الوطن

السعودية أمام انتقادات إيران ومبرري الوفاة بالقضاء والقدر

حادثة التدافع بمشعر منى:




وجدت المملكة العربية السعودية، نفسها أمام انتقادات دولية واسعة بسبب" سوء إدارة موسم الحج لعام 2015 "، وذلك بعد حادثة التدافع بمشعر منى التي وقعت يوم الخميس المنقضي أول أيام عيد الأضحى المبارك وأدت إلى مئات القتلى والجرحى في صفوف الحجاج ومن مختلف أصقاع العالم، في حين تم تسجيل أثقل حصيلة للأرواح في صفوف حجاج بيت الله الحرام من الإيرانيين، وهو ما دفع بالسلطات الإيرانية أمس إلى توجيه انتقادات لاذعة للسلطات السعودية، مطالبة إياها بالمشاركة في التحقيقات المتعلقة بالحادث، حيث أعلنت السعودية عن الطلب الإيراني الذي لم يكن يختلف عن الطلب التركي ولكن بأقل حدّة، في وقت بعث فيه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رسالة تعزية للعاهل السعودي دون الخوض في الجدل القائم هناك والذي وضع السعودية في حرج أمام – خصومها – بالمنطقة، وكانت الجزائر قد فقدت حاجين وسجلت جروح متفاوتة الخطورة في صفوف البعض الآخر، لحدّ كتابة هذه الأسطر، وفي انتظار أن تكشف السلطات السعودية عن الأرقام النهائية للحادث، وجه المسؤولين السعوديين خطاباتهم في الساعات الماضية عقب الحادثة صوب التبرير نافين وجود خطأ في تقدير إدارة شؤون الحجاج، موجهين أصابع الاتهام إلى الحجاج الذين قيل بأنهم من تسببوا في الحادث بسبب التدافع، بينما أجمعت أغلب التقارير الإعلامية السعودية أن حجاجا إيرانيين هم من تسببوا فيما حدث، وبين خطاب الانتقاد ومبررات الحادث ستكون السعودية في قلب الحدث إلى حين الفصل في مجريات الحادث والمتسببين فيه.

تدافع مشعر منى:
السعودية تدافع عن نفسها أمام الانتقادات
دافعت السلطات السعودية عن نفسها ضد الانتقادات التي وجهت إليها بسبب التدافع الدامي الذي حدث في منطقة منى بالقرب من مدينة مكة، وأدى إلى مقتل 717 شخصا وجرح 863 شخصا، وقالت وزارة الصحة السعودية في بيان إن المأساة التي حدثت "ربما تسبب فيها حجاج لم يلتزموا بالتعليمات الرسمية"، متعهدة بسرعة استكمال التحقيق في الحادث، وقال ناطق باسم وزارة الداخلية السعودية، منصور التركي، إن سبب ارتفاع عدد القتلى بشكل غير عادي "لم يعرف بعد"، ودعا الملك سلمان إلى مراجعة شاملة لإجراءات الحج بعد التدافع المميت، وهو أسوأ حادث يقع في الحج منذ 25 عاما.
وقال الملك سلمان "وجهنا السلطات المعنية لمراجعة خطة العمليات ورفع مستوى التنظيم والإدارة لضمان أن يؤدي ضيوف الرحمن مناسك الحج في راحة ويسر"، وانتقدت إيران بشدة السلطات السعودية بسبب طريقة إدارتها لشؤون الحج، وتقول إيران إنها فقدت أكثر من 130 من مواطنيها، وانتقدت السلطات السعودية بسبب "عدم توفير إجراءات السلامة المناسبة"، وأعلنت إيران الحداد لمدة ثلاثة أيام، وقال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، "إن السلطات السعودية يجب عليها أن تتحمل المسؤولية عن هذا الحادث المؤسف...سوء الإدارة والتصرفات غير المناسبة تسببت في هذه الكارثة".
وتكشفت تفاصيل جديدة بشأن جنسيات بعض ضحايا التدافع المميت إذ ذكرت تقارير أن القتلى يشملون حجاجا من إندونيسيا، والنيجر، وتشاد، وقالت وزارة الأوقاف المصرية أن 8 حجاج قد قتلوا في التدافع، مضيفة أن الضحايا هم خمسة نساء وثلاثة رجال، وأوضحت أنه يجري التأكد إذا ما كان هناك مزيد من الضحايا المصريين وذلك بالتنسيق مع السلطات السعودية، وقالت إنه يوجد 30 مصاباً حتى الآن، وحصل الحادث عندما كان مليونا شخص يؤدون شعيرة رئيسية في مناسك الحج وهي رمي الجمرات، وهذا ثاني حادث يحصل في مكة في غضون أسبوعين بعدما انهارت رافعة على رواد المسجد الحرام في مكة، الأمر الذي أدى إلى مقتل 109 أشخاص.
ويذكر أن هناك عدة رافعات في مكة في إطار جهود توسعة الحرم المكي لزيادة طاقته الاستيعابية، وقد وقع الحادث في التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي بينما كان الحجاج يتجهون إلى جسر الجمرات.

