الوطن

الحكومة تستنجد بالشعب

الجهاز التنفيذي حذر الولاة من مغبة عرقلة مشاريع المستثمرين

 

  • سلال: ميزانية 2016 ستكون" تقشفية " ولكن !


رفعت الحكومة من سقف تطلعاتها تجاه إمكانية التعاطي الإيجابي من قبل الشعب مع أجندة عملها التي جاءت بالتزامن مع إقرارها لسياسة تقشفية على مجمل المشاريع المدرجة في الخماسي الحالي، ولم يجد الوزير الأول المكلف بإدارة الجهاز التنفيذي عبد المالك سلال وهو يخاطب الشعب و" يستنجد " به ليكون صمام أمان في وجه" المتشائمين " أو " الزارعين للخطب الإنهزامية والإستسلامية "، حيث كشفت الحكومة عن المحاور الكبيرة التي ستتضمنها المشاريع التنموية مستقبلا إن استمر الوضع الاقتصادي على حاله، وأهم ذلك هو إقرار" ميزاينة تقشيفية في السنة القادمة " سيرا على نفس المنهج الذي تم فيه الاعتماد على وضع الميزانية التكميلية لسنة 2015، إلى ذلك كان خطاب التحذير والوعيد الميزة التي شكلت حديث سلال مع ولاة الجمهورية وهو يقدم لهم وصفة التعاطي مستقبلا مع" المسثمرين " حيث أشار إلى أن الولاة مطالبون بإزالة كل العراقيل البيروقراطية عنهم، ورغم أن هذا الملف له وعليه في ظل تعامل الحكومة وعلى مدار عقود مع المستثمرين بطريقة أقل ما يقال عنها أنها " إبتزازية " إلا أن الحكومة تكون قد فصلت بشكل نهائي في من يحوز على حق إدارة الملف مستقبلا والذي سيعود لولاة الجمهورية.

  • هاجم سيد أحمد غزالي ومقداد سيفي وأكد على أن الشعب حليف السلطة

الوزير الأول وفي خرجة أمس عقب ترأسه لإجتماع الحكومة مع ولاة الجمهورية، بإقامة الدولة جنان الميثاق بالعاصمة، لم يفوت الفرصة للردّ على منتقدي سياسة الحكومة التي هي تطبيق لسياسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث اتهم هؤلاء دون أن يذكرهم بالاسم بمحاولة زرع خطاب إنهزامي" تخويفي " في نفسية الشعب والدفع به الهاوية، وأكد في هذا الصدد بأن  الحكومة الجزائرية صريحة مع المواطنين الذين لم تخف عنهم حقيقة الوضع، وطالب الوزير الأول الطبقة السياسية بالكف عما أسماه سياسة تيئيس الجزائريين والوقوف يداً واحدة من أجل تجاوز الوضع الراهن والنهوض بالاقتصاد الوطني، وبدا واضحا أن هذا الخطاب موجه بالدرجة الأولى لرؤساء الحكومة السابقين مقداد سيفي وسيد أحمد غزالي الذين شكل الملف الاقتصادي أهم محاور الخطاب والتصريحات التي تصدر عنهم في الآونة الأخيرة، وهو ما دفع بسلال إلى تذكير الجزائريين بالسياسة التي كان هؤلاء يدافعون عنها يوم كانوا في الحكم حين قال:" فالجزائريون يجب أن يدركوا مثلا أن نفس الأشخاص الذين كانوا قبل عشر سنوات٬ يصرخون بأنه كان يجب عدم التسديد الـمبكر للمديونية٬ هم نفسهم الذين أصبحوا اليوم ينذرون بالكارثة ويزرعون خطبا انهزامية واستسلامية"، وتابع سلال يقول:  "إنني من أولئك الذين يؤمنون ببلادهم٬ وبقدراتها الضخمة وبعبقرية أبنائها. فرغم الظرف الإقتصادي السلبي٬ فإنه بإمكاننا أن نبني اقتصادا ناشئا ومتنوعا"، كما أشار إلى أن ذلك لن يتأتى إلاّ بعد نجاح الحكومة في كسب ثقة الشعب الذي يعد حليفها الأول والرئيسي قائلا " فإن حليفنا الأساسي في هذه الـمعركة القادمة٬ سيتمثل في سكاننا إذا قلنا لهم الحقيقة٬ وشرحنا لهم مسعانا٬ وإذا اكتسبنا ثقتهم.."

