الوطن

خبراء: الحكومة تكسر الهدنة مع الجبهة الاجتماعية

بعد قرار رفع تسعيرة الكهرباء وفرض مزيد من الضرائب على الجزائريين


•    رشيد بوجمعة: كان الأحرى بالحكومة ترشيد نفقاتها بدل خنق المواطن!
•    رابطة حقوق الإنسان: السياسة الاقتصادية الحالية تنذر بكارثة اجتماعية


لا تزال الحكومة تبحث عن حلول للأزمة التي يعرفها الاقتصاد الوطني عند المواطن البسيط، هذا الأخير الذي يبدو أنه سيدفع ثمن سوء تسيير المسؤولين وعدم امتلاكهم لرؤية مستقبلية في تسيير الاقتصاد، حيث بدأت الحكومة شيئا فشيئا تتخلى عن سياستها الداعمة للفئات الهشة، من خلال إبداء نيتها في رفع تسعيرة الكهرباء والماء ورفع الدعم على الوقود وفرض مزيد من الضرائب، كل هذا يضاف لمسلسل ارتفاع الأسعار المتواصل منذ سنوات ليتحول المواطن لكبش فداء لسياسات خاطئة من الأساس.
تلاشت تطمينات الوزير الأول عبد المالك سلال الذي قال في وقت سابق أن حكومته لا تعول أبدا على جيوب الجزائريين لمواجهة انعكاسات أزمة البترول، لتأتي في مكانها تحذيرات بنزيف حاد في موارد الخزينة العمومية ودعوة صريحة للجزائريين للاقتصاد في الكهرباء والماء مع نية الحكومة الرفع من تسعيرة الكهرباء وربما رفع الدعم مستقبلا على المواد واسعة الاستهلاك كالحليب والخبز، سلال الذي قال في وقت سابق أنه لا داعي للتخوف من الضرائب والإجراءات الجبائية، التي تضمنها مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2015، التي لن تؤثر، برأيه، على القدرة الشرائية للمواطن؛ وإنما ستحصن احتياطات الجزائر، حتى لا تضطر سنة 2019 إلى مد يدها إلى الغير، قال أمس الأول أن الوضع الصعب يحتاج لتغيير نظرتنا في العمل وإحداث ثورة في الذهنيات في تأييد غير معلن لتصريحات رئيس منتدي المؤسسات علي حداد الذي أكد مؤخرا أن زمن "السوسيال" انتهى، والجزائر اليوم تمر بظروف صعبة، وإذا اقتضى الأمر رفع تسعيرة الكهرباء والوقود، فهذا أمر يجب أن يتقبله الجزائريون، كل هذه التصريحات جعلت أغلب الجزائريين في حالة ترقب لما تحمله الحكومة من قرارات ستزيد من تعقيد قدرتهم الشرائية خاصة مع التسريبات التي نشرتها عدد من وسائل الإعلام لقانون المالية لسنة 2016 وما تضمنه من ضرائب جديدة ورفع في تسعيرة الإنترنت من الجيل الثالث وكذا الوقود وأسعار قسيمة السيارات، وهو الأمر الذي سيطبق فعلا خاصة وأن نواب الشعب لا سلطة لهم في الوقت الحالي لرفض مثل هكذا قوانين بما أن القرار بيد الأغلبية الداعمة للحكومة.

