الوطن

الجزائر تضم صمتها للصمت العربي الرسمي أمام أزمة اللاجئين السوريين

أمام حراك أوروبي وعالمي للتكفل بهم


•    الخليج العربي سبب تفاقم أزمة السوريين حسب معهد دراسات أسترالي

في وقت يتواصل تدفق اللاجئين السوريين على دول الاتحاد الأوروبي التي فتحت حدودها لاستقبال الآلاف من العائلات السورية الفارة من جحيم الحرب الأهلية في سوريا ومن تهديدات تنظيم داعش الإرهابي، لم يصدر أي بلد عربي قرارا رسميا لاستقبال اللاجئين، خاصة دول الخليج التي بقيت تتفرج وترفض استقبالهم بحجة عدم توقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، والتزمت كل البلدان تقريبا الصمت الرسمي. في الجزائر التزمت الحكومة الصمت ولم تعلن عن أي قرار رسمي لصالح الشعب السوري برغم استقبالها للآلاف منهم على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، وفي وقت تسهل أوروبا وحتى الأرجنتين وفينيزويلا على اللاجئين تضيق دول عربية مثل المغرب على هؤلاء حيث أعلنت مؤخرا عن فرض التأشيرة على السوريين والليبيين مما زاد من معاناتهم، وقد ربط بعض المراقبين صمت السلطات الرسمية في الجزائر بالأنباء التي روجت لها مصادر إعلامية مؤخرا بكون الجزائر ستكون الدولة التي سترحب ببشار الأسد فوق أراضيها في حال ما تقرر وضع حدّ للأزمة السورية سلميا، وربما يكون هذا الملف قد نوقش على مستويات عليا على المحور الأمريكي/ الروسي والإيراني.
 تتحرك القيادات الأوروبية على أكثر من جبهة كي تحل أزمة اللاجئين السوريين التي أخذت في التفاقم، فألمانيا كانت السباقة في فتح أبوابها لهؤلاء وذهبت إلى حد إلغاء بصمة دبلن من اتفاقية شينغن، وهي البصمة التي كانت حائلا دون قبول طلبات اللجوء في دول الاتحاد إلا بشروط عصية على الكثيرين، والآن تستقبل ألمانيا والنمسا أعدادا بالآلاف من العائلات السورية التي فرت من جحيم داعش والحرب الدائرة بين نظام بشار الأسد والمعارضة المسلحة، وبريطانيا أعلنت هي الأخرى استعدادها لاستقبال الآلاف منهم، ودعت الأمم المتحدة إلى تقاسم دول أوروبا لأعداد اللاجئين بالتساوي، وهي الدعوة التي سبقت لألمانيا وفرنسا أن ناقشتها مع دول الاتحاد، كل هذا يضاف إليه إعلان دول وحكومات مثل أستراليا والأرجنتين وفينيزويلا، لكن بالمقابل، لم تتحرك ولا دولة عربية للتفاعل مع هذا الحراك العالمي الغربي مع أزمة اللاجئين السوريين، بل أن بعض الدول العربية بل أغلبها اتخذت إجراءات في غير صالح السوريين واعتبرتهم خطرا على أمنها، منها المغرب التي أعلنت منذ قرابة شهر عن اتخاذها لقرار يفرض التأشيرة على الليبيين والسوريين سواء جاؤوا إليها كمجموعات من اللاجئين أو بشكل منفرد، وهو ما جعل منظمات حقوقية تنتقد القرار بشدة واصفة إياه بالمجحف وغير المشرف، أما السبب الذي زاد من معاناة السوريين، فهي دول الخليج العربي التي لا تواجه أية أزمة لا أمنية ولا مالية ولا اقتصادية، لكنها لم تفتح أبوابها في وجه اللاجئين، والتزمت كل حكومات الخليج ومعها مصر، والأردن والجزائر وتونس والمغرب الصمت الرسمي، مما ولد مشهدا سلبيا في الموقف العربي، وحتى الجامعة العربية لم تكلف نفسها عناء الدعوة لاجتماع طارئ للتفاعل مع الحراك العالمي والأوروبي إزاء الأزمة، وبرغم أن الجزائر ولبنان والأردن والعراق وتونس والمغرب كانت قد فتحت أبوابها للاجئين السوريين منذ بداية الحرب على الأسد قبل ثلاث سنوات، إلا أن التعامل مع الموقف في الوقت الحالي وصف من طرف مراقبين حقوقيين بالسلبي، فالمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، كشف في آخر تقاريره أن بلدان المغرب العربي كانت السباقة لاستقبال اللاجئين والجزائر ضمنها، لكن ما يعاب على حكومات هذه البلدان مجتمعة ومعها الجزائر هو صمتها الرسمي، مما يجعلها في موقف حرج أمام شعوبها. وكشف المرصد في تقرير صدر في شهر جويلية الماضي أن دول المغرب العربي الخمس (المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا) تفرض “إجراءات تعجيزية” لعرقلة دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها حتى الذين يتمتعون بكفاءات عالية منهم. وتستقبل الجزائر بعض آلاف لاجئ سوري منهم من استقبل في مركز للاجئين بالعاصمة ومنهم من اكترى شققا في مدن جزائرية، لكن السوريون ومعهم الأفارقة عاد بعضهم إلى الشارع الجزائري مجددا دون تحرك من جانب السلطات الرسمية، التي بقيت صامتة ولم تتفاعل مع الحراك الأوروبي، وضمت صمتها للصمت العربي والخليجي بصفة خاصة. وعن الخليج، قال معهد بحثي دولي في استراليا في تقرير له أمس، أن دول الخليج العربي هي المسؤولة عن تفاقم أزمة اللاجئين السوريين، وقال معهد «لوي للسياسية الدولية»، البحثي المستقل بسيدني، أن استمرار دول الخليج العربي في إغلاق أبوابها أمام اللاجئين السوريين، وعدم توقيع تلك الدول على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين يفاقم أزمة الشعب السوري، مؤكدا أن دول الخليج لم تستضف لاجئا سوريا واحدا. وجاء في ذات التقرير عن الباحث "رودجر شاناهان": لماذا يتم تقاسم أعباء اللاجئين السوريين من قبل عدد قليل من البلدان فقط ليس من بينهم دول الخليج؟، ولماذا لا تزال دول الخليج الغنية قادرة على إرضاء ضميرها عن طريق التبرع بالمال لوكالات الأمم المتحدة، بجانب التبرع بالأسلحة لمعارضين سوريين، بينما هي في الوقت نفسه ترفض التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، كما ترفض إعادة توطين لاجئ سوري واحد؟ ودول الخليج لا تزال تفتح أبوابها للعمالة الأجنبية والمقدرة بالملايين، وبالرغم من أن الظروف التي أدت بالسوريين للخروج من بلدهم نحو البلدان العربية والأوروبية والغربية كانت بسبب الحرب الأهلية بين النظام والمعارضة، إلا أن الظروف الحالية مختلفة من حيث أن التهديد الإرهابي ضد السكان تفاقم حاليا في بعض المناطق الريفية التي احتلتها الجماعات الإرهابية التي تقاتل النظام السوري وتحتل مساحات كبيرة شرق سوريا، مما يضع العرب أمام موقف تاريخي محرج.
إلياس تركي

من نفس القسم الوطن