الوطن

فتح الحدود مع المغرب وتمتين خط الجزائر باريس والتوجه نحو إيران

بعد غياب السلطة المضادة في القرار الوطني تغيير أولويات الخارجية:



بعد تنحية الفريق توفيق من موقعه وإحالته على التقاعد تثار قضية ذات تأثير على القرار الوطني مستقبلا، خاصة أن هذا الأخير كان يمثل السلطة المضادة داخل النظام في بعض القضايا الحساسة والكبيرة سواء في الملف الداخلي أو تلك الملفات المتعلقة بالعلاقات الخارجية، قول هذا وبتحفظ كبير عن إمكانية عودة الفريق من جديد بالنظر للعلاقة التي تربط الثنائي بوتفليقة والفريق توفيق والتي ربما تتجاوز كثيرا ما كتب وقيل رغم وجود اختلافات في بعض الرؤى والخيارات.
وقد عرف الرئيس بوتفليقة برغبته الكاملة في الانفراد بتسيير شؤون البلاد ليس على مستوى الأشخاص فقط وإنما على مستوى التوجهات والخيارات أيضا، ولعل الفراغ الأكبر سيكون في ملفات ذات ارتباطات بالعلاقات الخارجية والتي يأتي في مقدمتها العلاقة مع المغرب التي من المتوقع أن تشهد تطورات كبيرة قد تصل إلى التعجيل بفتح الحدود البرية وإعادة النظر في القضايا المختلف فيها بين البلدين، وخاصة أن هذا الملف اشتغلت عليه قوى دولية ذات تأثير كبير في القرار الوطني ويقصد بها باريس أولا التي عملت كل ما في وسعها لاستعادة الهدوء بين الجزائر والرباط ولكن ضمن أولوية مغربية على حساب الجزائر.
ورغم أن قيادة الأركان وعقيدة الجيش تحفظ للنظام المغربي وليس الشعب أنه البلد الوحيد الذي اعتدى وشن حربا على الجزائر المستقلة إلا أن هذا في ضمن مسار التغيرات التي حدثت في المؤسسة العسكرية والأمنية يجعل تأثيرها في القرار السياسي محدد وهامشه قليل مقارنة بالمرحلة السابقة. كما ستشهد العلاقة الجزائرية الفرنسية تطورا كبيرا بما يخدم المصالح الفرنسية على جميع المستويات وخاصة استقواء باريس واحتكارها للسوق الجزائرية وزيادة نشاط ونمو اللوبيات الفرنسية التي استطاعت في الفترة الأخيرة أن ترافق كل استثماراتها بضغط سياسي وقرارات حكومية وكان سوق السيارات خير مؤشر على هذا الاتجاه. ولعل الملف الذي سيعرف أيضا تحركا ولو بشكل بطيء وهو العلاقة الجزائرية الإيرانية التي لم يختلف فيها أصحاب القرار من قبل ولكن سيحاول بوتفليقة التمدد في العلاقة مستعملا توجه بعض الدول الخليجية في هذا المحور المهم في هذه المرحلة، وقد تكون زيارة ظريف في الفترة الأخيرة عربون تواصل ورغبة في أن تبقي الجزائر نوعا من التوازن خشية أن تكون ضحية حسابات خاطئة للدول الغربية أمام الموقف الداعم من إيران لنظام بشار الأسد وهي ورقة دبلوماسية يعرف بوتفليقة أنها مهمة وحيوية للاستمرار في الحكم وضامنة لمن يأتي بعده. واشنطن لا يقلقها أي تغيير في الجزائر فهي صاحبة النفوذ والقرار النهائي وتتابع ما يحدث بشكل مباشر ولا يستبعد أنه كانت صاحبة ملف إصلاحات الجيش بعد حادثة تيقنتورين لأن الأمريكان لا يتسامحون في دماء حلفائهم من الأوروبيين واليابانيين ولديهم التزامات في هذا الاتجاه، وقد سربت في وقتها تقارير إعلامية تحدثت عما سمعنا به في الآونة الأخيرة ولهذا فلا الفرنسيين يرغبون في وجود تعارض مصالح بينهم وبين واشنطن في بلد طاقوي ومطل على المجالات الحيوية الأمريكية وأصبح يمثل نقطة ارتكاز في محاربة الإرهاب، ولا الجزائر قادرة على تجاوز واشنطن في أي توجه يتعارض مع المصالح الأمريكية الحيوية والجيو استراتيجية.
سليمان شنين

من نفس القسم الوطن