الوطن

أسعار المواد الغذائية تحافظ على ارتفاعها في السوق الوطنية

إحصائيات الفاو لهذا الشهر أكدت انخفاضها بنسبة 19.4 بالمائة



بولنوار: نقص الإنتاج الوطني دفع بارتفاع الأسعار محليا بغض النظر عما تعرفه السوق الدولية!
رشيد بوجمعة: غياب الرقابة على المستوردين ساهم في الوضع الحالي!

أشار آخر تقرير أعدته منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة أن أسعار المواد الغذائية عرفت انخفاضا محسوسا بداية شهر أوت يعد الأول من نوعه منذ ستة سنوات، لكن على النقيض تماما عرفت أسعار المواد الغذائية في الجزائر ارتفاعا وصل الـ 20 بالمائة، وهو ما يمثل مفارقة عجيبة بين ما تعرفه الأسواق الدولية وما تعرفه السوق الوطنية، ويبين مدى الاحتكار التي تمارسه حزمة من كبار المستوردين الذين أصبحوا لا يحتكمون لمنطق اقتصاد السوق في ظل غياب الإطار القانوني والمراقبة الرادعة من طرف وزارة التجارة وهو الأمر الذي جعل هؤلاء المستوردين يتحكمون في الأسعار بعيدا عما هو معمول به دوليا ويجنون الملايير من جيوب المواطن إثر تقلبات الأسعار في البورصة.

•    الزيت ومنتجات الألبان تنخفض بنسبة 19.4 في السوق الدولية
عرفت أسعار المواد الاستهلاكية انخفاضا محسوسا على مستوى السوق الدولية وعلى رأسها أسعار الحليب ومشتقاته والزيوت النباتية، مقابل زيادة لأسعار السكر واستقرار نسبي للحبوب واللحوم حسب تقرير أعدته منظمة الأمم المتحدة للزراعة والتنمية صدر بداية الشهر الجاري. وأكدت الفاو من خلال التقرير أن أسعار المواد الغذائية الرئيسية تدنت بداية شهر أوت إلى أدنى مستوى لها، حيث عرفت هذه الأسعار انخفاضا بنسبة 19.4 في المائة قياساً على مستويات العام السابق، وأضاف تقرير الفاو أن انخفاض أسعار منتجات الألبان راجع أساسا لتراجع الطلب على الواردات من الصين والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي ظل وفرة إمدادات الحليب لدى الاتحاد الأوروبي، وهو ما جعل أسعار السلع الغذائية الرئيسية تعرف أدنى متوسط  شهري منذ أواخر عام 2009 نظراً إلى الانخفاضات الحادة في أسعار منتجات الألبان والزيوت النباتية.
وبلغ متوسط مؤشر منظمة "فاو" لأسعار الغذاء 164.6 نقطة في جويلية، بانخفاض مقداره 1.0 في المائة مقارنة بشهر جوان الماضي وبما يبلغ 19.4 في المائة قياساً على مستويات العام السابق. وتراجع مؤشر جويلية لأسعار الزيوت النباتية بنحو 5.5 في المائة مقارنة بمستوى جوان الفارط، ليصل بذلك إلى أدنى قيمة له منذ جويلية 2009. وأرجع تقرير الفاو هذا الانزلاق الأخير للأسعار، في المقام الأول إلى تراجع أسعار زيت النخيل دولياً، كرد فعل لزيادة الإنتاج في جنوب شرق آسيا وكذلك تباطؤ الصادرات خصوصاً من ماليزيا، فضلاً عن التراجع المستمر في أسعار زيت الصويا إزاء إمدادات التصدير الوافرة لدى أمريكا الجنوبية وأيضاً التوقعات المواتية للمعروض العالمي في الفترة 2015 /2016، وبالمقابل لم تعرف أسعار الزيت والحليب والمواد الغذائية الأخرى أي انخفاض على مستوى السوق الوطنية بل بالعكس فقد قدرت آخر معطيات الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين عن ارتفاع يصل الـ20 بالمائة في أسعار المواد الغذائية وهو ما يمثل مفارقة عجيبة من منطلق أن أغلب المستوردين يتحججون في كل مرة تعرف فيها أسعار المواد الغذائية زيادة في السوق الوطنية بزيادة الأسعار في البورصة العالمية في حين تغيب هذه الحجة تماما إن كان تغير الأسعار يمثل الانخفاض وليس الزيادة.
•    بولنوار: ارتفاع الطلب ونقص الإنتاج الوطني يجعل الأسعار ترتفع بغض النظر عما تعرفه في السوق الدولية