بعد تسجيل حصيلة ثقيلة من القتلى الإيرانيين
خامنئي ينتقد السعودية
انتقد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي ما وصفه بالإجراءات غير الملائمة التي تسببت في حادث التدافع، وأعلن حداد لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من نهار أمس الجمعة في إيران، واستدعاء القائم بأعمال السفارة السعودية في طهران للاحتجاج بعد أن توفي 131 حاجا إيرانيا في التدافع الذي أوقع مئات الضحايا الخميس في منى بالقرب من مكة المكرمة.
بعد ساعات على حادثة التدافع والتي وقعت يوم الخميس بشارع 204، المؤدي إلى جسر الجمرات بمشعر مِنى بمكة المكرمة، والذي نتج عنه وفاة 717 حاجًّا، وإصابة 863 آخرين، بدأت تتكشف جنسيات بعض الضحايا والمصابين بعدما أعلنت دول عربية وإسلامية عن أعداد ضحاياها في الحادث، وكان العدد الأكبر من الحجاج الإيرانيين، حيث قال رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية سعيد أوحدي، أن "حصيلة الضحايا ارتفعت إلى 131 شخصا و60 إصابة"، محذرا بأن "الحصيلة يمكن أن ترتفع أكثر"، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن مرشد الثورة الإيرانية خامنئي قوله "على الحكومة السعودية أن تتحمل مسؤوليتها الكبرى في هذا الحادث المرير"، من جهته طالب الرئيس حسن روحاني من نيويورك، حيث من المفترض أن يشارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة "الحكومة السعودية بتحمل مسؤولياتها" في هذه الكارثة، بحسب الوكالة.
ومن جانبه قال محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري ورئيس البعثة المصرية إن 8 حجاجا مصريين لقوا حتفهم في الحادث إضافة إلى إصابة حوالي 30 آخرين، كما أشار إلى أنه حتى الآن وجد 30 مصاباً تم التأكد من معرفة أسماء وهوية 14 منهم، حيث يوجد 5 بمستشفى طوارئ منى، و9 حجاج بمستشفى منى الجسر.
أما عدد الضحايا الأتراك فقد وصل إلى 4 حجاج بعدما أعلنت إدارة شؤون الحج السعودية، أن 4 حجاج أتراكا لقوا حتفهم فيما لايزال البحث جار عن 18 مفقودين آخرين. فيما أعلنت كلا من المغرب والبحرين وعمان ولبنان عدم وجود أيً من رعاياها في تعداد الضحايا أو المصابين حتى الآن.
وحتى الآن لم يصدر بيانا رسميا من الجهات السعودية بأسماء وجنسيات الحجاج الذين توفوا جراء التدافع لكن مصادر سعودية أشارت إلى إن معظم ضحايا ومصابي الحادث هم من جنسيات إفريقية وجنوب شرق آسيا، وذلك لقرب موقع الحادث من مخيمات حجات تلك الدول، وبحسب آخر حصيلة رسمية سعودية فإن التدافع أودى بحياة 717 شخصا وأوقع 863 جريحا، في أسوأ مأساة يتعرض لها الحجاج منذ 25 عاما.


مشروع توسعته لا يزال متواصلا
مشعر منى.. أكبر هاجس للسلطات السعودية
يبقى مشعر منى الذي يلي وقفة عرفة، أخطر مناسك الحج، فسبق وأن سجل عدة حوادث مأساوية كان آخرها سنة 2006 يومها سجل 364 قتيلا، لم تشفع عمليات التوسعة وبناء جسر في منى في تفادي وقوع حوادث مأساوية، فلا يزال مشعر منى ثاني مشاعر الحج بعد وقفة عرفة يعد أكبر هاجس للسلطات السعودية، التي عمدت خلال العشرية الأخيرة الى اجراء عدة أشغال لتوسعة هضبة منى لتسهيل العملية أمام توافد أكثر من مليوني حاج في يوم واحد، وقرابة ثلاثة ملايين قبل تقليص عدد الحجاج منذ سنتين بسبب اشغال توسعة الحرم المكي.
وسبق لهذا المكان أن عرف حادث مأساوي سنة 2006 أين لقي 364 حاج مصرعهم في تدافع مماثل، غير أن حادثة الخميس تعد الأسوأ منذ فترة طويلة بعد أن لقي في حصيلة أولية 717 حاج حتفهم، ويشار أن منى تعرف أشغال توسعة وتهيئة لتسهيل عملية رمي جمرة العقبة، فالأشغال الجارية تهدف لإرساء توزيع عادل لتدفق الحجاج على منشأة الجمرات من مختلف الجهات.
وكان مشروع منشأة الجمرات بجائزة "فرانس إيدل مان أوارد" بالولايات المتحدة الأميركية لأفضل البحوث التطبيقية والتشغيلية، وذلك ضمن ستة مشروعات حصلت على الجائزة لعام 2015م من بين مئات المشروعات التي تم ترشيحها من جميع دول العالم، ويوفر المشروع (11) مدخلاً للجمرات، و(12) مخرجاً في الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى تزويده بمهبط لطائرات مروحية لحالات الطوارئ، ونظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي يضخ نوعاً من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات، مما يؤدي إلى خفض درجة الحرارة إلى نحو (29) درجة مئوية وأنفاقاً أرضية، ورافق مشروع تطوير جسر الجمرات تنفيذ مشروعات جديدة في منطقة الجمرات شملت إعادة تنظيم المنطقة وتسهيل عملية الدخول إلى الجسر عبر توزيعها على ستة اتجاهات منها ثلاثة من الناحية الجنوبية وثلاثة من الناحية الشمالية. وتؤكد حادثة اليوم ضرورة التعجيل في اتمام المشروع لتفادي مثل هذه الحوادث.

إكرام. س/ الوكالات

من نفس القسم الوطن