الوطن

خبراء يحذرون الحكومة من "الاتكال" على احتياطي الصرف

بعد الأرقام الصادمة التي استعرضها محافظ بنك الجزائر


•    مولود حشمان: الاقتصاد الوطني في وضعية خطيرة وكل ما تفعله الحكومة هو مجرد ردة فعل!
•    رشيد بوجمعة: الأرقام التي قدمها لكصاسي كانت متوقعة!

مثلت الأرقام الأخيرة التي قدمها محافظ بنك الجزائر اعترافا صريحا للحكومة بصعوبة المرحلة المقبلة حيث أشارت هذه الأرقام الصادمة التي جاءت من محافظ بنك الجزائر وليس رئيس حزب سياسي معارض أن كل المؤشرات المالية والاقتصادية تتجه نحو التراجع، وهو ما اعتبره المراقبون والخبراء في الاقتصاد بمثابة فشل ذريع للحكومة في تسيير الأزمة الاقتصادية الحالية، معتبرين أن هذه الأخيرة لم تتحرك لحد الآن لمواجهة تداعيات انخفاض أسعار النفط، في حين تبقى كل الإجراءات التي أعلنت عنها مجرد ردود فعل لا تمكن من بناء اقتصاد قوي قادر على مواجهة مثل هذه الصدمات مستقبلا.
وفي قراءة لهذه الأرقام يؤكد الخبراء الاقتصاديون أن المؤشرات المالية التي تفضل بها محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي هي اعترافات خطيرة بالفشل والعجز، تعكس حصيلة سلبية خلال السداسي الأول من السنة الجارية، وعدم قدرة الحكومة على مجاراة الوضع الاقتصادي الحالي، وهو ما دفع بالمسؤولين للجوء إلى الحلول الترقيعية وسط ضبابية وتضارب في التصريحات عن الوضع الاقتصادي الحالي الذي سيتحمل نتائجه المواطن وخير دليل على ذلك تسريبات قانون المالية لسنة 2016 والذي تضمن رفع الضريبة على القيمة المضافة على الوقود، والكهرباء، والجيل الثالث، وتصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال الذي دعا الجزائريين للاقتصاد في الخبز والماء وعبر عن نية الحكومة في الرفع من تسعيرة الكهرباء والغاز.
وكان لكصاسي قد اعترف مؤخرا بأن الحسابات الجارية لميزان المدفوعات سجلت، خلال النصف الأول من السنة الجارية، عجزا كبيرا بلغ 13,17 مليار دولار، وأشارت حصيلة التوازن العام لميزان المدفوعات عن تسجيل عجز هو الآخر بـ14,39 مليار دولار، مع توقعات أن يستمر العجز خلال السداسي الحالي بتسجيل 4,56 مليار دولار.
ومن ناحية أخرى، سجل احتياطي الصرف تراجعا كبيرا، حيث فقدت الجزائر في ظرف سنة 34,24 مليار دولار، وكشفت الحصيلة ذاتها عن تراجع مداخيل الجباية البترولية في تمويل الخزينة العمومية، حيث سجلت انكماشا قدر بـ 747,4 مليار دينار خلال السداسي الثاني من السنة الماضية، ولم يستثن التوجه نحو التراجع والانخفاض قيمة العملة الوطنية التي تراجعت مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 22 في المائة، وتراجعت السيولة في البنوك من ناحية أخرى من 2730 مليار دينار مسجلة في ديسمبر الماضي، إلى 2104 مليار دينار فقط في جوان من السنة الحالية.