وحول هذا الموضوع يقول الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الحاج طاهر بولنوار في اتصال هاتفي مع "الرائد" أن أسباب بقاء أسعار المواد الغذائية على حالها في السوق الوطنية مقابل انخفاضها بالسوق الدولية راجع إلى جشع المستوردين الذين يعمدون لرفع الأسعار إذا عرفت ارتفاعا في السوق الدولية، بينما إذا انخفضت هذه الأخيرة على المستوى العالمي فإن المستوردين لا يقومون بتخفيض الأسعار، مستدلا بأسعار السكر التي انخفضت منذ ما يقارب السنة في البورصة العالمية، غير أن سعره في الجزائر لم يشهد انخفاضا. وفي السياق ذاته تطرق بولنوار إلى عامل ثاني يجعل الأسعار في الجزائر دائما مرتفعة وهو عامل ارتفاع الطلب على العرض، مشيرا إلى النقص الفادح في الإنتاج المحلي ومحدوديته، يساهم في بقاء الأسعار مرتفعة، حيث قال أن الجزائر تقريبا تستورد كل شيء من قمح صلب ولين ومعجنات وزيت، معتبرا أن الإنتاج على مستوى الدول العالمية المصدّرة شهد ارتفاعا كبيرا، مما أدى إلى انخفاض الأسعار عالميا، غير أن الإنتاج المحلي الجزائري في تدهور مستمر رغم مساعي الحكومة الأخيرة بمعية وزارة التجارة من أجل تشجيع الإنتاج الوطني وحملات التحسيس التي أطلقتها، وزيادة على كل هذا حمّل بولنوار وزارة التجارة مسؤولية الأسعار بسبب غياب الرقابة حيث أن أغلب هوامش الربح في المواد الأساسية لا يتم التصريح بها من طرف المستوردين، ما يفتح المجال أمام المضاربة والاحتكار، مؤكدا أن تدابير وزارة التجارة الأخيرة فيما يخص كبح الاستيراد وانعكاساتها على الأسعار تبقى ناقصة وغير كافية أن لم تكن هناك تكاثف لجهود جميع القطاعات المعنية كقطاع الصناعة والفلاحة.
•    رشيد بوجمعة: غياب الرقابة والتشريعات التي تلزم المستوردين بقوانين منطق اقتصاد السوق المفتوح ساهم في الوضع الحالي

من جهته قال المحلل الاقتصادي رشيد بوجمعة في اتصال هاتفي مع "الرائد" أن أسباب التفاوت الموجودة بين أسعار المواد الغذائية في السوق الدولية وبين أسعارها في السوق الوطنية راجعة لتحكم عدد من المتعاملين في كل عمليات الاستيراد، ما يخلق احتكارا حقيقيا لمجموعة من السلع وبالتالي التحكم في الأسعار وفقا لما يريده المستورد وليس لما تعرفه السوق الدولية من مؤشرات، مضيفا أن غياب المراقبة والتشريعات القانونية التي تلزم المستوردين بقوانين منطق اقتصاد السوق المفتوح، ساهم في الوضع الحالي وفتح المجال أمام هؤلاء المحتكرين لكسب الملايير على حساب المواطن الجزائري، وأضاف بوجمعة أن آليات تحديد الأسعار تتحكم فيها جملة من العوامل، أولها قيمة المنتوج في السوق الدولية بعملة التعامل، ثم تكاليف النقل والرسم على القيمة المضافة والرسوم الجمركية، إضافة إلى تكاليف تأمين البضاعة نحو الجزائر، وهنا تكون المضاربة بحيث يسيطر بعض الخواص، الذين يعدون أقل من أصابع اليد الواحدة، على عمليات الاستيراد وهو ما مكنهم من التحكم في أسعار المواد الغذائية، من خلال فرض أسعار مرتفعة، في غياب منافسة شريفة قادرة على تقديم أفضل الأسعار.


س. زموش

من نفس القسم الوطن