الوطن

استمرار الخلافات بين الفرقاء الليبيين يعطل تشكيل حكومة وفاق وطني

في ظل توتر أمني ودعوات للتدخل العسكري

 


رغم الإصرار الكبير من جانب الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة الليبية بتشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية بين جميع الفرقاء الليبيين، وتصرّ البعثة على تسمية الحكومة المرتقبة "حكومة وفاق وطني" برغم استمرار الخلافات وتباعد وجهات النظر من كلا الفريقين الأساسيين في ليبيا، مجلس النواب في طبرق، والمؤتمر الوطني في طرابلس، فبعض النقاط الخلافية حسب بعض المراقبين الليبيين، تحول دون تحقيق المسعى الأممي، وقد حاول المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، إنجاز المهمة من خلال حوار يبلغ عامه الأول الشهر المقبل بين فرقاء الأزمة الليبية، لكن حل المشكلة برأي قطاع واسع من الليبيين، قد لا يكون مرتبطاً بالتشكيل الحكومي.
تداولت مصادر إعلامية ليبية خبر تأجيل جولة الحوار التي كانت ستنطلق أمس الجمعة بالصخيرات المغربية، وحسب عضو في وفد المؤتمر الوطني العام فإن التأجيل جاء بطلب من وفد مجلس النواب في طبرق، هذا التأجيل لم تعلن البعثة عنه بعد، لكن المعطيات على الأرض تظهر بأن جولة الحوار التي ستناقش تشكيل الحكومة المرتقبة، والتي يسميها برناردينو ليون بـ "حكومة وفاق وطني"، هذا الوفاق يظهر أنه بعيد المنال حسب رأي بعض الليبيين، ويرجع هؤلاء السبب إلى استمرار الخلاف بين الحكومتين وبرلمانيهما من حيث بعض النقاط الإجرائية التي تحول دون الاتفاق على تشكيلة هذه الحكومة، كما أن دعوات مجلس النواب الليبي وحكومة طبرق لمساعدة عسكرية عربية لمواجهة داعش جاءت لتزيد من الانشقاق بين الليبيين، فالولايات المتحدة منذ أيام قالت إنها لن تدعم أي عملية عسكرية أو مساعدة للجيش الليبي ما لم يتوافق الليبيون على حكومة وحدة وطنية، ومنها يتوحد الجيش تحت راية واحدة، وهو نفس موقف الجزائر التي انتقدت القرار الذي أعلن عنه في الجامعة العربية بخصوص دعم ليبيا سياسيا وعسكريا، وحسب ما ذهبت إليه بعض الآراء في ليبيا، فإن دعم الحكومة في طبرق، سيزيد من الفرقة ويعطي لمجلس النواب مزيدا من القوة على حساب الشركاء السياسيين في طرابلس، يضاف إلى هذا استمرار التوتر الأمني في بن غازي وسيرت وبعض مناطق بطرابلس، فداعش يضرب على كل الجبهات، وقوات فجر ليبيا تتقاتل مع قوات حفتر، إلى جابب العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش ضد الجماعات الإرهابية، وكل ذلك لا يوحي بأن مسعى برناردينو في تشكيل حكومة وفاق وطني سيطول لوقت غير معلوم، وهو ما جعل حوار الصخيرات يتأجل إلى الإثنين أو الثلاثاء، كما أن ليون الذي بدأت مساعيه منذ أشهر برعاية حوار سياسي بين الليبيين، يكون قد دخل مرحلة الوقت بدل الضائع، وهو الذي صرح منذ أيام في جنيف أنه سيعمل جاهدا كي يذهب الليبيون إلى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل بحكومة وفاق وطني، وتحدث عنها كثيرا بنفس الاسم، لكن جولات الحوار التي انطلقت في 2014 تكاد تبلغ السنة على البدء فيها، ومع أنها حققت بعض التقدم من حيث جمعها لأكبر عدد من الفرقاء السياسيين الليبيين على طاولة واحدة في الجزائر والمغرب وجنيف، إلا أن المرحلة النهائية بقيت تراوح مكانها، فالحكومة في طبرق التي تحض بالشرعية، كان وزير خارجيتها قد قالها صراحة منذ أيام أن محاربة الإرهاب لا يمكنها انتظار تشكيل حكومة وفاق وطني، فالوزير محمد الدايري كان قد أكد على صعوبة الانتظار لحين تشكيل حكومة وفاق وطني في ظلِّ استمرار المذابح التي يرتكبها تنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة سرت، متسائلا "هل يمكننا الانتظار شهرين أو أربعة حتى التوصُّل لحكومة وفاق وطني وتستمر المذابح التي يرتكبها داعش؟!» والمدة الزمنية التي يتحدث عنها الدايري المقدرة بأربعة أشهر ليست هي المدة التي يطمح إليها ليون وهي قبل 21 سبتمبر المقبل، ولعل هذا الأخير الذي بدأ مساعيه منذ سبتمبر 2014 بجمع طرفي الصراع الأساسيين؛ "المؤتمر الوطني العام" ومجلس النواب المثيرين للجدل قانونياً وانتخابياً، في غدامس الليبية، قبل أن ينقل الجلسات إلى جنيف ثم إلى الصخيرات المغربية حتى يتمكن من توسيع دائرة المشاركين من كلا الطرفين، قبل أن يصل إلى ما أعلن عنه الأسبوع قبل الماضي في جنيف من قرب إعلان الأطراف الليبية "حكومة وفاق وطني"، الجولة المقبلة من حوار الصخيرات سوف لن تعدو أن تكون حسب تغريدات ليبيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كسابقاتها من الجولات، لأن حسبهم، وفي ظل هذا الوضع، لا يتوقع قطاع أن يفرز الحوار حكومة تنقذ الوضع في الجولة الجديدة، مع أن هذه الجولة التي ستنعقد هذه الأيام في المغرب، أدرجت البعثة الأممية فيها ملف تقديم أسماء مرشحي الطرفين لمن يرأس حكومة الوفاق الوطني.
ووفقا لما ذهبت إليه آراء الليبيين عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بعض الآراء رأت أن الوضع الأمني في ليبيا سيعطل تشكيل حكومة وفاق وطني، لأن كل الحكومة التي تشكلت قبل بدء الحوار لم تستطع حل الأزمة الأمنية، فالتحكم في الميليشيات هو الأمر الصعب حسب البعض، وهو الذي سيعيق عمل الحكومة إن حصل التوافق بشأنها، واتجه البعض الآخر إلى توجيه انتقادات للمبعوث الأممي الذي حسبهم لم يتسطع جمع كل الفرقاء والشركاء في إيجاد حل سياسي نهائي واكتفى بطرفين فقط.


إلياس تركي

من نفس القسم الوطن