تدابير تعديلية لترشيد الإنفاق العمومي
وبالعودة إلى أهم القرارات التي تم التركيز عليها في اجتماع أمس الذي شهد عقد جلسة مغلقة بين الحكومة وولاة الجمهورية مباشرة بعد الجلسة الإفتتاحية التي جرت صباحا، تربع ملف الأزمة الاقتصادية وكيفية تجاوزها والتعامل معها وفق معطيات الراهن أهم ما ركز عليه الوزير الأول في كلمته أمام الولاة، حيث خاطب هؤلاء قائلا: رغم الظرف الاقتصادي السلبي فإنه بإمكاننا أن نبني اقتصادا ناشئا ومتنوعا، بالإعتماد على طاقات الشعب الجزائري، وأكد المتحدث أمام هؤلاء على أنّ تحقيق النمو سيكون دون المساس بالمكتسبات الاجتماعية وأيضا من دون اللجوء المفرط للاحتياطيات المالية للبلاد، وأعلن في هذا الخصوص عن تدابير تعديلية تكون الحكومة قد أقبلت عليها من أجل ترشيد الإنفاق العمومي وتحكم أفضل في التجارة الخارجية وتدفق رؤوس الأموال، من منطلق أن "  رئيس الدولة قد كان واضحا في تعليماته إلى الحكومة قصد الحفاظ على القدرة الشرائية للجزائريين ومواصلة الجهد في مجال النشاط الاجتماعي والبرامج في ميادين التشغيل والسكن والصحة والتربية" على حدّ تعبير سلال.
وفي السياق، أكد الوزير الأول على مسعى "الشفافية" الذي تنتهجه الحكومة في إعلام المواطن ووسائل الإعلام والطبقة السياسية والمجتمع المدني حول آثار الأزمات التي يشهدها العالم على بلادنا، وأوضح يقول "من حق المواطن الجزائري ووسائل الإعلام والطبقة السياسية والمجتمع المدني أن يتساءلوا حول آثار هذه الأزمات على بلادنا وتنميتها المستقبلية" بعدما أبرز أن الظروف الوطنية والدولية التي تميز بها العالم خلال هذه الأشهر الأخيرة ويتعلق الأمر بتوترات اقتصادية وسياسية وأمنية.
وأضاف سلال أنه "أمام هذه التساؤلات المشروعة فإن الحكومة قد اختارت دوما الحقيقة والشفافية لأننا مقتنعون - كما قال - بأن ذلك هو السبيل الوحيد لاكتساب ثقة الجميع واستمالتهم إلى مسعى التجديد الوطني وكذا من أجل فضح الخلط والمساومات ومحاولات التلاعب"، وقال الوزير الأول إن لقاء الحكومة بولاة الجمهورية يعد "أحسن دليل على مسعى هذه الشفافية والبيداغوجية"، مشيرا إلى أنه سيكون متبوعا بلقاء مع الأكاديميين والجامعيين الذي سينظمه المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وكذا لقاء ثالث مع أرباب العمل والشركاء الاجتماعيين في إطار الثلاثية.

عرقلة الإستثمار خط أحمر !
حذّر الوزير الأول الولاة والسلطات المحلية من عرقلة الاستثمارات، داعيا إلى إرساء نمط تسيير جديد يقوم على جذب ومرافقة المستثمرين المحليين قصد إنجاح المساعي الوطنية في تنويع اقتصاد البلاد، وقال في هذا الصدد"  علاقة الإدارة المحلية مع المقاول يجب ألا تصبح مقصورة على تسيلم الرخص والاعتمادات بل يجب أن ترتكز على وضع الترتيبات الضرورية لمرافقة متواصلة قبليا وبعديا ".

المطالبة بتوفير ظروف إنجاح الدخول الاجتماعي
وأما فيما يخص ملف الدخول الاجتماعي القادم، فقد أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أن الدخول الاجتماعي يعتبر "موعدا هاما "يتطلب توفير كل الجهود اللازمة لضمان نجاحه، مشيرا إلى أنّ ضمان دخول اجتماعي ناجح، يستوجب من السلطات المحلية بضرورة الاتصال مع القطاعات المكلفة بالخدمات العمومية من أجل التأكد من حشد الوسائل البشرية والمادية المناسبة، ويتعلق الأمر لا سيما بضمان استمرارية خدمات التموين بالمياه والطاقة والبريد والصحة وكذا مجريات التسجيلات المدرسية والجامعية دون إغفال التموين المنتظم للسوق الوطنية والتفاعل الأمثل لمصالح الأمن والحماية المدنية.
وفي السياق نفسه، دعا الولاة والمنتخبين المحليين بالمساهمة "مساهمة كاملة" في "عمليات توزيع المساكن العمومية والتنازل عنها والقضاء على السكن الهش"، كما أبرز أهمية إقامة "نظام للتسيير الحضري" يكرس مبدأ وحدة المدينة بغرض ضمان تسيير متناسق وتنمية منسجمة مع تمكين المواطنين من الاستفادة من إدارات جوارية والخدمات الأساسية التي يحتاجونها، من جهة أخرى أكد المتحدث على ضرورة "تخليص مددننا وبلداتنا من الآفات التي تسبب لها التدهور مثل اللاأمن وانعدام السلامة واحتلال الفضاءات بصفة فوضوية".

ميزانية 2016 ستكون" تقشفية " ولكن !
أما بخصوص ما ستحتويه ميزانية 2016، فقد أكد الوزير الأول على كونها ستكون تقشفية وفق نفس الإجراءات التي جاء بها قانون المالية التكميلي لسنة 2015، ولكن الحكومة وعلى لسان سلال أكدت وفاءها بالتزاماتها تجاه الشعب خاصة فيما يتعلق بمشاريع السكن والتوظيف، حيث أكد سلال أن الحكومة ستقدم سنة 2016 ميزانية تتوخى نمو بنسبة 4,6 بالمائة، مشيرا أن النفقات الإجمالية ستسجل انخفاضا بنسبة 9 بالمائة وذلك دون عرقلة إنجاز برنامج السكن أو عمليات التوظيف.
وختم كلامه في هذا الصدد يقول: "يجب أن نحسب أموالنا جيدا ولكن دون أن نسبب عطلا للمحرك الاقتصادي الذي يدعم التشغيل والقدرة الشرائية".
خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن