الوطن

تمدد داعش يهدد الجزائر وتونس وينذر بفشل الحوار الليبي

أخذ يتمدّد في عدة مدن ليبية ويهدد بالتوسع في كامل ترابها

  • المحلل الأمني الدكتور أحمد ميزاب: للجزائر القوة والإمكانيات لمنع داعش من التوسع في شمال إفريقيا


تحدثت تقارير إخبارية استنادا لآراء خبراء عسكريين وأمنيين، عن نوايا التنظيم الإرهابي داعش للتوسع في شمال إفريقيا عبر التمدد في ليبيا، ويظهر من خلال الأخبار الواردة من ليبيا أن هذا التنظيم الذي يطلق على نفسه (الدولة الإسلامية) بات يشكل تهديدا حقيقيا ليس فقط لليبيا ولكن يتمتد خطره لكل دول الجوار الليبي أبرزها تونس والجزائر، وتأخذ الجزائر التهديد الإرهابي محمل الجد، خاصة وأن داعش أخذ يتوسع، حيث قالت مصادر ليبية أنه سيطر على مناطق أخرى منها صبراتة، غات، سرت والكفرة، وتواجده في درنة، وهو يسعى لاحتلال طرابلس لإعلانها ولاية تابعة له، مما يزيد من خطورة الموقف على الجزائر، التي يرى خبراء جزائريون أنها تدرك حقيقة الخطر وقادرة على دحره برغم ضعف الجارة التونسية المهددة في أمنها أيضا.
وضع التنظيم الإرهابي (داعش) الجزائر ضمن مناطق النفوذ التي يرغب في ضمها لخارطته التوسعية في شمال إفريقيا، وما يثير مخاوف الجزائر على أمنها هو تمدد هذا التنظيم في ليبيا في وقت لا تزال الدولة هشة في ظل استمرار الخلاف بين الفرقاء السياسيين والعسكريين، وتواجد ميليشيات مسلحة تتقاتل فيما بينها، منها أنصار الشريعة، فجر ليبيا، وجماعات من الثوار يتخندقون في أكثر من جبهة، يضاف إليهم اللواء خليفة حفتر الذي يقود ما يعرف بعملية الكرامة في شرق ليبيا لتحريرها ممن الجماعات المتطرفة، وحفتر يتقاتل مع فجر ليبيا كسلطتين عسكريتين تمثلان سلطتين سياسيتين في ليبيا وهما حكومة طبرق بالشرق وحكومة طرابلس، لكن التهديد الأخطر هو التهديد الإرهابي الذي يمثله داعش في ليبيا، فهذا الأخير أعلنها صراحة أنه يسعى لإعلان ليبيا إمارة إسلامية تأتمر بأوامر البغدادي الذي نصب نفسه خليفة على (المسلمين). ومن معطيات الميدانية، يتبين أن التهديد صريح وقد يزداد، فمنذ يوم واحد فقط نفذ هذا التنظيم عمليات إعدام عن طريق الصلب في حق مواطنين ليبيين في سيرت، في وقت أطلق فيه دعوة للمتطرفين في مصر وتونس والخليج للاتحاق به في ليبيا من أجل تحقيق مشروع الدولة الإسلامية التوسعي، وحسب مصادر إعلامية ليبية فإن داعش يتأهب للإعلان عن ولاية جديدة له في ليبيا، وهذا بعد تحقيقه مكاسب توسعية شملت حسب تقارير كل من غات وسرت وصبراتة والكفرة، وهي مناطق معظمها في الشمال، إلى جانب تواجد فصيل له في درنة، لكن هدفه السيطرة على الدولة في ليبيا عن طريق التوغل في طرابلس، ويتقاتل حاليا مع كل من ميليشيات فجر ليبيا، وأنصار الشريعة الموالية لتنظيم القاعدة، وبعض الجماعات الموالية له، لكن على ما يبدو وفقا لتحليلات خبراء عسكريين، فإن التنظيم قد يتمكن من اختراق الحدود مع تونس لتنفيذ عمليات إرهابية فيها، وسبق وأن أعلن عن تبنيه لعمليات استهدفت قطاع السياحة في تونس، وتواجد داعش في صبراتة حسب مراقبين، قد يرفع من حجم التهديد باختراق الحدود التونسية الليبية، وهذا يتهدد في المقال الأول استقرار ليبيا وأيضا استقرار تونس، التي لا تعد خبرتها في مواجهة الإرهاب كبيرة مقارنة بالجزائر التي تملك قدرات كبيرة وخبرة واسعة في هذا المجال. أما التهديد من جانب داعش ضد الجزائر فهو ليس بالجديد، حيث سبق لفصيل إرهابي انشق عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأطلق على نفسه جند الخلافة في الجزائر، وأعلن مبايعته للبغدادي وحاول، من خلال عملية خطف سائح فرنسي في منطقة القبائل، التمكين لهذا التنظيم من وضع موطئ قدم في الجزائر، لكن الجيش الجزائري تمكن من تفكيكه والقضاء على معظم عناصره، ثم ظهر فصيل آخر بسكيكدة لكنه لم يتمكن من الانتشار بسبب التضييق العسكري عليه، أما من جانب الشرق الجزائري إلى الحدود مع ليبيا من جهة الوادي وإليزي، فإن الجيش أحكم قبضته الأمنية على كل المنافذ التي يمكن لعناصر داعش التسلل عبرها، لكن الخطر برغم التقليل من حجمه من بعض المراقبين، لا يزال ضمن نطاق حدود الجزائر الشرقية خاصة، والأمر يتعلق بمنطقة الشعانبي التونسية القريبة من الحدود الجزائرية وأيضا من جهة ليبيا، وهي المنطقة الأكثر انتشارا للجماعات الإرهابية، لكن ما يعيق داعش من التمدد نحو الجزائر، هو صراعه على التموقع مع عناصر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، فكتيبة عقبة بن نافع التي يقودها الجزائري لقمان أبو صخر، لا تزال تنشط تحت إمرة عبد المالك دروكدال، والمعروف أن المغرب الإسلامي يختلف مع تنظيم الدولة الإسلامية، وهذا الخلاف يمنح لتونس والجزائر والمجتمع الدولي الوقت كي توحد جهود مكافحتها للإرهاب في المنطقة، برغم أن الجزائر تحبذ أن يتم توحيد الفرقاء السياسيين في ليبيا وتشكيل حكومة وحدة وطنية في أول الأمر، ثم بعدها توجه الأمم المتحدة والجامعة العربية قوتها بالتنسيق مع الحكومة الليبية للقضاء على الجماعات الإرهابية في ليبيا، ويشار أن الجزائر قد تم وضعها ضمن خارطة داعش التوسعية، وكان كتاب "إمبراطورية الخوف: داخل الدولة الإسلامية" لمؤلفه أندرو هوسكنس مراسل شبكة بي بي سي، أشار إلى خارطة لمخططات داعش التوسعية منها التمدد عبر الشرق والغرب والشمال، والجزائر ضمن هذه الخطة.
لكن إلى أي مدى يشكل داعش تهديدا للجزائر، ومعها تونس لقربهما من ليبيا؟ وهل لدى التنظيم القدرة على التوسع فعلا؟ وهل لدى الجزائر القدرة على مواجهة هذا التحدي الأمني؟

  • المحلل الأمني الدكتور أحمد ميزاب: للجزائر القوة والإمكانيات لمنع داعش من التوسع في شمال إفريقيا

 
قال الدكتور أحمد ميزاب الخبير في الشأن العسكري والأمني ورئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، إن الجزائر تمتلك القدرة على محاربة تنظيم داعش الذي يتهدد المنطقة المغاربية بدءا من ليبيا، ثم تونس، وأوضح ميزاب في تصريح لـ"الرائد "، بأن الجزائر لها من الإمكانيات ما يمكنها من منع داعش التوسع واختراق الحدود الجزائرية، ونفس التهديد تواجهه تونس لكنها ليست بالقوة ولا الخبرة التي لدى الجزائر، وحسب المتحدث، فإن الجزائر أدركت مبكرا حجم مخاطر التنظيمات الإرهابية منها هذا التنظيم، وتعمل حاليا حسبه من خلال الفعل من موقع القوة باستباق الفعل قبل وقوع الفعل، كما أن الجزائر لا تتعامل في حربها على الإرهاب بسياسة تقليم الأظافر وإنما من خلال القضاء الجذري على الظاهرة، فطرق المعالجة ليست ظرفية وإنما بناء على تصور، عن طريق التجديد الدوري للخارطة الأمنية وملاحقة بقايا الخلايا الإرهابية، والتي قد تشكل نواة لذئاب فرادى تعلن ولاءها لهذا التنظيم، ولنا تجربة في ذلك من خلال جند الخلافة وشهدنا كيف تعاملت السلطات الأمنية معها. ويقول ميزاب في سياق متصل، أن هناك استراتيجيتين أساسيتين هما وقف النمو والإجهاض، فضلا عن تأمين الحدود وملاحقة كل أشكال الجريمة باعتبار أن هناك تحالفا عضويا بين الإرهاب والجريمة المنظمة. وما ساعد الجزائر على المضي قدما نحو محاربة الإرهاب دون هوادة، هو الإدراك الشعبي واحتضانه للمقاربة الرسمية ودعمه للمؤسسة الأمنية في حربها ضد الإرهاب، وسانده أيضا إصرار كل الفاعلين على ضرورة مواجهة التحديات واعتبار الجبهة الداخلية خطا أحمر. وأشار ميزاب أن تهديد هذه التنظيمات وخاصة تنظيم داعش بات واضحا، وقد أضحى مسيطرا على المشهد الليبي وهو يستفيد من حالة الفوضى وحالة اللادولة وانتشار السلاح وتوفر المقاتلين ليشكل بذلك تهديدا مباشرا لدول الجوار الليبي، خاصة وأن في منهج هذا التنظيم مفهوم الدولة العالمية، وعليه ستواجه الجزائر وتونس تحديات أمنية كبيرة لكن تتفاوت خطورتها بحسب الإمكانات والقدرات التي تمتلكها كل دولة. ويرى المتحدث أن تونس ستكون الحلقة الأضعف في عملية محاربة داعش لقلة خبرتها في هذا المجال، بالإضافة إلى بروز الظاهرة الإرهابية وتوجيهها لضربات أضرت بشكل واضح للاقتصاد التونسي، وكذا تواجد أعداد كبيرة من الليبيين بالداخل التونسي والتي قد تشكل قنبلة موقوتة.


إلياس تركي

من نفس القسم الوطن