في إطار مكافحة الإرهاب وتطالب اليوم بتعويضات، إضافة إلى ملف الجنود الذين أصيبوا بعاهات أو عجز منسوب للخدمة في إطار مكافحة الإرهاب، وكذا ملف المحبوسين في إطار المحاكم الخاصة والعسكرية.

 العفو الشامل... مطلب ملح لطي ملف الأزمة مقابل معارضة من أطراف سياسية!
95 بالمئة هي النسبة "الرسمية" التي حققتها المصالحة الوطنية حيث ما يزال العديد من الحقوقيين يطالبون باستكمال مسار قانون المصالحة الوطنية من أجل معالجة الملفات العالقة، خاصة بعد أن عالجت جزءا كبيرا من آثار وملفات الأزمة الأمنية في الجزائر، لاسيما بتراجع نشاط الجماعات الإرهابية، إلى جانب التفجيرات والأعمال الهمجية التي خلفت مقتل 120 ألف مواطن و7400 مفقود وتدمير 4 آلاف مؤسسة إنتاج ومصانع وفقدان 400 ألف منصب شغل، إضافة إلى عدد من المعطوبين والنساء المغتصبات وعشرات الأشخاص الذين طردوا من وظائفهم، غير أنه بعد تطبيق قانون المصالحة الوطنية تم بعث العديد من الأنشطة التي كانت متوقفة.
وحسب رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، فإن ترسيم مشروع " العفو الشامل " يعتبر وصفة أخيرة لطي ملف الفتنة الوطنية المزمنة، وذكر المتحدث مرّة أخرى بالمناسبة أن إقرار العفو الشامل من صلاحية الرئيس وحده، مشيرا إلى أن المادتين 47 و48 من ميثاق السلم تخوّلان الرئيس حق اتخاذ تدابير تكميلية للمصالحة، والأمر يرجع إليه في اتخاذ القرار المناسب، قائلا أن " القرار سياسي ومن صلاحيات القاضي الأول في البلاد الذي بوسعه تنظيم ثالث استشارة شعبية منذ وصوله إلى الرئاسة وإطلاق رابع مشروع لإنهاء الأزمة الوطنية المزمنة، التي سبقها قانون الرحمة الصادر في عهد الرئيس السابق " اليمين زروال العام 1995، وقانون الوئام المدني الذي دشّن به بوتفليقة وصوله إلى سدة الحكم سنة 1999 وأخيرا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المزكّى شعبيا في 2005.
بالمقابل، يعتبر مدير ديوان رئاسة الجمهورية الحالي أحمد أويحي الرافض الأكبر لمشروع العفو الشامل، حيث أكد ذلك في العديد من المناسبات عكس بعض الأطراف التي تبنته كشعار لتدشين العهدات الرئاسية للرئيس بوتفليقة حيث قال أويحيى، أن العفو لا يجب أن يكون شاملا، والمصالحة الوطنية التي زكاها الشعب من خلال استفتاء تحمل تدابير من شأنها دراسة جميع الحالات التي قد يكون القانون قد تناساها.

آلاف إرهابي تائب والقضاء على 17 ألف آخرين

وبالعودة إلى الأرقام المقدمة حول المشروع ونتائجه توضح حصيلة قدمتها خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية استفادة 7000 عائلة مفقود من أصل 7144 ملف من التعويضات، فيما بقيت 140 عائلة تنتظر محاضر المعاينة الخاصة بمفقوديها، كما عبرت 25 عائلة عن رفضها مسايرة هذه العملية وتمسكت ”بما تدعيه عائلة بالبحث عن الحقيقة والعدالة”. كما استفاد ما لا يقل عن 9000 إرهابي تائب من تدابير ذات القانون الصادر في 2006، ما يجعل العدد الإجمالي للتائبين عن العمل المسلح يرتفع إلى 15200 تائب بحساب عدد الإرهابيين الذين تركوا السلاح واستفادوا من تدبير قانون الوئام المدني في 1999 وعددهم 6200 تائب، وهو ما أدى إلى انحسار العمل الإرهابي إلى حدوده الدنيا.

الأطراف المعنيون به يؤكدون لـ"الرائد": ملف المصالحة "مخادعة" ولا بد من حل سياسي عادل!

على صعيد آخر، طالب المعنيون بالميثاق وفي مقدمتهم الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة الفيس الشيخ علي بن حاج في تصريح لـ"الرائد"، بضرورة الذهاب اليوم نحو ما قال بأنه "حل سياسي عادل"، فالحديث في نظره عن عفو شامل دون فتح نقاش حقيقي لمعرفة المتورطين والمتهمين في الأزمة وتبيان حقيقة ما يوجه لهم أمام الرأي العام لن يكون الخيار المناسب، وأكد المتحدث في سياق متصل بما قال بأنه " المخادعة الكبرى "، حيث عرج الشيخ علي بن حاج إلى حيثيات إقرار ميثاق السلم والمصالحة قبل 10 سنوات، وذكر المتحدث بأنه حذر من مغبة إقرار النص بتلك الطريقة قبل أن يشير إلى أنه راسل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من السجن وأوضح موقفه من المشروع ككل، ولكن _ يضيف محدثنا -، أن السلطة لم تستمع لتلك الدعوات التي وجهها من داخل السجن الذي كان يقبع فيه وبعد مغادرته أيضا. ولدى ردّه على سؤالنا حول تقييمه لمسار سنوات تطبيق المشروع وإن كان قد حقق الأهداف التي جاء من أجلها، قال المتحدث بأن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الذكرى العاشرة للاستفتاء عليه، لم يحقق أهدافه المنشودة، قبل أن يؤكد على أنه شخصيا يعتبره " مخادعة كبرى "، لأن المصالحة تعني رأب الخصام بين طرفين، ولكن الخصام لا يزال قائما بدون أي وجه حقّ على حدّ تعبيره، مشيرا إلى أن المواد والنصوص التي جاء بها المشروع "خاصة أن المادة 26 غير دستورية وتتعارض مع حقوق المواطن المكفولة دستوريا".
وعرج المتحدث في سياق متصل على جوانب هامة وضرورية يكون القائمون على إعداد المشروع قد أهملوها سواء عن قصد أو عن غير قصد، خاصة وأن المشروع وبعد إقراره " برأ الجلاد وجرّم الضحية " على حدّ تعبيره، خاصة في قضية منع المستفيدين من ميثاق المصالحة الوطنية من الترشح للانتخابات الوطنية، أو تأسيس حزب سياسي يمارسون من خلاله العمل السياسي في إطار منظم ورسمي. وعاد بالمناسبة للتأكيد على حق مدني مزراق وغيره من تأسيس حزب سياسي والعمل السياسي وقال بأن خلافاتنا مع الرجل لا يمكنها أن تهضم حقه المكفول دستوريا في ممارسة العمل السياسي والتي تحضرها المادة 26 من الميثاق التي تنص على " تمنع ممارسة النشاط السياسي، بأي شكل من الأشكال، على كلّ شخص مسؤول عن الاستعمال المغرض للدين الذي أفضى إلى المأساة الوطنية. كما تُمنع ممارسة النشاط السياسي على كل من شارك في الأعمال الإرهابية ويرفض بالرغم من الخسائر التي سبّبها الإرهاب واستعمال الدين لأغراض إجرامية الإقرار بمسؤوليته في وضع وتطبيق سياسة تمجّد العنف ضدّ الأمة ومؤسسات الدولة".
  أمال. ط/ خولة. ب

من نفس القسم الوطن