•    مولود حشمان: الاقتصاد الوطني في وضعية خطيرة وكل ما تفعله الحكومة هو مجرد ردة فعل!
وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي مولود حشمان في تصريحات لـ"الرائد" أمس أن الأرقام التي قدمها محافظ بك الجزائري محمد لكصاسي وتصريحات سلال الأخيرة كلها مؤشرات تؤكد أن الاقتصاد الوطني في وضعية خطيرة، وأن ما يؤكده المسؤولون في الجزائر عن وجود أزمة مالية وليس اقتصادية أمر غير صحيح، فالجزائر تعيش -حسب حشمان- أزمة اقتصادية خانقة لم تستطع الحكومة التعاطي معها بدليل الأرقام التي قدمها لكصاسي مؤخرا وبينت أن كل المؤشرات المالية والاقتصادية تتجه نحو التراجع، وعلق حشمان على تأكيدات لكصاسي أن احتياطي الصرف قادر على مواجهة الصدمة الخارجية بأن هذا الكلام مغلوط وغير مسؤول، مضيفا أن هذا التفكير هو تفكير "عجائز" وهو الذي أوصلنا للحالة الاقتصادية المعقدة التي نحن فيها، قائلا " من غير المعقول أن نبقي الوضع على ما هو عليه لأننا نملك احتياطي صرف لن يكفي الجزائر حتي لسنتين مقبلتين". من جهة أخرى أوضح حشمان أن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا منها سياسة التقشف أو ترشيد النفقات الغير مطبقة أصلا بالإضافة إلى تشجيع الإنتاج الوطني وتنويع الصادرات وكذا تخفيض فاتورة الاستيراد كلها ردود أفعال لانخفاض أسعار النفط وليست سياسة استراتيجية من أجل بناء اقتصاد قوي، مضيفا "إن عرفت أسعار النفط ارتفاعا الفترة المقبلة ستعود الحكومة لسياستها القديمة وتتخلى عن كل الإجراءات والبرامج التي تروج لها هذه الأيام". وفي هذا الصدد أكد حشمان أنه من المفروض على الحكومة الفترة الحالية التفكير الجدي في وضع استراتيجية حقيقية وتغيير الذهنية الاقتصادية ككل مؤكدا أن ذلك لا يكون بين عشية وضحاها لأن أسعار النفط تراجعت وإنما على المدى المتوسط والبعيد والأمر يحتاج لوقت، ووصف حشمان في سياق حديثه السياسة الاقتصادية الوطنية بـ"العرجاء"، بسبب عدم ارتكازها على أي استراتيجية واضحة المعالم، وقيامها على سياسة الإنفاق غير المدروس أو العشوائي الذي يكلف الخزينة دون أن يتمكن من تحقيق نتائج إيجابية ملموسة، مؤكدا أن الاقتصاد الوطني بحاجة ماسة ومستعجلة لوضع نموذج تنموي جديد للنهوض به، بالاستعانة بالخبراء الوطنيين في مختلف التخصصات الاقتصادية، وكافة الفاعلين الاقتصاديين. وعن التسريبات التي تحدثت عنها وسائل إعلام بخصوص قانون المالية لسنة 2016 وما تضمن من زيادات في أسعار الوقود والكهباء والإنترنت قال حشمان أن ذلك كان متوقعا لأن هذه الزيادات التي تفرض على المواطنين تدخل في أطار الحلول الترقيعية التي تفرضها الحكومة، مؤكدا أن تقلص ميزانية التسيير بـ 3.32 بالمائة هو جهد ضئيل جدا لا يعكس جدية الحكومة في الحد من نفقاتها.

•    رشيد بوجمعة: الأرقام التي قدمها لكصاسي مؤخرا كانت متوقعة
من جهته أكد الخبير الاقتصادي بوجمعة رشيد أن الأرقام التي قدمها لكصاسي هي حصيلة كانت متوقعة بالنظر إلى استمرار انخفاض أسعار النفط أمام افتقار الجزائر لقاعدة صناعية وفلاحية قادرة على مواجهة الأزمة لتلجأ الحكومة إلى إجراءات وحلول ترقيعية لم تطبق أغلبها، على غرار سياسة التقشف التي طبقتها الحكومة على المواطنين فقط والمشاريع التي تمسهم، وخير دليل على ذلك تضمن مشروع قانون المالية التمهيدي لـ 2016 الرفع من الضريبة على القيمة المضافة على الوقود، والكهرباء، والجيل الثالث.
وذكر بوجمعة رشيد بأن بقاء الوضع على حاله في ظل البيروقراطية الموجودة لا يسمح بتطوير الاقتصاد وإحداث النمو الاقتصادي المطلوب، مضيفا أن الجزائر غير قادرة على الصمود في ظل الظروف الحالية والتوجهات الاقتصادية التي تم الإعلان عنها حيث لم يستبعد بوجمعة اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، إذا استمرت الأوضاع الحالية على مدى عامين على أقصى تقدير، مضيفا أن استمرار الوضع يفرض علينا، فتح المجال للاستدانة والتمويل الأجنبي والمشاركة في الاستثمارات الكبرى من طرف المؤسسات الدولية. واقترح بوجمعة فتح الباب أمام تمويل المشاريع الكبرى والتي تتطلب أموالا كبيرة، وأضاف أن هذا الأمر لا يؤثر على الاقتصاد الوطني بل سيأتي بمنفعة للاقتصاد. من جانب آخر، دعا ذات المتحدث إلى التوجه إلى الاستثمار المنتج في مجالات الصناعة والزراعة والسياحة، لتعويض الإيرادات التي تخسرها الخزينة، جراء تراجع أسعار النفط، مؤكدا على ضرورة تحرك الحكومة في هذا الاتجاه.
س. زموش

من نفس القسم الوطن