•    رشيد بوجمعة: كان الأحرى بالحكومة ترشيد نفقاتها بدل خنق المواطن!
وفي هذا الصدد يرى المحلل الاقتصادي رشيد بوجمعة أن مواصلة الحكومة السير في هذا الاتجاه خلال تعاملها مع الأزمة الاقتصادية الحالية سيؤدي إلى انهيار اجتماعي زيادة على الأزمة المالية والاقتصادية التي تشهدها الجزائر والتي تظهر تداعياتها حسب بوجمعة في الفوضى التي تعيشها المؤسسات، وتناقض خطاب المسؤولين. وقال بوجمعة إن إقرار الحكومة زيادات في أسعار الكهرباء والغاز وكذا الوقود وفرض مزيد من الضرائب على المواطنين لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات مسكنة لحل أزمة آنية، تهدف للحصول على موارد إضافية تعوض انهيار أسعار، مؤكدا أن هذه الخطوة ستكون لها العديد من الإسقاطات السلبية على الاقتصاد الوطني والأوضاع الاجتماعية والتي تحاول الحكومة تجنبها منذ سنوات من خلال سياسة شراء السلم الاجتماعي التي تبنتها منذ سنوات. وأضاف بوجمعة أن قرار رفع أسعار الوقود والكهرباء والزيادة في الأسعار التي تعرفها مختلف المواد الاستهلاكية يضر بالاقتصاد الوطني بقدر ما يخدمه حيث أنها تعد بمثابة ضغوطات على القدرة الشرائية المتدنية للمواطن الجزائري في الوقت الحالي، في شكل ضرائب غير مباشرة ستؤدي إلى رفع أسعار خدمات أخرى ما سيترتب عنه مشكل التضخم، معتبرا القرار الذي اتخذته الحكومة في ظل الأزمة المالية يخدمها فقط. وقال بوجمعة أنه من الضروري على الحكومة في الفترة الحالية توجيه تفكيرها إلى حلول أخرى بدل جعل المواطن كبش فداء، مقترحا تطبيق سياسة ترشيد النفقات تطبيقا صارما خاصة في قطاعات معينة على غرار قطاع الثقافة وتشجيع الإنتاج المحلي واعتماد رخص الاستيراد ومنع استيراد كل ما يمكن انتاجه محليا وإعادة النظر في سياسة الدعم بشرط أن يكون الدعم موجها للفئات الهشة بالإضافة إلى إعادة النظر في النظام الجبائي والضريبي باعتباره غير عادل.

•    رابطة حقوق الإنسان: السياسة الاقتصادية الحالية تنذر بكارثة اجتماعية
من جهته قال الأمني الوطني المكلف بالملفات المتخصصة بالرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هواري قدور أن الإجراءات التي تحاول الحكومة تمريرها من خلال قانون المالية لسنة 2016 وتوجهها نحو الرفع من تسعيرة الكهرباء والماء سيجعل الجبهة الاجتماعية على صفيح ساخن خاصة وأن الوضع لا ينذر بالخير مع ارتفاع جنوني في أسعار أغلب المواد الاستهلاكية والخضر والفواكه واللحوم وحتى الأجهزة الكهرومنزلية وأسعار السيارات وكل الخدمات. وقال قدور أن المشكل يكمن في أن الارتفاع الهائل في الأسعار الذي طال مختلف المواد الاستهلاكية خلال الأشهر الأخيرة، يعتبر على النقيض تماما لما تعرفه الأسواق الدولية، حيث تشير تقارير منظمة التغذية التابعة لهيئة الأمم المتحدّة، أن أسعار المواد الاستهلاكية انخفضت هذا العام بنسبة 19.2 بالمائة، ووصف قدور تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية التي تعرفها الجزائر بالسلبي كونها لم تضع حلولا لاجتناب الأزمة سوى إقرار زيادات على المواد الاستهلاكية، والتوجه هذه المرة نحو الرفع من تسعيرة الكهرباء والغاز وحتى الوقود والإنترنت من خلال ما أشارت اليه تسريبات قانون المالية لسنة 2016، وقال قدور أن استمرار الحكومة في الإجهاز على القدرة الشرائية لأغلبية الجزائريين سيشكل مبررا قويا للجبهة الاجتماعية للاحتجاج على أوضاعها بعد فترة كبيرة من الهدنة، مؤكدا أن انهيار القدرة الشرائية والسياسات الشعبوية والمكرسة للتهميش والتفقير والإقصاء المفروضة على رقاب الفئات المحرومة والكادحة من الشعب، كفيلة بإحداث انفجار وشيك، وأن الاستمرار بهذه السياسة ينذر بكارثة اجتماعية في الجزائر


س. زموش

من نفس القسم الوطن