الوطن

أسواق الماشية خالية والمواطنون "صائمون" بسبب الغلاء

الموالون ضربوا تعليمات الداخلية عرض الحائط وبدؤوا عرض مواشيهم في الشوارع


•    رئيس الغرفة الفلاحية: الأسعار مقبولة وإجراءات صارمة لمنع المضاربة
•    مربو الماشية: السعر الحقيقي لأضحية العيد لا يتجاوز 3 ملايين سنتيم!


تتجه الأنظار هذه الأيام صوب أسواق الماشية ونحن على بعد أسبوعين من حلول عيد الأضحى المبارك، عيد سيحرم من فرحته العديد من الجزائريين بسبب أسعار الأضاحي المرتفعة على غرار الأعوام الماضية، ليبقى الاختلاف هذه السنة في الهزة التي عرفتها القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وعدم تحمله على دفع المزيد، وهو الذي لا يزال يدفع مصاريف الدخول المدرسي، فكيف له أن يفكر في شراء الأضحية وهو الأمر الذي جعل أسواق الماشية هذه الأيام خالية على عروشها على غير العادة فلا إقبال حتى للفرجة أو الاستفسار عن الأسعار. وفي جولة قادت "الرائد" إلى أسواق الماشية في العاصمة على غرار سوق "سانكوري" بالحراش وقفنا على حالة الغياب شبه الكلي للمواطنين، فلا وجود للحركية المعهودة خلال السنوات الماضية وهو ما كشف عنه الموالون الذين أكدوا أن الإقبال هذه السنة شبه منعدم، وهو ما أثار تخوفهم من عدم قدرتهم على بيع منتوجهم. من جهة أخرى وعن الأسعار أكد الموالون الذين قدموا من ولايات عديدة منها تسمسيلت الجلفة ومدية أن الأسعار هذه السنة في متناول متوسطي الدخل حيث تراوح سعر الخروف ما بين 4 ملايين و5 ملايين سنتيم، بينما يوجد خرفان ما بين 6 و8 ملايين سنتيم في حين يوجد أضاحي يترواح سعرها ما بين 2.5 و3.5 مليون سنتيم، وهو ما يمثل خيارات واسعة للمواطنين. ومن ناحية الوفرة أكد الموالون الذين تحدث لهم "الرائد" أن رؤوس الأغنام هذه السنة تعرف وفرة كبيرة، لكن يبقى المشكل في الطلب الشبه منعدم هذه الأيام بسبب تدني القدرة الشرائية للمواطنين الذين لم يخرجوا بعد من صدمة مصاريف الدخول المدرسي، فكيف لهم بالتفكير في شراء أضحية العيد رغم أن العيد لم يعد يفصلنا عليه سوى أسبوعين، وهي الفترة التي يبدأ فيها الجزائريون عادة في شراء الأضحية أو إعطاء عربون عليها للموال قبل اصطحابها للبيت.
•    الموالون يضربون تعليمات الداخلية عرض الحائط ويعرضون مواشيهم في أسواق غير قانونية
من جهة أخرى وخلال جولتنا لاحظنا بدء انتشار الأسواق الفوضوية ونقاط البيع العشوائية الخاصة بالأضاحي في العديد من الأحياء الشعبية وكذا على أطراف بعض الطرق السريعة رغم التعليمة التي أقرتها الحكومة خلال السنوات الماضية، والتي تنص على منع بيع الأضاحي والعلف قبل الأسبوع الأخير من يوم عيد الأضحى خارج الأماكن المحددة في ملحق القرار رقم 4070 المتضمن الأماكن المرخص لها بالبيع، إلا أن التعليمة ضربت عرض الحائط من طرف بعض الموالين والوسطاء والتجار غير الشرعيين الذين اكتسحوا أغلب أحياء العاصمة، وبدؤوا في عرض مواشيهم بطريقة فوضوية في حين برزت ظاهرة البيع في المستودعات وحتى المحلات التجارية وتغيير بعص التجار لنشاطهم بصفة مؤقتة واستبداله ببيع الأضاحي تحقيقيا للربح السريع، وهو ما سيخلق مشاكل عديدة تنجم عن عدم مراقبة الماشية التي تتواجد على مستوى هذه النقاط العشوائية من انتشار للأمراض بين الماشية مثلما حدث السنة الماضية فيما يخص الحمى القلاعية، وذلك بسبب عدم استطاعة المراقبين البياطرة من مراقبة مختلف نقط البيع العشوائية التي تنتشر بشكل كبير في تلك الفترة، كما تتسبب الأسواق الفوضوية لبيع الماشية في أغلب الأحيان في أزمة مرور حادة مما يجعل المواطنين يتذمرون منها بشكل كبير ناهيك عن الروائح الكريهة التي تنتشر في تلك الفترة.



