الوطن

الجزائر تصرف الملايين على اللاجئين... والنتيجة مأساة

رغم الميزانية الكبيرة التي رصدت لإيوائهم إلا أن غياب الاستراتيجية زاد من معاناتهم

 

  • رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان لـ"الرائد": الحكومة غير جادّة في معالجة ملف اللاجئين


لا يزال مشكل اللاجئين الأفارقة مطروح في الجزائر بسبب الوضعية المزرية لهؤلاء وغياب استراتيجية واضحة للحكومة من أجل التكفل بهم وسط الحديث عن تكبد خزينة الدولة ميزانية 100 مليون دولار لإيوائهم في إطار المعاملات الإنسانية مع هذه الحالات، ما يبرر مطالب جمعيات حقوق الإنسان بفتح تحقيق معمق حول تسيير هذه المبالغ الضخمة والتي خصصت لملف المهاجرين دون تحقيق نتائج إيجابية ملموسة.
عرفت طرقات وشوارع المدن الجزائرية، عودة غير مسبوقة للمهاجرين الأفارقة رغم حديث وزراء في الحكومة في السابق عن استراتيجية تم تسطيرها مع مصالح الهلال الأحمر الجزائري للتكفل بهؤلاء اللاجئين إلا أن الواقع يختلف عن التصريحات حيث تكفي جولة صغيرة بالمدن الكبرى لملاحظة العدد الكبير من اللاجئين الأفارقة المشكلين من شباب، رجال، نساء وأطفال ورضع اتخذوا من الطرقات السريعة ومواقف السيارات مكان لهم في وضع مأساوي وكارثي بوصف تقارير منظمات دولية، لتتأزم وضعية هؤلاء اللاجئين أكثر مع صعوبة جمعهم في مراكز استقبال التي سرعان ما يغادروها ويتنقلون من ناحية لأخرى.
•    هذه هي مخاوف الحكومة من تشغيل اللاجئين

من جهتها لم تبد وزارة التضامن الوطني والأسرة ولا الهلال الأحمر الجزائري المكلف بهذا الملف أية ردة فعل حول وضعية هؤلاء اللاجئين في حين ذهبت وعود الحكومة بالترخيص لهم بالعمل في الجزائر ومنحهم شهادة إقامة لمدة سنة أدراج الرياح بسبب الوضعية الاقتصادية التي تعرفها الجزائر والتي لا تسمح برأي الكثير من الفاعلين في مجال حقوق الإنسان بتشغيل اللاجئين الأفارقة في مثل هذا التوقيت، حيث اختفت عروض العمل التي تحدثت عنها وزارة الداخلية ووزارة العمل التي كشفت في وقت سابق نيتها اعتماد صيغة استثنائية لتوفير فرص عمل مؤقتة للاجئين الأفارقة والسوريين، من خلال اعتماد مديريات التشغيل رخصا استثنائية لا تتجاوز مدة صلاحيتها السنة الواحدة، لفائدة الرعايا الأجانب اللاجئين بسبب ظروف حرب، ليبقى عمل اللاجئين الأفارقة في الجزائر هو التسول أو بعض الأعمال الشاقة الذي يتم فيها استغلالهم. وترجع بعض المصادر سبب تخلي الحكومة عن فكرة تشغيل اللاجئين سواء الأفارقة منهم أو السوريين أن مثل هكذا قرار تكون له تبعات سلبية مستقبلا حيث سيفتح بابا لمطالب قد يرفعها العمال الأجانب على غرار الحق في الإقامة ولجوء العديد منهم للزواج في الجزائر ما يزيد من ظاهرة الزواج المختلط.
من جهة أخرى اكتفت الحكومة وكإجراء استباقي لمعالجة الزحف الكبير للمهاجرين الأفارقة الفارين نحو مختلف المدن الجزائرية، بتشكيل خلية تفكير للتصدي لتنامي هذه الظاهرة عبر الحدود الجنوبية، وهي الخلية التي اقترحها الهلال الأحمر الجزائري وقد انطلقت في معالجة ملفات أزيد 20 ألف لاجئ ومهاجر سري، منتشرين بالجنوب وبعض ولايات الشمال، في حين تم تشكيل وحدات أمن متخصصة في الهجرة السرية بالولايات الحدودية، التي تعد بوابة الأفارقة للجزائر.
•    هواري قدور لـ"الرائد": وزارة التضامن تتبع سياسية منتهجة لطرد اللاجئين من خلال عدم تحسين وضعيتهم

