الوطن

بوتفليقة ينهي مهام الفريق توفيق ويحيله على التقاعد

عبر برقية في وكالة أنباء الجزائرية وقبلها عبر وسائل إعلام غير رسمية



لم تتأخر وكالة الانباء الجزائرية أمس في تأكيد صحة ما تناقلته وسائل الإعلام عن تنحية الفريق توفيق من منصبه واستبداله باللواء عثمان طرطاق بل لم يتأخر القايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بتنصيب هذا الأخير كرئيس لدائرة الاستعلام كما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الوطني جاء فيه" قام الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي اليوم الأحد بتنصيب السيد عثمان طرطاق رئيسا لدائرة الاستعلام والأمن، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الوطني ".
كثيرا ما تداول المراقبون أن نهاية الفريق توفيق سوف لن تكلف الرئيس أكثر من برقية إلى وكالة الأنباء الرسمية ورغم صعوبة تصديق مثل هذا السيناريو إلا أن هذا الذي حدث أمس حيث جاء في البيان أنه وبموجب المادة 77 التي تنص على صلاحيات الرئيس الدستورية وفي الفقرة الأولى التي أشار لها بيان الرئاسة فهي تنص على أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوّات المسلّحة للجمهورية، في حين جاءت الفقرة الثامنة بعيدة كل البعد عن الحدث فهي تتكلم على أن  الرئيس يسلّم أوسمة الدّولة ونياشينها وشهاداتها التّـشريفية وأشار البيان أيضا إلى المادة 78 في فقرتها الثانية والتي جاء نصها يعيّن رئيس الجمهورية في الوظائف والمهام  منها الوظائف المدنية والعسكرية في الدّولة.
وقالت مصادر أن الفريق مدين كان قد استقبل أمس في حدود الساعة الحادية عشر من أمين عام الرئاسة أحمد أويحي والذي يكون قد أبلغه قرار الرئيس رغم أن العلاقة بين الرجلين قد كانت وصلت إلى أقصاها .
ورغم تطمينات بعض الوزراء والمسؤولين بما فيهم خرجة أويحي يوم السبت المنقضي إلا أن إنهاء المهام يكون تعبير حقيقي عن الانسداد الذي وصلت به العلاقة بين الرجلين وعدم قدرة استيعاب المشهد لكلاهما ويعود الخلاف إلى بداية العهدة الرابعة وقبله بعد مرض الرئيس وما أشيع عن أحاديث دارت في الصالونات السياسية عن إمكانية تطبيق المادة 88 من الدستور ولكن استمرار مرض الرئيس والاتفاق الذي حرصت أطراف داخلية وربما حتى دولية على رعايته اقنع الجميع بضرورة تجديد العهدة الانتخابية للرئيس بوتفليقة الذي ظل دوما يعرف حجم وقوة الرجل الذي عمر في جهاز استخبارات هو محل مراقبة ومتابعة من أكبر أجهزة الاستخبارات الدولية .
لقد ضلّ الفريق توفيق في منصبه أكثر من عقدين من الزمن وعايش خمسة رؤساء وأشرف أو ساهم على تعيين أربعة منهم على الأقل وشهدت الجزائر خلال مرحلة إشرافه على الجهاز أحداثا عصيبة سياسيا وأمنيا كانت له فيها نجاحات واخفاقات ولكن سيتحدث عنه التاريخ أنه من الرجالات الوطنين القلائل الذين لم تثر حولهم شبهات الفساد أو تورط فيها بقدر ما تحدث خصومه السياسيين عن خيارات سياسية خاطئة.
وبإنهاء مهامه تدخل الجزائر في مرحلة حساسة جدا وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي الخبر بين مؤيد ومستنكر إلا أن العامل المشترك بين هؤلاء هو التعبير عن القلق والحيرة مما ستكون عليه الجزائر في الفترة القادمة وخاصة في الجانب الأمني الذي تعرف فيه الجزائر تحديات كبرى .
ورغم أن استخلاف الفريق مدين باللواء عثمان طرطاق الذي هو أيضا عمل في الاستخبارات في مواقع متنوعة وشغل كل المناصب وكان له دور كبير في مكافحة الإرهاب إضافة إلى أنه استطاع أن يتولى منصب مستشار بدل للمدير السابق ومرورا بقيادة الأركان ووصولا إلى المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأمن فهو على دراية واسعة بطبيعة الجهاز والتحديات التي تواجهه.
يأتي قرار انهاء مهما الفريق توفيق وإحالته للتقاعد ليزيد من حدة الاحتقان القائم سياسيا بين القوى السياسية وخاصة المعارضة التي ربما ستعرف أن فريق ومجموعة الرئيس قد انهت حزمة القرارات الكبرى للاستمرار في قيادة البلاد مما سيدفع بعضها إلى التفكير في طرق أخرى للتدافع السياسي بعد أن أصبحت مقتنعة بأن التغير من داخل النظام أصبح في حالة الاستحالة.
لا أحد يمكن أن يحسم في السيناريوهات المستقبلية ولا في الطريقة التي يمكن أن تعرفها البلاد مستقبلا إلا أن الأكيد أن قرار إنهاء المهام سيكون بمثابة نقطة التحول في المجتمع والدولة وحتى على مستوى المؤسسي.
سليمان شنين

من نفس القسم الوطن