•    رئيس الغرفة الفلاحية للعاصمة: الأسعار مقبولة وإجراءات صارمة لمنع المضاربة
من جهته كشف رئيس الغرفة الفلاحية لولاية الجزائر بالقاسم واعلي في تصريح لـ"الرائد" أن المردود الفلاحي من حيث عدد الأغنام هذه السنة جيد، مضيفا أن الإنتاج الوطني من الخرفان والكباش يكفي لتغطية الطلب على المستوى الوطني ما سيجعل الأسعار في المتناول، حيث أكد أن سعر الأضحية العادية سيكون في حدود 4 ملايين سنتيم وهي أسعار ليست مرتفعة، مضيفا أن عدم مقدرة المواطن من اقتناء الأضحية يعود لتراكم المصاريف والتي تمثلت في عيد الفطر والدخول الاجتماعي ومن ثمة عيد الأضحى. وأكد واعلي في السياق ذاته بأن وزارة الفلاحة اتخذت هذه السنة إجراءات صارمة من أجل الحد من المضاربة ومراقبة السماسرة الذين عادة ما يكونوا هم السبب في رفع الأسعار حيث قال "وزارة الفلاحة ستراقب هذه السنة السوق جيدا من أجل الحد من ظاهرة السمسرة والمضاربة والبيع الغير قانوني الذي يلعب الدور الأكبر في رفع الأسعار". من جهة أخرى اعتبر رئيس الغرفة الفلاحية لولاية الجزائر، مؤشرات السوق هذه السنة إيجابية وتبعث عن التفاؤل، مؤكدا في ذات السياق أن تجاوزات السنوات الأخيرة لن تكون هذا العام لأن الرقابة بحسبه ستكون صارمة على الأسواق والموالين كما ستتابع المضاربين والسماسرة الذين يعملون على إفساد السوق، كما أوضح أن وزارة الفلاحة قد قدمت اقتراحات فيما يخص توفير أماكن خاصة لبيع الأغنام.
•    "الأبوس": نقترح فتح أسواق مباشرة بين الموال والمستهلك لمراقبة الأسعار
من جهته حمل المكلف بالإعلام على مستوى جمعية حماية المستهلك سمير القوصري السماسرة والمضاربون في تصريحات لـ"الرائد" مسؤولية ارتفاع أسعار الأضاحي مقارنة بالقدرة الشرائية المتدنية للمستهلك، مؤكدا أن هؤلاء المضاربين هم من يتحكمون في الأسعار في ظل غياب الرقابة من طرف الوزارة الوصية، وفي هذا الصدد دعت جمعية حماية المستهلك إلى فتح أسواق ونقاط بيع مباشرة بيع الموال والمستهلك من أجل قطع الطريق على الوسطاء الذين يرفعون كل سنة من الأسعار. وقال القوصري أن جمعية حماية المستهلك دائما ما قدمت حلولا للجهات المعنية من أجل تنظيم السوق والتحكم في أسعارها التي باتت لا تطاق إلا أن الوضع دائما ما يبقى على حاله رغم تطمينا ت المسؤولين. ودعا المتحدث ذاته إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين والسماسرة كما طالب القوصري بتحديد أماكن خاصة للبيع ومراقبتها تجاريا وطبيا، إضافة إلى تشديد الرقابة على ناقلي المواشي من المدن الداخلية إلى المدن الكبرى ومصادرتها بالنسبة للأشخاص الذي لا يملكون فواتير شرائها قانونيا.