وفي تقييمه لوضعية اللاجئين الأفارقة والسوريين في الجزائر هذه الفترة قال الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هواري قدور في تصريحات لـ"الرائد" أن الرابطة تتابع بدقة مآسي اللاجئين الأفارقة والسوريين في الجزائر، كاشفا عن واقع مأساوي وكارثي يعيشه الكثير من أفراد هذه الفئة من المهاجرين بعدما أصبحت تعرف طرقات وشوارع المدن الجزائرية عودة غير مسبوقة لهم، مضيفا أن هؤلاء اللاجئين يتلقون الصدقات من المواطنين في محطات القطار ومحطات النقل الحضري وعلى قارعة الطرقات شفقة من الناس على حالتهم المزرية، فيما يعبر عدد آخرون عن تذمرهم من شغلهم لكل الأماكن العمومية وامتهانهم التسول فضلا عن تخوفهم من نقلهم الأمراض. مؤكدا أن هذه الفئة من المهاجرين أصبحت تتعرض إلى المضايقات في بعض الولايات منها العاصمة ولاسيما في الأشهر الأخيرة بعد ما طالبت عدة أطراف السلطات بإعادة ترحيل المهاجرين الأفارقة إلى آخر نقطة دخل منها هؤلاء إلى الجزائر "وهي مهمّة قذرة ضدّ مبادئ حقوق الإنسان والدستور الجزائري وذلك من أجل إرضاء الاتحاد الأوروبي" حسب هواري قدور، الذي قال من جهة أخرى "أن أعراف الجزائر وتقاليدها لا تسمح لها بإعادة هؤلاء اللاجئين بالقوة وهو ما تطبقه وزارة الداخلية ولكن بعض الأطراف تريد طرد اللاجئين وهذا يعتبر مخالفا لكل الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان"، معتبرا أن عدم تحسين وضعية اللاجئين الأفارقة من طرف وزارة التضامن يدخل في سياق سياسة منتهجة للطرد هؤلاء.
•    مطالب بالتحقيق في وجهة ميزانية التكفل باللاجئين الأفارقة

وفي السياق ذاته أشار قدور إلى التقرير التي تحدث عن ملايير تصرف للتكفل باللاجئين في حين تبقى وضعيتهم مأساوية حيث طالب في هذا الصدد بفتح تحقيق معمق حول تسيير هذه المبالغ الضخمة التي قدرت بـ 100 مليون دولار والتي خصصت لملف المهاجرين الأفارقة دون نتائج ملموسة، معتبرا أن الخلل في ملف اللاجئين يكمن في عدم وجود التنسيق بين وزارة التضامن والهلال الأحمر الجزائري وكذا جمعيات حقوق الإنسان التي بإمكانها المساهمة في تحسين وضعية اللاجئين، مطالبا السلطات العليا توفير مقرات تتوفر على الشروط الضرورية واللائقة وضمان التكفل الغذائي المتابعة الصحية لهؤلاء اللاجئين توفير التعليم المدرسي لأطفالهم وحماية هذه الشريحة من العمال من استغلالهم واستعبادهم متابعة الشبكات الإجرامية التي تستغلهم وتدفعهم إلى التسول من أجل كسب المال على حساب كرامتهم وحماية هذه الفئة من الاعتداءات والعنصرية والتحرش الجنسي، كما أكد هواري قدور في حديثه أن الأفارقة المتطلعين إلى بلوغ الأراضي الجزائرية، يدفعون ما قيمته 1100 أورو لأشخاص يسهلون لهم قطع الصحراء في ظرف يومين، ثم يقومون بدفع ما قيمته 1500 أورو إضافية من أجل إدخالهم إلى الأراضي الجزائرية وبالضبط إلى ولاية تمنراست، مؤكدا أن جهات غير رسمية متابعة لملف الهجرة غير الشرعية قدرت عدد المهاجرين الأفارقة، الذين تسللوا إلى الجزائر من ولايات الجنوب الحدودية، مع دولتي مالي والنيجر بـ 50 ألف مهاجر، بينهم 6 آلاف طفل، فيما تمكنت الجزائر من إعادة نحو 1700 مهاجر إلى بلدانهم لا سيما النيجر.
س. زموش

من نفس القسم الوطن