•    مربو الماشية: السعر الحقيقي لأضحية العيد لايتجاوز 3 ملايين سنتيم!
أوضح المكلف بالإعلام للفدارلية الوطنية لمربي الماشية، سالمي بوزيد، أن هناك وفرة معتبرة في المنتوج الحيواني هذا العام، أي أن العرض أكبر من الطلب وهو ما يغني البلاد من اللجوء إلى استيراد رؤوس الأغنام من الخارج، حيث أشار إلى أن عدد العائلات الجزائريات التي تشتري الأضحية يبلغ حوالي 4 ملايين في حين أن الطلب يتجاوز 5 ملايين رأس ماشية. وأوعز سالمي، في تصريح لـ "الرائد" ارتفاع الأسعار بالولايات الكبرى مقارنة بالولايات السهبية الرعوية، إلى مضاربة الوسطاء وكذا لجوء الكثير من المواطنين إلى شراء الأضحية عن طريق التقسيط "الفاسيليتي" من عند التجار الوسطاء، بسبب الضيق المالي للعائلات خاصة أن هذا العيد صادف الدخول المدرسي الذي كلفها ميزانية معتبرة، إلى جانب ذلك ـ يضيف ـ غياب أماكن لوضع الكباش في حال شرائها من ولايات بعيدة، لأن خصوصية الولايات الكبرى "عمارات"، تفرض على العائلات جلب الأضحية ليلة العيد فقط، وهو ما يتسبب بالضرورة في رفع أسعار الأضاحي، حيث طالب في هذا الشأن، الجهات المعنية بتخصيص نقاط بيع للموالين من أجل عرض رؤوس الأغنام وتمكين المواطن من شراء الأضحية بثمن معقول. كما أوضح المتحدث نفسه، أن السماسرة والوسطاء دخلوا بشاحناتهم أمس الأسواق الأسبوعية في الولايات السهبية والرعوية من أجل إقتناء أكبر عدد ممكن بأثمان مقبولة للتوجه بها نحو المدن الكبرى كالعاصمة وقسنطينة ووهران، وغيرها من الولايات الساحلية الكبرى، حيث أكد أن الأضحية التي اقتنوها بثمن 30 ألف دينار من هاته الأسواق، يبيعونها بـ 50 ألف دينار جزائري في الولايات الكبرى، وهو نوع من المضاربة الذي تعرفه البلاد كل سنة. وفيما يخص الأسعار، أكد سالمي أنها في متناول الأسرة متوسطة الدخل، حيث وصفها بأنها "مستقرة"، مفندا فرضية ارتفاعها بشكل رهيب نتيجة سقوط الأمطار في هذه الفترة التي تسبق عيد الأضحى بأسبوعين، حيث تتراوح بين 30 ألف دينار و50 ألاف دينار جزائري، موضحا بأنها "متقاربة"، في ولايات الرعوية والسهبية، ولا تختلف عن أسعار العام الماضي في الولايات السالف ذكرها.  وفي ذات السياق، اعتبر الموال ذاته، أسعار الأغنام الجزائرية الأرخص في منطقة المغرب العربي، مقارنة بنظيرتها في تونس وليبيا والمغرب، وهذا ما دفع بالمهربين إلى التوجه نحو الحدود الشرقية والغربية من أجل إدخالها للدول المجاورة وبيعها بأثمان مرتفعة، وهو ما خلق نوعا من النقص في المناطق الحدودية الجزائرية، على حد تعبيره.

س. زموش/ أميرة. أ

من نفس القسم الوطن